المسرى.. تقرير: فؤاد عبد الله
أصبح الواقع السياسي العراقي مرهَقاً من ناحية الخلافات والتشنجات وعدم التوافق ما بين الأحزاب والكتل السياسية من جهة، وتشكيلُ الحكومة الجديدة، الذي كان مطلباً جماهيريا دعت إليه تظاهرات تشرين 2019، والتي توجت لاحقاً بإستقالة الحكومة واعلان أنتخابات عرفت بالمبكرة، بدل أن تعالج تلك الانتخابات الواقع السياسي المزري الذي كان سائداً في السابق، خلقت أجواء من الفرقة والتباعد بين الأشقاء والشركاء السياسيين منذ عام 2003.
صراع تنافسي
وفي هذا السياق يقول الباحث والخبير في الشأن السياسي الدكتور قحطان الخفاجي لـ( المسرى) إن “ما تشهده البلاد حالياً من انسداد في الوضع السياسي، هو نتيجة الصراع التنافسي المحتدِم بين أميركا وإيران في العراق، وبالتالي التوافقات التي كانت تحصل سابقاً، كانت الأساس لإيجاد أي مخرج لأي معضلة سياسية تطرأ، ولكن هذه التوافقات ليست موجودة هذه الأيام، بسبب وصول الصراعات بين طهران وواشنطن وصل حد اللعبة الصفرية، بمعنى انه لا مجال لأي مساومة فإما غالب أو مغلوب”، مبيناً أن “تلك الصراعات الخارجية أثّـر أو عطل الأمر على العملية السياسية في البلاد، وأغلقت الأبواب للتوافق”.
فرض أو توافق
وأشار الخفاجي إلى أن “الخلافات بين الكتل السياسية وصلت إلى أشدها، لذلك إذا أرادوا إيجاد مخرج للعملية السياسية، فتكون بإحدى الطريقتين، إما بطريقة فرض جهة معينة لذاتها على بقية الأطراف، فبالنتيجة ستكون البقية، جهة معيقة ومضادة ومعرقلة لأي عمل حتى وإن كان إيجابياً للقوى التي ستشكل الحكومة وفرضت نفسها بالسابق عليهم”، منوهاً إلى أن “الطريقة الثانية هي التوافقية بين القوى السياسية، ستكون العملية السياسية قد أنتجت حكومة مثل سابقاتها، وبالتالي ستكون هناك ردة فعل كبيرة من الشارع جراء تلك الخطوة”.
نفق للتعطيل
أما المستشار في المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية الناصر دريد فيقول لـ( المسرى) “بعد رفض المحكمة الإتحادية لترشيح هوشيار زيباري لمنصب رئاسة الجمهورية، يكاد يكون البلاد قد دخل نفقاً للتعطيل بشكل كامل، هذا من جهة، ومن جهة أخرى الدلائل تشير إلى أن الحزبين الكورديين لم يتوصلا لحد الآن إلى اتفاق على مرشح واحد للمنصب، وبالتالي عدم انتخاب برهم صالح، معناه تعطل العملية السياسية برمتها، أي تعطل انتخاب رئيس الوزراء لاحقاً”.
تبعات التأخير
وأشار دريد الى أن ” المحكمة الإتحادية هي من تتحمل التبعات والتأخير في اختيار رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة القادمة، بسبب القرارات التي أصدرتها في الآونة الأخيرة، التي فيها انحياز لجهة دون أخرى”، موضحاً أن “المحكمة الإتحادية عليها ضغوط من الأطراف السياسية، والبلاد تتقاذفه أهواء الوضعيات والصراعات السياسية، والعراق في هذا الوقت بأمس الحاجة إلى المؤسسات الحقيقية والمستقلة وفي كل المجالات، وبالأخص في مجال القضاء”.
واقع متشنج
ويرى المراقبون للشأن العراقي أن استبعاد مرشحين وتقديم مرشحين جدد أكثر مقبولية من المستبعدين لن يكون عاملاً أو دافعاً للخروج من هذا الواقع السياسي المتشنِج الذي تعيشه البلاد، وبالذات عند البيت الشيعي، لأن أستحقاق رئيس الجمهورية هو من حصة المكون الكوردي، وتحديداً للاتحاد الوطني الكوردستاني حسب العرف السياسي .