المسرى :
تقرير : وفاء غانم
تصدر العراق وعلى مدى 9 سنوات متتالية قائمة الدول الاكثر حرقا لمادة الغاز, فيما عد ثاني أسوأ دولة في العالم ، من حيث حرق الغاز بعد روسيا ، بحرقه نحو 17.37 مليار متر مكعب من الغاز في 2020 .
وكشفت احدث التقارير ” تابعها المسرى ” ان العراق لا يزال أكبر مصدر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم من حرق الغاز وهو بعض أكبر منتجي النفط، بما في ذلك روسيا، أكبر عضو في الدول غير الأعضاء في أوبك في تحالف أوبك + ، والعراق ، ثاني أكبر منتج في أوبك.
وقالت منصة ( S&P Global Platts ) ، في تقرير لها أنه ” على الرغم من انخفاض حرق الغاز بنسبة 5 ٪ إلى 142 مليار متر مكعب في عام 2020 ، إلا أن سبعة منتجين رئيسيين للنفط وهم روسيا والعراق وإيران والولايات المتحدة والجزائر وفنزويلا ونيجيريا استمرت في كونها أكبر دول حرق الغاز لمدة تسع سنوات متتالية وفقا للبنك الدولي”. على الرغم من أن هذه البلدان تنتج 40٪ من نفط العالم، إلا أنها تمثل ما يقرب من ثلثي حرق الغاز العالمي. بحسب التقرير
وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن ” العراق أحرق عام 2016 ما مجموعه 17.73 مليار متر مكعب من الغاز، ثم ارتفع ذلك عام 2019 ليصل إلى 17.91 مليار متر مكعب يحرق في الأجواء.
ووفقاً للبنك الدولي، فإن العراق يحرق نحو 18 مليار متر مكعّب من الغاز المرتبط بالبترول سنوياً، ليصبح الأعلى عالمياً بعد روسيا. وتُعد تلك الكمية كافية لمد نحو 3 ملايين منزل بالطاقة، حسب وكالة الطاقة الدولية.
وخلال الأعوام الماضية، أُهدِر ما يزيد على نصف الغاز الطبيعي العراقي، إذ يُحرَق لعدم توفُّر بنى تحتيّة ومعدّات مناسبة لجمع الغاز في حقول النفط العراقية ثم استخدامه في عملية توليد الكهرباء.حسب خبراء اقتصاديين
وتفيد تقارير اقتصادية بأن العراق يهدر حوالي 62 بالمئة من إنتاجه من الغاز, أي ما يعادل 196000 برميل من النفط الخام يوميا، وفي هذا هدر مالي كبير، وهو كاف لبناء صناعة غاز جديدة بالكامل.
ويتهم متابعون لشؤون الطاقة العراقية المسؤولين في بغداد بعدم السعي لتوفير البنى التحتيّة اللازمة لاستغلال طاقتها من الغاز الطبيعي، مؤكّدين أن حرقه يسبب كوارث بيئيّة وصحيّة، مثل الاحتباس الحراري، وعديد الأمراض من ضمنها الربو والسرطان وارتفاع ضغط الدم.
وبينما يدفع العراق مبالغ كبيرة في استيراد الغاز الطبيعي من إيران، فإنه يحرق 10 أضعاف الكميات التي يستوردها منها، وذلك بحسب معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وبهدر يصل إلى 2.5 مليار دولار سنويا.
الغاز والكهرباء
وتتراوح كمية الإنتاج الكهربائي في العراق بين 18.5 و19 ألف ميغاوات، بحسب المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد العبادي، في حين تصل الحاجة الفعلية إلى 28 ألف ميغاوات,وان الخسائر المالية التي يتكبدها العراق جراء إحراق الغاز نحو 290 ألف دولار (في الحد الأدنى) لكل ساعة.
معوقات انتاج الغاز في العراق
وعن أبرز معوقات إنتاج الغاز في العراق، قال مختصون وخبراء اقتصاديون في تصريحات صحفية الى إن “التدخلات الكثيرة من قبل بعض المتنفذين والسياسيين تعيق أي مشروع تنموي بالعراق ومنها الغاز والكهرباء وإنشاء المصافي والبتروكيماويات”. وتابعوا أن “هناك آلاف الشركات العالمية الراغبة بالاستثمار في العراق، إلا أن هناك من يعرقل قدوم هذه الشركات لأسباب عديدة منها داخلية وأخرى خارجية”.
مصادر للتلوث والكوارث
ونقل تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية (INDEPENDENT) عن خبراء أن حرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط يعد العامل الرئيسي لتلوث المناخ، ويشكل خطرا داهما على صحة الذين يعيشون في الجوار، مسببة الإصابة بالربو وأمراض الرئة والجلد والسرطان.
وذكر التقرير أن العراق يعد من أكثر الدول ممارسة لهذه العمليات في العالم، والبصرة -المحافظة التي تقع فيها بلدة نهر عمر- هي المنطقة الأكثر تضررا في البلاد. وقد ندد السكان بخطورة هذه الممارسة اليومية التي تقتل الأطفال وكبار السن والضعفاء.
ووفقا لرئيس بلدية نهر عمر، ارتفعت معدلات الإصابة بالسرطان على مدى العقد الماضي بنسبة 50%، بوجود 150 حالة ضمن 1600 ساكن.
ولفت التقرير ايضا الى ان الكثير من الناس يعانون من احتراق الغاز المصاحب لاستخراج النفط، بينما يعاني العراق من انقطاعات كبيرة للتيار الكهربائي، ويستورد الغاز من الخارج لتشغيل محطاته الكهربائية.
وصنف جاسم عبدالعزيز حمادي، الوكيل الفني لوزارة البيئة والصحة، تلوث الهواء كواحدة من أكبر الأزمات التي يواجهها العراق. حتى أن دراسة العبء العالمي للأمراض، وهي أكبر دراسة للصحة العامة في العالم، وجدت أن عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم بسبب تلوث الهواء يفوق عدد الوفيات المسجلة منذ عام 2003,الى ذلك وصف محللون في مجال الطاقة الوضع في العراق بالكارثي.
وذكرت تقارير دولية أن ” التلوث النفطي والغازي في العراق لا يقتصر على الجنوب، بل تشهد المحافظات العراقية الاخرى المنتجة للنفط ذات المشكلة”. مع ذلك، ما يزال خبراء الصناعة يعتقدون أن الموعد النهائي لعام 2025 متفائل.
ويعتمد العراق خلال ما يزيد على عقدٍ ونصف العقد على إيران مورّداً رئيسياً للطاقة التي تبيعه إياها بأسعار باهظة تفوق متوسط السعر العالمي، فيما يواجه المسؤولون العراقيون انتقادات لاذعة في البلد الغني بالنفط لكنّ مواطنيه يعانون أزمة انقطاع التيار الكهربائي على نحو متكرر.
وفي السياق قال مدير عامّ المديرية الفنية في وزارة النفط العراقية، علي حمود في تصريحى صحفي ، بأن بلاده تتوقع إنهاء حرق الغاز في الحقول النفطية بحلول عام 2027.