المسرى :
تقرير : وفاء غانم
على مدى عقود واجه قطاع الزراعة كغيره من القطاعات اهمالا, وسط غياب الدعم للانتاج الزراعي المحلي واعتماد الدولة على الاستيراد لسد حاجة المواطن , الامر الذي انعكس بشكل خطير على هذا القطاع والأمن الغذائي عموما في البلاد.
وتشير التقارير إلى أن التركيز على الاستيراد كان تحت تأثير الفساد الإداري المنظم ولو على حساب تشجيع الزراعة والمنتج الوطني.
ورغم أن الزراعة لا تساهم سوى بنسبة ضئيلة من الناتج المحلي الإجمالي للبلد الذي يعتمد في إيراداته على بيع النفط، إلا أنها ما زالت مصدرا لعيش الملايين من العراقيين، ويمكن لحدوث تغييرات كبيرة فيها أن يؤثر على حياتهم بشكل كبير.
مرحلة حرجة غير مسبوقة
ويوشك العراق اليوم دخول مرحلة زراعية حرجة غير مسبوقة، بعدما قلصت كلّ من تركيا وإيران إمدادات المياه في نهري دجلة والفرات بسبب إنشاء العشرات من السدود على منابع النهرين في كلا البلدين, فضلا عن التغيير المناخي الذي اثر على مناخ العراق ليلقي هو الاخر بظلاله على هذا القطاع .
وفي السياق اكد وزيـــر الـبـيـئـة المــخــول بـالـصـلاحـيـات الإداريـة والمالية والفنية جاسم عبد العزيز الفلاحي أن العراق من أكثر 5 دول تأثراً بلتغيير المناخي الذي طفى على السطح اخيرا ، موضحا أنها “أثرت بشكل كبير فـي تـدهـور الأراضــي وازديــاد معدلات التصحر والجفاف، وتقليص الرقعة الزراعية ومن ثم الأمن الغذائي” .
لافتا الى أن “التحذيرات عندما تطلق فيجب بذل المزيد من الجهود والتعاون من قبل المنظمات الـدولـيـة، ومـنـهـا منظمتا الأغــذيــة والــزراعــة والمياه (فاو) و(اكساد)، لمحاولة الحد من تلك التغييرات”.
معاناة المزارعين
وألقت عوامل الجفاف التي أصبحت مستمرة ودون أي حلول، بظلالها على معيشة المزارعين الذين وصل بهم الحال إلى عدم القدرة على توفير قوت عوائلهم.
ويعاني المزارعون من مشاكلة جمة تقف عائقا امام مصدر رزقهم الذي ربما يكون الوحيد ,حيث يجد معظم المزارعين في العراق أنفسهم عالقين بين تداعيات التغييرات المناخية التي أثرت على عمليات الإنتاج بسبب التصحّر الذي ضرب أراضيهم، وقلة الدعم الحكومي والذي يقول المسؤولون إنهم يسعون من أجل وضع خطة لدعم القطاع,ومن المشاكل الاخرى التي تواجه المزارعين هو نقص الكوادر المتخصصة في الصناعات الغذائية, فضلا عن ضعف الطاقة الاستيعابية لمعامل الصناعات الغذائية الزراعية خصوصا في بعض المواسم, بلاضافة تلف المواد الغذائية في المخازن غير المجهزة.
اكتفاء ذاتي لاكثر من 23 محصول
وفي الساق اعلنت وزارة الزراعة مؤخرا عن تحقيق فائض بثلاثة محاصيل، فيما كشفت عن آخر تطورات مباحثاتها بملف المياه مع تركيا وإيران.
ميثاق عبد الحسين الوكيل الفني للوزارة قال في تصريح صحفي ، إن “وزارة الزراعة حققت اكتفاء ذاتيا لاكثر من 23 محصولاً”، مشيرا الى أن “هناك فائضا بثلاثة محاصيل (التمور، الطماطة، البطاطا) يتم تصديرها الى الخارج”.
