المسرى :
تقرير : بشير علي
يشهد العراق ارتفاعا كبيرا في عدد سكانه ، متخطيا الـ40 مليونا و150 ألف نسمة، بحسب آخر إحصائية لوزارة التخطيط، بعد أن كان 35 مليونا في العام 2015 ، في ظل الزيادة العالية بمعدل السكان.
مختصون انتقدوا ما وصفوه بغياب قانون تنظيم الأسرة، محذرين من أن يؤدي ذلك الى “صراع داخلي” وليس تنافسا على الوظائف فقط، في ظل استمرار معدل الولادات بهذا المستوى المتصاعد.
الاخصائي بطب الاسرة الدكتور عبد الرزاق الخالدي، أكد في تصريح للمسرى، أن “المراكز الصحية ووزارة الصحة ودائرة الصحة العامة، جميعهم لديهم حملات صحية توعوية وتثقيفية مكثفة فيما يخص تنظيم الأسرة وتحديد الإنجاب”.
واضاف، أن “هناك شُعبا خاصة في المراكز الصحية للتوعية بشأن الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وتحديدها والمشاكل الصحية والخطورة التي قد تصاحب المرأة التي لديها أكثر من طفلين أو ثلاثة”، مبينا “كما تتوفر في المراكز الصحية وسائل منع الحمل مجانا، والعمل قائم عليها باستمرار”.
وتشير توقعات وزارة التخطيط، المنشورة على موقعها الالكتروني الى ان نفوس البلد ستصل الى 51 مليونا بحلول العام 2030، إذ كانت الوزارة قد أعلنت أيضا أن العام الماضي، شهد تسجيل مليون و258 ألفا و28 ولادة.
وتأتي هذه الزيادة السكانية، بالتزامن مع أزمات عديدة يعاني منها البلد، أبرزها البطالة والفقر وارتفاع باسعار المواد الغذائية، فضلا عن موازنات لم تتضمن أي تخصيصات لتعيينات جديدة، بالاضافة الى تردي البنى التحتية.
ومن أجل كبح جماح هذا الارتفاع الكبير في عدد السكان، أطلقت وزارة الصحة استراتيجية لتنظيم الأسرة العراقية بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان تمتد من عام 2021 وحتى عام 2025، تتضمن سلسلة خطوات لتنظيم حياة الأسرة العراقية بشكل ينسجم مع وضعها المالي ويمنعها من الإقدام على الإنجاب من دون تخطيط مسبق.
وقالت ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق ريتا كولومبيا معلقةً على الاستراتيجية، إن “استخدام موانع الحمل الحديثة يبلغ نسبة 36 في المئة تقريباً داخل الأسر العراقية وهذا يعني أن العديد من الأزواج والأفراد الذين يحتاجون إلى خدمات تنظيم الأسرة لا يمكنهم الوصول إليها”، واصفةً هذا الأمر بـ”الانتهاك لحقوقهم الإنجابية”.
وأشارت كولومبيا إلى أن “صندوق السكان العالمي سيعمل بموجب هذه الخطة على تعزيز قدرات نظام الرعاية الصحية وتقديم خدمات عالية الجودة للأسرة العراقية ووضع احتياجات الصحة الإنجابية للشباب وذوي الاحتياجات الخاصة وخفض حمل اليافعات كأولوية في عملها داخل العراق ، إلا أن رغبة المنظمة الدولية في تطوير تنظيم الأسرة العراقية قد تصطدم بقناعات دينية واجتماعية ترفض خفض معدلات الإنجاب، وهي بحاجة إلى حملات توعية سواء من المنظمات الدولية أو المحلية أو رجال الدين لتغيير نمط حياتها.
وصرحت وزيرة الدولة السابقة لشؤون المرأة في العراق بشرى الزويني بأن “نسب الإنجاب عالية في المناطق الفقيرة داخل البلاد التي تعاني من مشكلات اقتصادية”، داعيةً إلى تدخل الدولة لتنظيم الأسرة في هذه المناطق من خلال التوعية عبر وسائل الإعلام ورجال الدين ومؤسسات المجتمع المدني.
وأوضحت الزويني أن “غالبية دول العالم تتجه إلى اعتماد سياسات منظمة تحافظ فيها على معدل الأسر بما يتناسب وقدرة الدولة وامكاناتها ومواردها، بالتالي نحن بحاجة إلى سنّ قوانين ونشر الوعي المجتمعي لدى الأسر العراقية للتقليل من الإنجاب”.
ويُعدّ العراق من الدول مرتفعة الخصوبة التي تصل إلى 3.5، في حين تتراوح في أغلب دول العالم بين 2 إلى 2.25 كحد أقصى، وفق الزويني، التي بيّنت أن هذه النسب أدّت إلى ارتفاع معدل السكان بشكل كبير في العراق.
ودعت الزويني منظمة الأمم المتحدة إلى دعم منظمات المجتمع المدني العاملة بالعراق في هذا الاتجاه، مبينةً أن “العراق تعهد من خلال مؤتمرات دولية بالتقدم في هذا المجال إلا أن الظروف السياسية عرقلت تنفيذ التعهدات”.
وأعلنت وزارة التخطيط، الجمعة الماضية ، عن توجهات لتنظيم الاسرة، فيما استبعدت امكانية اصدار قانون يحدد الانجاب.
وقال المتحدث باسم الوزارة، عبد الزهرة الهنداوي، في تصريح صحفي ، إن “العراق الآن غير مهيء لاصدار قانون يحدد الانجاب، بسبب القيم الاجتماعية التي تحكم الشارع العراقي”.
واضاف أن “هناك توجهات حول تنظيم الاسرة وليس تحديد الانجاب او النسل”، مبيناً أن “تنظيم الاسرة يقصد منه التباعد بين الولادات وتقليل الانجاب، لضمان حياة كريمة للأطفال وضمان صحة المرأة”.
يذكر ان وزارة التخطيط نشرت في وقت سابق إحصائيات ونسب جديدة لـ (11) ملفاً يخص المرأة والأسرة في العراق، من بينها تنظيم الاسرة.
يذكر أن آخر إحصاء للسكان في العراق كان عام 1997، وأظهر أن عدد السكان هو 22 مليون نسمة، ولم يجرى أي احصاء بعد ذلك لغاية الان.