المسرى
تقرير : هناء رياض
واخيراً اعلن العراق عن ترحيل اول باخرة لتصدير الكبريت العراقي الى الهند بقيمة تبلغ اكثر من 4 الاف طن
وتعتبر هذه الخطوة بداية لفتح باب للأستثمار العراقي في معادنه وثرواته الطبيعية بعيداً عن النفط الذي اعتمد عليه دون غيره طوال السنوات الماضية , ما جعله يهمل بقية الموارد اهمالاً تاماً ,
فعند الحديث عن ثروات العراق وموارده الطبيعية، يأتي النفط كأهم تلك الموارد وكأنه الوحيد بينهم , ولكن ماذا عن بقية المعادن التي تتواجد وبوفرة في ارض العراق ؟ ماذا عن الكبريت مثلاً ؟
إذ يضم البلد أكبر احتياطي عالمي من الكبريت الرسوبي في حقول المشراق جنوب مدينة الموصل والذي تقدر وزارة الصناعة العراقية احتياطاته بحوالي ثلثي الكبريت الموجود على الكرة الأرضية.
ويعتقد إن حقول المشراق تعد أكبر حقول الكبريت الرسوبي، حيث يقدر الاحتياطي العالمي بـ600 مليون طن، وتعد الأكبر في العالم، وتقدر احتياطاتها بقرابة 360 مليون طن.
ثروة العراق من الكبريت الرسوبي تعد الأكبر عالميا.
ولكن تلك الثروة مهملة كغيرها من الثروات المعدنية الطبيعية في العراق , فقد تظافرت العديد من الاسباب ما بين الفساد وسوء الأوضاع الأمنية وغياب التخطيط والإجراءات البطيئة، تظل ثروات العراق جاثمة في باطن الأرض إلى حين.
وحسب ذوي الاختصاص حقول كبريت المشراق تعد الأكبر في العالم من حيث احتياطاتها من الكبريت الرسوبي الخام، وأن استخداماته تتنوع ما بين الصناعات الدوائية والبارود والأسمدة والمبيدات وتعفير الحبوب الزراعية.
الا أن العمل متوقف فيها منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003 ما أدى إلى تلوث بيئي كبير؛ بسبب مخلفات الكبريت غير المعالجة، فضلا عن الطريقة البدائية التي كانت مستخدمة في الاستخراج، غير أن العراق لو استثمر في الطرق الحديثة لاستخراجه، فإنه سيحقق عائدا ماديا كبيرا للبلاد؛ بسبب خلو المنتج من المخلفات الكبريتية.
استخدامات الكبريت تتنوع مابين الصناعات الدوائية والاسمدة والمبيدات
الكبريت الرسوبي المنجمي هو ترسبات تراكمت عبر ملايين السنين، ويختلف عن الكبريت المنتج المصاحب لعمليات استخراج النفط والغاز، حيث إن الأول يضم العديد من المواد العضوية، وبالتالي يدخل في صناعات الأسمدة الفوسفاتية وحامض الكبريتيك والبارود والأدوية، كما يعد مبيدا نشطا للحشرات والآفات الزراعية.
تضم الشركة العامة لكبريت المشراق عدة خطوط إنتاجية، ومنها مصانع إنتاج مادة الشب (كبريتات الألمونيوم المائية) المستخدمة في تصفية المياه، حيث أعيد تأهيل هذا المصنع بعد استعادة القوات العراقية السيطرة على محافظة نينوى منتصف عام 2017، حيث ينتج المصنع 80 ألف طن من الشب سنويا، ويفوق بمواصفاته ما تستورده الدولة.
كما أن للشركة مصنعا آخر ينتج الكبريت الزراعي بمواصفات عالية الجودة، والذي يستخدم في القضاء على الآفات الزراعية، ويكون على شكل مسحوق (باودر) يعمل الفلاحون من خلاله على حماية محاصيلهم.
الاسباب الامنية وغياب التخطيط من أهم اسباب اهمال المنتج
أن السبب الرئيس لعدم إفادة العراق من كبريت المشراق يتمثل بسوء الأوضاع الأمنية خلال الفترة السابقة، فضلا عن غياب الصناعات التحويلية، الأمر الذي يستوجب تطوير وزارة الصناعة خططا فعالة لإعادة العمل بهذه الحقول وتصدير المنتج للعالم، خاصة أن ثروة العراق من الكبريت الرسوبي تعد الأكبر عالميا.
وفيما يرى خبراء الاقتصاد أن هناك تعمدا من الحكومات السابقة بعدم استثمار حقول كبريت المشراق، وغياب الرؤى الإستراتيجية لاستثمار الموارد الطبيعية الهائلة على غرار استثمار النفط والغاز. فأنهم يتأملون ان تكون هناك خطط بديلة للأستفادة من تلك الثروات كاحالتها للأستثمار على غرار مصانع الفوسفات في الأنبار (غرب البلاد) وشركة أدوية نينوى (شمال البلاد)
استئناف تصدير الكبريت يفتح باباً جديداً للاستثمار العراقي
أن المخزون الإستراتيجي من الكبريت العراقي الخام المستخرج منذ عام 1990 يقدر بـ90 ألف طن.
إضافة إلى وجود نحو 2 مليون طن من المخلفات التي تسمى بـ”الفوم”، التي تضم مخلفات كبريتية بنسبة 80%، ويمكن استخدامها مادة عازلة للرطوبة غير أنها غير مستغلة حتى الآن، وبدأت هيئة البحث والتطوير في وزارة الصناعة تفعيل آليات لاستخدام هذه المادة.
خبراء الاقتصاد : الصناعة المحلية لن تنهض مالم ترافقها حماية المنتج
أما ما يتعلق بتسويق المنتجات الكبريتية، فيؤكد خبراء الاقتصاد أن الصناعة الوطنية العراقية لن تنهض ما لم تعمل الدولة على حماية المنتج المحلي
ويذكر أن حقول كبريت المشراق تعرضت لـ3 حرائق، كان أشدها عام 2003 عقب الغزو الأميركي للبلاد، ثم في عام 2016 عندما أحرق مقاتلو تنظيم الدولة فضلات الكبريت في محاولة لعرقلة تقدم القوات الأمنية، وفي صيف 2019 امتدت ألسنة اللهب الناتجة عن حرائق حقول القمح والشعير لتصل إلى حقول الكبريت، ما تسبب بتلوث بيئي كبير.