المسرى :
تقرير : وفاء غانم
اثار تصريح وزير المالية علي علاوي حول تسريح الموظفين بعد 10 سنوات ، ردود افعال مختلفة في الاوساط السياسية والاقتصادية , وصفه المعنييون بالتصريح “المتشائم” من الممكن ان ينعكس سلبا على السوق المحلية , فيما وصفه اخرون بالخطير والمفاجئ.
وحذر وزيرالمالية في وقت سابق من خطر ومستوى تهديد كبير جدًا على المديات المتوسطة وخلال 10 سنوات من الان، بسبب استمرار العراق الاعتماد على النفط الذي يشكل اكثر من 90% من ايرادات الدولة، مشيرًا إلى ضرورة اتخاذ الاصلاحات القاسية منذ الان.
وقال علاوي في تصريحات تابعها المسرى ، إن “60% من استهلاك النفط العالمي يذهب الى قطاع النقل”، مشيرًا إلى أنه “بعد عام 2030 سيتم التوقف عالميًا عن صناعة السيارات التي تعمل على البنزين وحتى عام 2040 وستكون جميع السيارات تعمل على الكهرباء”.
وأوضح ان “مستوى التهديد كبير جدا على المديات المتوسطة”، مشيرًا إلى أن “الالتزامات التقاعدية خلال 5 سنوات سترتفع الى 25 تريليون دينار سنويا والان هي 19 تريليون دينار”، فيما اشار الى انه “خلال 10 سنوات سينهار سوق النفط والمبيعات تتراجع”.
واضاف انه “لن يكون امام العراق حينها الإ تسريح الموظفين وهذا الخيار سيخلق مشاكل سياسية كبيرة”.
واشار الى ان “العرض والطلب على الكهرباء في العراق والفجوة الكبيرة بين تكاليف توليد الكهرباء واستردادها عبر الجباية كبيرة جدا وتزداد عاما بعد عام”.
وبين أنه “عند التحضير الى موازنة 2022 فأن المطلوب من وزارة المالية ان توفر لقطاع الكهرباء مبالغ طائلة جدا تصل العام المقبل إلى20 تريليون دينار”، مشيرا الى انه “بالمقابل ليس لدينا اي نظام للحصول على تكلفة الانتاج واستردادها بواسطة التعرفة والجباية، وفقط 10% من التكلفة الكلية تسترجع”.
امر سابق لاوانه
الى ذلك عدّ عضو اللجنة المالية في البرلمان السابق والمرشح الفائز جمال كوجر ، التصريحات التي أدلى بها وزير المالية حول تسريح الموظفين بأنه امر سابق لاوانه.
ودعا كوجر في تصريح صحفي ، الوزير الى ان “لا يتحدث هكذا لان عمره بالحكومة انتهى وجميع أعضاء حكومته تحت مبدأ تسيير الأعمال فقط ولن يكون موجودا بعد عشر سنوات حتى يتوقع تسريح الموظفين”.
وقال ان “العراق متجه للإصلاح الاقتصادي في السنوات الأربعة المقبلة فكيف بنا ان نتحدث عن عشر سنوات لان هناك تغييرات إيجابية مهمة في السنوات المقبلة نحو الأحسن وكيف يطلق تصريح حول تسريح العمال”.
ولفت كوجر “إذا أردنا الحديث عن الملف الاقتصادي فيجب ان يشهد إصلاحات وهذا امر مهم لكن ان نصدر من الآن قرارات او توقعات بتسريح الموظفين امر غير صحيح”.
فيما اعتبر النائب السابق ظافر العاني في تدوينة تابعها المسرى (25 كانون الأول 2021)، تصريح وزير المالية حول نهاية عصر النفط وتسريح الموظفين “لم يكن موفقا “.
من جهته اكد عضو برلمان إقليم كوردستان مسلم عبد الله، انه لايجب ان يتحمل المواطنون أخطاء الحكومات المتعاقبة.
واستدرك عبد الله في تصريح صحفي لوسائل اعلام محلية ، إنه “ليس ذنب الموظف وجود فساد في السلطة وعدم وجود تخطيط حكومي”. “منذ سنوات والعالم كله يقول بإن الطلب على النفط سينخفض إلى مستويات متدنية، وبالتالي يجب الاستعداد لهذه المرحلة عبر الاعتماد على مدخولات جديدة مثل الصناعة والزراعة والقطاعات الأخرى”.
