المسرى :
تقرير : بشير علي
بينما تشهد اسعار النفط ارتفاعا مستمرا وسط توقع وزير النفط إحسان عبد الجبار أن تصل إلى 100 دولار للبرميل في الربعين الأول والثاني من عام 2022، مع انخفاض المخزون العالمي إلى أدنى مستوياته، تشهد البلاد ركودا اقتصاديا حادا في اسواقه وتجارته بشكلا ملحوظ.
وأظهرت بيانات أن الحكومة العراقية تدرس حاليا وضع موازنة اتحادية للبلاد لعام 2022 تعتمد سعر 50 دولارا للبرميل الواحد ، سعر أساس لدعم الموازنة الاتحادية وتخفيض مستويات العجز .
لايمكن الاستمرار بصعود الدولار
الكاتب الصحفي عباس الصباغ, يقول للمسرى، إن” من الطبيعي أن يتأثر العراق ذو الاقتصاد الريعي الاحادي بذلك، فلا يعد ذلك التعافي النسبي مصدرا ماليا موثوقا ومريحا، كونه جاء بشكل مؤقت قابل للانحدار السريع، ومن المفروض أن يؤهل الاقتصاد العراقي لتجاوز المحن التي مر بها، نتيجة تذبذب أسعار النفط هبوطا في السوق العالمية. هذا من ناحية ومن ناحية اخرى، إن هذا التعافي ربما لن يكون مستمرا للمدة الكافية للوصول الى تلك العتبة الكافية كما كان في السابق وقبل تدهور أسعار النفط التي يبدو أنها لن ترجع الى عهدها (الانفجاري) السابق، حين يكون البرميل في مقدوره أن يغطي جميع الفعاليات الاقتصادية كما ينبغي ذلك وضمن الاقتصاد العراقي المبتلى بالريعية منذ زمن بعيد”.
واضاف، أن” التعافي في الاسعار قد لا يكون بمقدوره أن يستوعب مواطن الاختلال الذي سبّبها تدهور أسعار النفط في الموازنات المالية في السنين الفائتة او التقليل من نسب العجز الكبير فيها، اذ تبقى التحديات امام تلك الاسعار كبيرة مثل تأسيس مشاريع استثمارية وستراتيجية تقوم بتنويع الاقتصاد وابعاد شبح الريعية عنه وتقليل احتكار النفط قدر الامكان، كاستثمار الغاز وبقية الموارد الاقتصادية الاحفورية، فضلا عن تأسيس شراكة وثيقة بين القطاعين الخاص والعام لتنويع الفعاليات الاقتصادية بأنواعها، لتدخل مباشرة في مضمار تقليل الاعتماد شبه الكلي على النفط. ولكن هذا يحتاج الى استثمار كامل للموارد المالية والثرواتية، اضافة الى البشرية وهو ما يتطلب ادارة رشيدة وخبرة اقتصادية عميقة مع ضرورة تحسين الواقع الاستثماري من جميع نواحيه، وهذا الامر ليس مستحيلا ولكنه يتطلب جهودا كبيرة ووقتا طويلا وصبرا أطول”.
توقعات بان يتعافي الاقتصاد مع استمرار صعود النفط
ومع التحول الإيجابي في اتجاهات أسواق النفط العالمية، يتوقع أن تتحسن الآفاق المستقبلية للعراق. وهذا ما يرصده الإصدارالجديد من المرصد الاقتصادي للعراق لربيع 2021 بعنوان “التقاط الفرصة للإصلاح وإدارة التقلبات” حيث يتوقع أن يتعافى الاقتصاد العراقي تدريجياً على خلفية ارتفاع أسعار النفط وارتفاع حصص إنتاج مجموعة (أوبك+)، مع توقع النمو في الناتج المحلي الإجمالي تدريجياً بنسبة 91 %في 2021 و36 %في المتوسط في عامي 2022-2023 ومن المتوقع أن يؤدي الارتفاع في عائدات النفط جنباً إلى جنب مع التأثير الناتج عن خفض قيمة العملة إلى تقليص العجز في المالية العامة إلى 45 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021.
وواجه الاقتصاد العراقي خلال عامي 2020 و2021 تحديات كبيرة ارتبطت بإنخفاض أسعار النفط جراء تفشي جائحة كوفيد-19 والقيود التي فرضتها نتيجة التباعد الاجتماعي وتوقف الأنشطة لاقتصادية وتراجع النمو الاقتصادي، ليشهد الاقتصادي العالمي أسوء أزمة منذ ثلاثينات القرن الماضي، في هذا السياق، شهد النصف الأول من عام 2020 ظهور موجات وانتشار سلالات جديدة ومتحورة من فيروس كورونا في العديد من دول العالم والتي أثرت تِباعاً على مسارات التعافي الاقتصادي.
هذه التحديات أدت الى نشوء مخاطر كبيرة أثقلت كاهل الاقتصاد العراقي (المُثقل أصلاً قبل الجائحة) مثل ارتفاع مستويات الدين ومضاعفة المشاكل الهيكلية والبنيوية الداخلية والخارجية، وارتفاع العجز بالموازنة وزيادة هشاشة المالية العامة، مما ولد ضغوطات على السياسة النقدية وعلى استقرار أسعار الصرف.