المسرى ..
تقرير : وفاء غانم
احكمت الظاهرة الرقمية قبضتها على العالم ، وخاصة بعد اجتياح جائحة كورونا , وسط بيئة مهيئة لمثل هكذا ظاهرة في معظم الدول من بينها الامارات وغيرها , بينما في العراق فالوضع مختلف تماما ، فالجائحة كشفت عن واقع الاستخدام الرقمي لدى العراقيين المليء بالثغرات , فيما اثبتت الحاجة الفعلية لتنمية المهارات الرقمية على وفق مناهج ما يعرفه العالم بالتنشئة الرقمية.
الأمية الرقمية
وتُعرف الأمية الرقمية بحسب اليونسكو على أنها “عدم القدرة على الوصول والإدارة والفهم والتكامل والتواصل وتقييم وإنشاء المعلومات بشكل آمن ومناسب من خلال استخدام التكنولوجيا والتقنيات الرقمية”. وهذا ماحصل في العراق وخاصة مع دخول المدارس الرقمية لتزيد من معاناة العراقيين في الجانب التعليمي والذي يشهد تدنيا ملحوظا ، متمثلا بتدهور المنظومة التعليمية بأكملها فضلا عن تهالك البنية التحتية. فيما يرى تربويون ومراقبون ان تجربة المدارس الرقمية لم تأتي في وقت وبيئة مناسبتين لما يعانية العراق من ازمات اقتصادية وامنية متتالية , فضلا عن ان معظم التلاميذ لايستطيعون مواكبة هذه المنظومات التعليمية الحديثة لانهم غالبا لايملكون القدرة المالية الكافية لذلك , فكثير من العوائل وخاصة في النواحي والارياف لاتوجد خدمة للانترنت او حتى اجهزة ذكية .
ووفقاً لدراسة أجرتها وزارة التخطيط العراقية بالتعاون مع البنك الدولي واليونيسيف فإن نحو 32% من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر، ففي العام الماضي وحده زادت نسبة الفقر في العراق بـ3% مقارنة بعام 2019، أي أن عدد من يعيشون تحت خط الفقر بلغ أكثر 12 مليوناً و600 ألف شخص.
ظرورة وليس استجابة لطارئ
واعتبر مركز الاعلام الرقمي في وقت سبق ، أن رقمنة قطاع التعليم في العراق لا ينبغي ان تكون اجراءً مؤقتاً، مشيرا الى ان التعليم الالكتروني ضرورة وليس استجابة لطارئ. مؤكدا أن “التحول الرقمي في قطاع التعليم ينبغي ان يكون وفق ستراتيجية مدروسة تمد الطلاب باجهزة وادوات رقمية للدراسة مثل اجهزة الكمبيوتر والاجهزة المحمولة و(الايباد اوالتابلت) واستخدام تطبيقات الحوسبة السحابية، وتكنولوجيا الواقع المعزز والواقع الافتراضي وغيرها لدعم التعليم المستمر (24 ساعة في اليوم و 7 ايام في الاسبوع”.
ويرى مشرفون تربويون ان وزارة التعليم لم تأخذ الموضوع بجدية كافية، فهي لم تقدم تعليمات واضحة للاساتذة والطلبة تبين لهم كيفية تحقيق تواصل فعال يؤدي اغراضه التعليمية على اكمل وجه.
توسيع رقعة الانترنت
وفي 25-08-2021كشفت منظمة اليونسكو في العراق، عن مبادرة لتزويد 3000 مدرسة بخدمة الأنترنت، مؤكدة أن المرحلة التالية هو توسيع ربط الانترنت لجميع المدارس في العراق.
وقال ممثل اليونسكو في العراق باولوفي تصريح صحفي : إن “هنالك مبادرة لتوفير الانترنت الى 3000 مدرسة، ستستخدم لتغذية معلومات البيانات المتعلقة بالتربية، التي تمكننا من اتخاذ القرارات الصحيحة، وتوجيه العملية التربوية بشكل صحيح”.
