المسرى :
تقرير : وفاء غانم
“من الصعوبة بأمكان تغيير سعر صرف الدولار واعادته الى ماكان عليه لأن أضرار ذلك ستكون وخيمة”
تشهد الاسواق المحلية في البلاد عدم الاستقرار بسبب تذبذب أسعار صرف العملة في البلاد ,حيث انخفضت أسعار صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي بشكل كبير، امس السبت، في البورصة الرئيسية بالعاصمة بغداد، وذلك قُبيل اجتماع مجلس النواب مع وزير المالية علي علاوي، ومحافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف لمناقشة سعر الصرف.
في أواخر عام 2020 قرر البنك المركزي العراقي خفض قيمة الدينار المحلي أمام الدولار ، لاحتواء أزمة مالية كانت بغداد تعاني منها جراء تراجع كبير في أسعار النفط بفعل تداعيات جائحة كورونا. وتسبب القرار بارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية ,وهو ما أثر سلبا على أصحاب الدخل المحدود والطبقة المتوسطة.
“تسبب القرار بارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية ,وهو ما أثر سلبا على أصحاب الدخل المحدود”
اجتماع استثنائي للبرلمان
مجلس النواب عقد ، السبت ، اجتمعا استثنائيا مع محافظ البنك المركزي مصطفى غالب، لمناقشة سعر صرف الدينار مقابل الدولار، وإمكانية إعادته إلى قيمته السابقة التي كانت سائدة قبل الأزمة المالية، التي دفعت الحكومة قبل أكثر من عام إلى خفض قيمته من 1200 دينار إلى 1450 دينارا للدولار الواحد.
” الزاملي دعا الحكومة الى معالجة السلبيات الناجمة عن تغيير سعر الصرف وارتفاع أسعار السوق”
حاكم الزاملي النائب الأول لرئيس مجلس النواب الذي رأس الاجتماع اوعز بتشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق وجمع المعلومات ومتابعة عمل البنك المركزي العراقي، فيما دعا الحكومة الى معالجة السلبيات الناجمة عن تغيير سعر الصرف وارتفاع أسعار السوق ، أشار إلى ان المجلس سيتخذ الاجراءات اللازمة كافة في حال عجزت الحكومة عن ذلك وسيكون ملزماً باستخدام صلاحياته الدستورية بعلاج اثار هذا الموضوع .
وجاءت خطوة البرلمان بعد ساعات من بيان لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، تحدث فيه عن وجود تلاعب في ملف تحديد قيمة الدينار ومزاد الدولار الذي يرعاه البنك المركزي.
وكان الصدر قدم، الخميس الماضي ، 6 مقترحات بشأن سعر صرف الدولار، من بينها استدعاء وزير المالية ومحافظ البنك المركزي تحت قبة البرلمان، وتنظيم سوق العملة بصورة مركزية وسن بعض القوانين التي تزيد في قيمة سعر صرف الدينار العراقي.
تفاصيل جلسة البرلمان
مصدر مطلع كشف عن تفاصيل ما دار في الاجتماع الذي عقد أمس بين النائب الاول لرئيس البرلمان حاكم الزاملي ومحافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف بحضور رؤساء بعض الكتل النيابية أن “محافظ البنك المركزي أوضح بالتفصيل المكاسب التي تحققت للبلاد ازاء اعتماد سعر صرف الحالي للدولار مقابل العملة المحلية؛ بينها تسديد بعض الديون التي بذمة العراق لدول مثل الكويت إلى جانب رفد المشاريع الاستثمارية المهمة بالتخصيصات اللازمة”.
وفي السياق أكد مخيف على أنه “من الصعوبة بأمكان تغيير سعر صرف الدولار واعادته الى ماكان عليه لأن أضرار ذلك ستكون وخيمة على اعتبار ان المراهنة ارتفاع اسعار النفط لاتخلو من المغامره كونها متغيرة وغير ثابتة”. مشيرا إلى أن “اللجوء لرفع سعر صرف الدولار كان حلا وسطيا ومؤقتا وافضل بكثير من مقترحات بعض الحلول المطروحة كتقليل رواتب الموظفين او الاقتراض من البنوك الدولية وما يترتب ازاء ذلك من تبعات تضر بالاقتصاد العراقي”. فيما استبعد مصدر مسؤول في وزارة المالية العراقية، بشدة إمكانية تغيير سعر الصرف وخفض قيمة الدولار مقابل الدينار لما له من انعكاس سلبي على اقتصاد البلاد، وذلك بعد مطالبات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى إجراء مراجعة لهذا الملف.
المصدر قال ، إن تغيير سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الدينار العراقي جاء بعد انخفاض أسعار النفط الى ما دون 30 دولاراً للبرميل الواحد، وانخفاض العائدات المالية المتحققة من بيع الخام في نهاية العام 2020″. موضحا أن “سعر صرف الدولار امام الدينار العراقي ثابت ولا يمكن تغييره بسهولة”.
تحذيرات من خفض سعر الدولار
من جانبه قال عضو مجلس النواب مشعان الجبوري ” إن خفض سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية قد يؤدي إلى عجز الدولة العراقية عن دفع رواتب العاملين في القطاع العام في حال انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وذكر الجبوري على حسابه في “تويتر” اليوم، أن “خفض سعر صرف الدولار سيكلف الميزانية 10 مليارات دولار اضافية سنويا”، مردفا بالقول “اذا انخفض سعر النفط إلى 60$ ستعجز عن دفع الرواتب ولن تتمكن من تمويل مشاريع البنى التحتية”. واقترح بأن “تنصب الجهود على إيجاد وسائل لدعم الطبقة الفقيرة وخفض أسعار السلع الأساسية التي ترتبط باحتياجات ذوي الدخل المحدود”.
بدوره قال النائب المستقل باسم خشان في تدوينة تابعها المسرى إن “أغلب الأحزاب السياسية دعمت رفع سعر صرف الدولار، ومرت الموازنة التي أقر فيها سعر الصرف الرسمي الحالي بموافقة أغلب الكتل السياسية، وتم رفع سعر الصرف دون أن تتخذ الحكومة أية اجراءات لتعويض الخسائر الهائلة في رواتب الموظفين والعاملين وفقراء الناس.”
وأضاف أنه “لا بأس في ان تغير الاحزاب موقفها من رفع سعر صرف الدولار، لكن يجب أن تعبر هذه الاحزاب عن هذا التغيير بالوسائل الدستورية الديمقراطية الصحيحة”.
وعانى العراق وخلال السنتين الماضيتين من أزمة مالية هددت رواتب موظفيه، حتى قررت السلطات خفض قيمة الدينار مقابل الدولار إلى 1450 بدلاً من 1184، لاحتواء الأزمة، لكن القرار تسبب في ركود الحركة الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع في الأسواق المحلية.