وانتقد عضو تحالف الفتح عباس الزاملي تصريحات وزير المالية حول تسريح الموظفين، معتبرا هذا الكلام غير منطقي وظلم وتجويع للشعب العراقي وهو امر مرفوض جملة وتفصيلا وعليه معالجة مليارات الدولارات اهدرها الفساد المالي والاداري.
ودعا الزاملي وزير المالية إلى السعي جاهدا للمطالبة بمحاسبة حيتان الفساد واسترداد أموال الشعب العراقي المنهوبة بدلا من التوجه لارزاق الموظفين الذين يعيلون ملايين النساء والأطفال والشيوخ .
اثارة الرعب ومطالبة بالمساءلة
من جانبه أكد خبراء اقتصاديون أن رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي مطالب بمساءلة وزير المالية بشأن تصريحه حول تسريح الموظفين بعد 10 سنوات.
الخبير الاقتصادي ضياء المحسن في تصريح صحفي اكد أن ” تصريح وزير المالية بشان تسريح الموظفين بعد 10 سنوات، أمر مستغرب لان العراق يجب ان يستفيد من الإيرادات المتحصلة من الثروات النفطية في البلاد لاستثمارها في مشاريع صناعية وزراعية لتطوير البنى التحتية في البلد، وهذا الأمر لم يركز عليه وزير المالية.
وأضاف المحسن، أن تصريح علاوي يعتبر مثلبة عليه وعلى الحكومة، كون الاخيرة طرحت (الورقة البيضاء) وصاحبت انطلاقها ضجة اعلامية بأنها ستغير واقع الاقتصاد العراقي الى واقع افضل.
وأوضح، أن رفع سعر صرف الدولار كان مطروحاً أمام الورقة البيضاء وحتى في اعداد الموظفين، وكان يفترض ان تكون هناك معالجات لهذا الموضوع.
وبين الخبير الاقتصادي، أنه “كان على رئيس الحكومة مساءلة وزير المالية عن تصريحه الذي سيؤثر على نفسية المواطن، مبيناً أنه “كان على الوزير أن يعرف معنى كلامه.
وأعرب المحسن، عن اعتقاده بان وزير المالية كان متقصداً لإثارة الرعب عند المواطن البسيط.
ووصفه اخرون بالتصريح “التشائمي” والذي قد ينعكس سلبا على الاسواق المحلية ، لأن الاقتصاد يحركه عامل التوقع، ودائما ما تلعب التوقعات عاملا مؤثرا بالنسبة لأسعار البورصة والأراضي والاستثمارات”.
رأي اخر
وكان للمراقبين وخبراء الاقتصاد رأي اخر حيث رأوا ان هذا التصريح جاء من أجل التوجه نحو اقتصاد السوق والتخفيف من أعباء الدولة والحد من الدرجات الوظيفية المبالغ بها لأغراض سياسية أو انتخابية أو أي لشيء آخر”، مبينين أن “الورقة البيضاء (التي أطلقتها الحكومة) لم تتضمن التوظيف، بل أكدت على التوجه نحو القطاع الخاص وتطويره وإيجاد فرص عمل وقانون تقاعد مجز”.
مسح جديد لاعداد الموظفين
وفي 8-26-2021 أكد وزير المالية علي عبد الامير علاوي ، ان 30 مليون شخص يعتمدون على رواتب الدولة، مبينا ان هذه الرواتب تشكل 65% من الموازنة.
وقال علاوي في تصريح صحفي ,ان “عدد الاشخاص الذين يتقاضون رواتب واستحقاقات بالدولة من موظفين ومتقاعدين وشبكة الحماية الاجتماعية ما بين 6.5 مليون إلى 7 ملايين شخص، وكل شخص يعيل 5 أشخاص لذا فان عدد الاشخاص يصل الى 30 مليون شخص وهو أمر غير صحي”.
واضاف ان “الرواتب التي يتقاضاها هؤلاء الأشخاص تشكل نسبة 65% من الموازنة”، لافتا الى ان “القرارات التي اتخذت خلال الفترات الماضية حول عملية التوظيف وتضخم الدولة بهذا الحجم لم تترك لدينا موارد اخرى حتى نتمكن صرفها للتنمية والتشغيل”.
واشار الى انه “ليس ضد التوظيف وإنما المشكلة تكمن في فقدان الانتاجية بالمؤسسات الحكومية”، لافتا الى ان “الوزارة بصدد إجراء مسح جديد لأعداد الموظفين تحت إشراف وزارة التخطيط للوقوف على العدد الحقيقي لهذه الأعداد”.