وأضاف أن “المرحلة التالية هو توسيع ربط الانترنت لجميع المدارس في العراق، وهذا من شأنه أن ينعكس ايجاباً على الأداء التربوي للمدارس”.
وأشار إلى أن” هناك قاعدة بيانات واستخدام للتكنولوجيا في قطاع التعليم، من خلال منصة نيوتن وغيرها، لكن بعد عام 2020 نسعى الى نظام إدارة المعلومات التربوية”.بحسب المنظمة
في كوردستان
من جانبها اعلنت حكومة إقليم كوردستان ، مؤخرا توقيع اتفاق تنفيذ المدرسة الرقمية، في الاثناء ذكرت القنصلية العامة لدولة الامارات العربية المتحدة/ اربيل ” أن المشروع يخص التعليم عن بعد ، وهو من المشاريع التي اطلقتها مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مجلس الوزراء بدولة الامارات”.
ووقع وزيرا الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد بالحكومة الاماراتية، عمر سلطان العلماء، ووزير التربية باقليم كوردستان ئالان حمه سعيد الاتفاقية خلال لقاء عبر دائرة الكترونية، برعاية القنصلية العامة لدولة الامارات بأربيل.
وقال وزير الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد بدولة الإمارات عمر سلطان العلماء ، في مراسم توقيع الاتفاق، إنها “تجسد العلاقات الأخوية العميقة.. وإن مشروع المدرسة الرقمية الرائد يطمح الى تعليم جيل المستقبل من الطلاب الذين سيخلقون الحراك الجديد الهادف لتحويل المنطقة الى رائدة تصدر العلوم والتكنلوجيا والابتكار الى العالم”.
واضاف أن “طموح دولة الامارات من وراء الاتفاقية كبير وان الجهد لانجاحها سيكون أكبر وصولاً الى تلبية الطموحات بتجربة ناجحة ومخرجات ايجابية”.
فيما شكر وزير التربية باقليم كوردستان ، ئالان حمه سعيد، دولة الامارات العربية المتحدة ومؤسسة مبادرات عالمية برئاسة محمد بن راشد لاضافة مجال آخر للتعاون مع اقليم كوردستان.
وبين أن الاتفاقية الجديدة “ستسهم بتطوير اواصر الاخوة والمحبة بين الشعبين”. في حين أكد وزير التربية باقليم كوردستان على أن وزارته ستعمل قدر الامكان الاستفادة من تجربة المدرسة الرقمية لحاجة الاقليم الماسة الاستفادة من هذه التجارب.
وبدأت المدرسة الرقمية عملها في شهر نوفمبر 2020 ضمن مرحلة تجريبية تضم 20 ألف طالب بهدف تجربة الأنظمة والمحتوى، ومدى ملاءمتها لجميع الفئات المستهدفة في مختلف الصفوف الدراسية، ودراسة مدى تفاعل الطلاب واستجابتهم للمناهج المعتمدة.ثم انطلقت بصورة رسمية مع انطلاق العام الدراسي الحالي 2021-2022 واستقبلت الدفعة الاولى، وتستهدف إلحاق أكثر من مليون طالب بهذا النوع من المدارس بحلول عام 2026.
وتتضمن مناهج المدرسة الرقمية دروساً ومواداً تعليمية رقمية في مواد الرياضيات، والعلوم، واللغة العربية، والحاسوب، واللغة الإنجليزية وغيرها، وستوفر جلسات الفصول الدراسية بطريقة افتراضية، تعتمد على التعلّم الذاتي والمحاكاة التفاعلية، والتعلّم القائم على الألعاب، وجميعها مدعومة بأنظمة تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي. وسوف تمنح المدرسة الرقمية شهادات دراسية معتمدة من أهم الجهات المختصة بالاعتماد الرقمي مثل كوجنيا (cogina) وهي منظمة غير ربحية تعمل على تقييم واعتماد المدارس والشهادات على المستوى الدولي.