المسرى :
تقرير : وفاء غانم
رغم الانفتاح الذهني والعلمي الذي طفى على السطح في الاونة الاخيرة الى ان ظاهرة العنف ضد الاطفال لازالت حاضرة وبشكل كبير في المجتمع العراقي عموما وفي الحرم المدرسي على وجه الخصوص.
وتكررت مشاهد تعنيف الاطفال من قبل المعلمين والتربويين في المدارس غير آبهين بالاثار والتبعات الخطيرة التي يخلفها هذا الفعل.
ثقافة متجذرة
يقول كتاب وباحثون اجتماعيون انه ” رغم اجراءات وتوجيهات وزارة التربية الصارمة عادة فيما يتعلق بمنع حوادث الضرب للتلاميذ وإهانتهم من قبل المعلمين العراقيين ومعاقبة من يقوم بذلك، لكن في المقابل ثمة بين صفوف المعلمين من يرى في الضرب والتقريع وسيلة للتربية والتقويم في حين أنها وسيلة منافية لحقوق الطفل والإنسان، وتسهم في ترهيب الطلاب الصغار وتنفيرهم من المدرسين و من العملية التعليمية برمتها “. مبينين ان” ثقافة الضرب المتجذرة التي انتقلت من المجتمع للمدرسة في العراق، تدل على عدم نضج ممارسيها من الكوادر التدريسية والتربوية، وعلى عدم صلاحهم وأهليتهم للاضطلاع بمهمات التعليم والإرشاد”.
وفي أحدث أمثلتها ،تناقلت وسائل إعلام محلية ، قبل ايام أنباء عن وفاة طالبة طردتها مدرسة ابتدائية في منطقة “الموصل الجديدة” غربي المدينة لعدم ارتدائها الحجاب ما فجّر غضباً واسعاً في البلاد، نعت وزارة التربية العراقية الطفلة.
في المقابل، أعلنت مديرية تربية نينوى، تشكيل لجنة تحقيقية عاجلة للتوجه فورا إلى مدرسة أغادير للبنات، لبيان ما تم نشره في وسائل الإعلام حول وفاة إحدى تلميذات المدرسة، بعد منعها من الدخول لأداء الامتحان، وإيلاء الموضوع الأهمية القصوى”.
وفي حادثة مشابهة اخرى ,تعرضت الطفلة رحمة 8 سنوات، لضربة في رأسها من قبل معلمتها في إحدى مدارس مدينة الموصل محافظة نينوى، والتي فقدت على إثر مضاعفات تلك الضربة القدرة على المشي، التي تسببت لها بشلل في أطرافها السفلية، حسب ما صرحت به أسرتها.
من جانبه تعهد وزير التربية العراقي، علي الدليمي، عبر الاتصال بالهاتف مع التلميذة رحمة، أنه سيتكفل بعلاجها لحين تمكنها من العودة لمقاعد الدراسة، وفق بيان صدر من وزارة التربية العراقية.
غضب الاهالي .. ارهاب تربوي
وأثارت هذه الحوادث البشعة، غضبا واسعا بين أولياء أمور الطلاب العراقيين ورواد الشبكات والمنصات الاجتماعية في البلاد، الذين اعتبروا ما حدث “إرهابا تربويا” بحق أطفال صغار لا حول ولا قوة لهم, منتقدين التعاطي الحكومي مع هكذا جرائم .
قوانين وانظمة قديمة
ويرى المعنيون ان” المنظومة التعليمية برمتها بحاجة لمراجعات عميقة وتحديثها معنى ومبنى، حيث تم سن ووضع العديد من قوانينها وأنظمتها قبل عقود في زمن النظام السابق، والتي كانت تتسم بالقسوة والعنف” .
وفي السياق قــال مـديـر الـعـلاقـات والإعـــلام فـي تـربـيـة نينوى سـامـي الـفـضـلـي في تصريح صحفي في وقت سابق : إنــه “تــم فـتـح لجنة تـحـقـيـقـيـة بـخـصـوص الـعـنـف الـــذي حـصـل ضد التلميذة رحمة عبد القادر من قبل معلمة في مدرسة الذاريات الابتدائية، ما تسبب بفقدانها القدرة على المشي نتيجة لذلك، إلى جانب متابعة الواقع التربوي فــي بــاقــي مـــدارس الأقــضــيــة والــنــواحــي ومـركـز المحافظة لمنع تـكـرار مثل هـذه الـحـالات، وأن يكون أسلوب التعليم بالمدارس حضاريا ومتطوراوبعيدا عن العنف والإكراه”.
وبخصوص التلميذة سما محمد،بين الفضلي انها توفيت خـارج مدرسة الأغـاديـر الابتدائية للبنات”، مبينا أنـه “لـم يـتـم طـردهـا مـن قـبـل المـديـرة بسبب عـدم ارتدائها الحجاب، وإنما الإدارة اجتهدت بأن ارتــداء التلميذات للحجاب سيحميهن مـن موجة البرد القارس”، نافيا “توجيه كتاب من قبل المديرية لإجبار الطالبات على ارتداء الحجاب”. وبين الفضلي أن “تـقـريـر الـطـب الـشـرعـي ستظهر نتائجه خلال الأسبوع الحالي”.
مستويات خطيرة … 4من بين 5 اطفال يتعرضون للعنف والضرب في المنزل او المدرسة
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة ( يونسيف ) قد حذرت في شهر سبتمبر الماضي، من تبعات العنف المتمادي ضد الأطفال العراقيين، والذي يبلغ مستويات خطيرة، حيث ذكرت المنظمة في تقاريرها أن 4 من بين كل 5 أطفال بالعراق، يتعرضون للعنف والضرب في المنزل أو المدرسة.
اطفال العراق بحاجة الى حماية وحقوق
فيما طالبت اليونسيف، الحكومة العراقية بتكريس آليات رصد ومتابعة لمرتكبي جرائم العنف والقتل بحق الأطفال وتقديمهم إلى المحاكمة، فالأطفال في العراق، بحاجة ماسة إلى حماية وضمان حقوقهم، وتوفير بيئة آمنة خالية من العنف وملائمة لتطوير قدراتهم وقابلياتهم على أتم حال, مأكدة المنظمة الأممية، بأنه ما من شيء يبرر العنف ضد طفل صغير، كما أن هذه الظاهرة لا بد من منعها وكبحها.