عبد الحسين اضاف ، أن “ملف المياه يتم العمل عليه على قدم وساق من قبل وزارة الموارد المائية واللجنة العليا للمياه، فضلا عن وزارة الزراعة”، مشيرا الى أن “مؤتمر الفاو عقدت على هامشه لقاءات جانبية مع الوفدين الايراني والتركي بشأن حصة العراق المائية”.
منوها أن “هناك تقدما بهذا الملف وسيتم عقد اتفاقيات مع الجانب التركي، الا أن هناك بعض التعثرات مع الجانب الايراني في هذا الملف”، مشيرا الى “استمرار المحاولات من اجل التوصل الى نتائج ايجابية تهم البلد في القريب العاجل”.
انعقاد مؤتمر الفاو بعد 54 عام
وبشأن مؤتمر الفاو، بيّن عبد الحسين ان “المصلحة الرئيسة المتحققة بانعقاد مؤتمر الفاو في بغداد هي عودة العراق الى الحاضنة الدولية الاممية، مبينا أن “مؤتمر الفاو لم يعقد في العراق منذ 54 عاماً”.
وأشار إلى أن “مؤتمر منظمة الفاو يعتبر البوابة للقاءات الثنائية مع الدول، فضلا عن توجيه البرامج الدولية بالتنمية واعادة الاعمار وتطوير الزراعة، اذ إن انعقاد المؤتمر في بغداد يقدم رسالة للمستثمرين في الجانب الزراعي، بأن العراق أصبح ارضا امنة وجاذبة للاستثمار”، موضحا أن “منظمة الفاو تمتلك الخبرات الدولية والعلمية باعتبار أنها تحوي على خبراء من اغلب دول العالم، وبالتالي يمكن توظيف هذه المعايير بالاتجاه الذي يحقق تطويرا وتنمية في البلاد”
الى ذلك اسـتـضـاف مـجـلـس الــنــواب وزيــري الـزراعـة والـتـجـارة لمناقشة تحديات الأمن الغذائي ومستحقات الفلاحين. وقـال الـنـائـب الـثـانـي لرئيس البرلمان شــاخــوان عـبـد الــلــه: إن “اسـتـضـافـة الـوزيـريـن تأتي على خلفية الجلسة الـتـداولـيـة خــلال الاثـنـين المــاضــي، إذ تـمـت خــلال الاســتــضــافــة مـنـاقـشـة ضمان الأمن الغذائي” .
فيما شدد عبدالله عـلـى “ضــرورة معالجة المشكلات التي تتعلق بنزاعات الملكية وقــضــيــة الــتــجــاوز عــلــى الأراضـــي الزراعية والاستيلاء عليها في عدد
مـن محافظات الـعـراق”، مشيرا إلى “إمكانية تضمين المستحقات المالية لفلاحي إقليم كردستان وباقي
محافظات الـعـراق للسنوات الماضية في مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2022 من خلال المناقلات وأبواب الصرف” .
الورقة الخضراء
وتعتزم وزارة البيئة إطلاق “الورقة الخضراء” لتعزيز التنوع في مجال الاقتصاد والطاقة.
وزير البيئة المخول بالصلاحيات الإدارية والمالية والفنية جاسم عبد العزيز الفلاحي قال في تصريح صحفي تابعه المسرى ، إن “العراق يطلق قريباً “الـورقـة الخضراء” وهـي ستراتيجية وطنية لتعزيز التنوع في مجالي الاقتصاد والطاقة، التي توازي في عملها “الورقة البيضاء” التي سبق أن أطلقتها الحكومة للإصلاح الاقتصادي”.
رؤية افتصادية شاملة
وأضاف أن “الورقة ستكون فاتحة جديدة لرؤية اقتصادية شاملة تعتمد على تعزيز القطاعات المنتجة كالزراعية والصناعية والسياحية، وتعزيز إيرادات الدولة وعدم الاعتماد على الوقود الأحفوري والنفط الخام كمصدر رئيس للاقتصاد”.