المسرى .. تقرير: فؤاد عبد الله
لايزال المشهد السياسي العراقي غامضاً ويحيطه الكثير من التعقيد بعد مقاطعة الكتل السياسية للجلسة الثانية لمجلس النواب، في وقت وعيون الأحزاب والتحالفات والكتل برمتها على المحكمة الإتحادية، وخصوصاً الحزبين الكورديين الإتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني، منتظرين قرارها حول موافقتها أو منعها من ترشيح هوشيار زيباري لمنصب رئاسة الجمهورية.
التحاصص
وفي هذا السياق يرى المحلل السياسي هاشم الجبوري أنه ” مع تشكيل كل حكومة بعد ٢٠٠٣ تبدأ التفاوضات المحاصصاتية بين الأحزاب والكتل، ويبدؤا تصعيد المواقف، ليس من أجل المواطن، وإنما من أجل الاستحواذ فقط على اكبر عدد من المناصب بما فيها الرئاسات الثلاث، مستندين في فعلهم هذا على الدستور، الذي ساعدهم لتأسيس هذا النظام” مبيناً أن ” ما يميز هذا الدورة عن سابقاتها، أن بعض القوى أدركت أن النظام مهدد بالانهيار بعد احتجاجات الشارع في 2019 ، وكذلك ظهور الانقسام في البيت الشيعي لأول مرة منذ ما يقارب 18 عاماً، وقد ساعده في هذا الانقسام تحالف بعض أطراف الشيعة مع بعض الكورد، ما خلق انقساماً في البيت الكوردي أيضاً، والذي يشكل بمجملها سابقة خطيرة وتأسيساً لعرف سياسي جديد قد لا يحمد عقباها مستقبلاً”.
تمديد الوقت
ويضيف الجبوري لـ( المسرى) أن ” ما يخص مسألة التجاوزات على الدستور، وتحديداً ما يخص فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية من جديد من قبل رئاسة البرلمان، بعد انتهاء مدتها القانونية، فهي تاتي لتمديد الوقت، بسبب عدم وجود بديل آخر في ظل نظام المحاصصة واعطاء فرصة للكتل لإنهاء مفاوضاتها، والذي بدوره هو بعيد كل البعد عن الدستور،لانه لا يوجد نص دستوري يعطي الصلاحية لرئيس البرلمان أن يتخذ هكذا قرار”.
مفارقة السياقات الدستورية
من جهته يقول المحلل السياسي الدكتور عمار البهادلي للمسرى إن ” تداعيات المرحلة السياسية بدات ملامحها منذ اعلان نتائج انتخابات 2021 ، وطرح مشروع حكومة الأغلبية الوطنية، الذي يفارق السياقات الدستورية والقانونية، خصوصاً وان تلك الأغلبية كانت وفق تفسيرات المحكمة الإتحادية في 2010 ، واضحة في معناها، وهي الذهاب إلى التوافقات السياسية وما ينتج عنها من أغلبية مريحة داخل قبة البرلمان”، موضحاً أن ” القوى السياسية الآن ارتأت أن تنفرد لوحدها برسم خارطة المرحلة المقبلة منذ انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان ، في محاولة لإقصاء الآخرين من الشركاء السياسيين، وكذلك عملت تلك القوى في سابقة هي الأولى منذ 2003 على كسر النصاب في الجلسة الثانية المخصصة لاختيار رئيس الجمهورية، وإفشال التئامها، بعد تيقنهم من صدور قرار يلوح في الأفق من المحكمة الإتحادية يقضي بعدم دستورية ترشيح مرشحهم للمنصب، لتعود تلك القوى مرة أخرى وترتكب خطأً دستورياً بإعادة فتح باب الترشيح للمنصب من جديد”.
خروقات لأهداف
وأشار البهادلي إلى أن ” انقضاء المدد الدستورية هو سبب تلك الخروقات والتجاوزات الواضحة على الدستور، والمتعمدة من بعض الأطراف السياسية خدمة لأهدافها، وكذلك مسألة الثلث المعطل للبرلمان، هو أيضاً بإمكانه تأخير أو إفشال تمريرمرشح رئاسة الجمهورية ما لم يكن هناك توافق واضح بين الكتل على المرشح، لذلك المسألة برمتها ( اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء) لايمكن أن تمرر بدون أن تكون هناك توافقات بين الأحزاب والكتل السياسية”، مؤكداً أن ” الأسقاطات السياسية ألقت بظلالها على المشهد الأمني في مختلف أنحاء البلاد ايضاً، ومحافظة ميسان نموذجاً، الذي أصبح يهدد السلم الأهلي والاستقرار الإجتماعي والأمني، وخصوصاً في المحافظات الجنوبية”.
مرحلة جديدة
ولمعالجة الانسداد السياسي في البلاد أعلن الاطار التنسيقي عن مبادرة دعا من خلالها كل القوى السياسية والشخصيات الوطنية إلى بدء مرحلة جديدة من التواصل والحوار لإنجاز الاستحقاقات الدستورية واستكمال المواقع السيادية بما يحقق شراكة حقيقية في إدارة البلد الذي هو ملك لجميع المواطنين.