لغرض الحصول على ملجأ يأويهم اتجه الكثير من العراقيين الى العيش في المساكن العشوائية, في الوقت الذي يعاني فيه اغلبهم من الفقر والبطالة وفق ماتظهره الاحصاءات الرسمية , فضلا عن الارتفاع الكبير في أسعار البيوت والأراضي وعجزذوي الدخل المحدود عن بناء وحدات سكنية خاصة بهم ,في ظل الأزمة السكانية الخانقة التي يعاني منها البلاد, وتزايد عدد سكانه قياسا بعدد المجمعات السكنية . فيما تقدر وزارة الاعمار والإسكان حاجة العراق الى ثلاثة ملايين وحدة سكنية لسد ازمة السكن في العراق.
مؤشرات واحصائيات صادمة
وتنامت ظاهرة المساكن العشوائية بشكل كبير في الاونة الاخيرة, ففي أحدث المؤشرات والإحصائيات الصادمة حول عدد وواقع هذه العشوائيات، كشفت وزارة التخطيط العراقية ، أن عدد العشوائيات بلغ 4 آلاف عشوائية منتشرة في كل المحافظات العراقية، وبواقع 3 ملايين و300 ألف شخص يسكنون فيها، موضحا أن محافظة بغداد تحتل المركز الأول لجهة وجود العشوائيات، بواقع 522 ألف وحدة سكنية.
معضلة كبيرة وخطيرة
ووسط هذا التنامي تحدث الهنداوي عن خطورة هذه الظاهرة والتي وصفها “بلازمة الخطيرة والكبيرة “. اما المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي فقال في تصريح صحفي في سابق ” أنّه لا يمكن حل هذه المشكلة إلا من خلال إصدار قانون، والبرلمان السابق قام بقراءة مشروع سن قانون السكن العشوائي مرتين، لكنه لم يصوّت عليه، ونأمل أن يكون القانون من أولويات البرلمان الحالي، لأن العشوائيات تمثل قضية خطيرة وكبيرة جداً.
وتضمّن مشروع القانون فقرة تشير إلى إنشاء صندوق خاص لمعالجة السكن العشوائي، يموّل من الموازنة أو المنح أو القروض التي يحصل عليها الصندوق من خلال ما يتم استيفاؤه من مبالغ من قبل المواطنين مقابل معالجة السكن العشوائي. الى ذلك باشرت الحكومة المحلية في محافظة ذي قار ، اليوم السبت، بإجراءات تمليك أراضي 30 ألف وحدة سكنية عشوائية في عدد من مناطق المحافظة.
معاون محافظ ذي قار غسان الخفاجي، قال في بيان تلقى المسرى نسخة منه ، إن ” اللجنة المشتركة المشكلة من قبل ديوان المحافظة عملت على جرد وحصر المواقع السكنية العشوائية تمهيدا لاكمال اجراءات المعالجة لغرض التمليك.
جملة عوامل ساهمت في استفحال الظاهرة
ويرى مراقبون للشأن العراقي ان ازدياد ظاهرة العشوائيات هي نتاج جملة عوامل، أبرزها هجرة أبناء الريف والقرى للمدن، على وقع شح الخدمات وترديها هناك،في الوقت الذي تعاني منه المدن من ذات المشكلة, بلاضافة الى تداعيات التغيرات المناخية التي يعاني منها البلاد.
تداعيات كارثية
هذا ويحذر المراقبون من أن العشوائيات التي باتت سمة غالبة في كبريات مدن العراق، أسهمت في تعميق حدة التفاوتات الطبقية والمجتمعية بين أبناء المدينة الواحدة، وأن بقاء هذا الملف معلقا سيخلف تداعيات كارثية على الأمن والسلم الاجتماعيين في البلاد.
ووفق تقارير محلية فأن معظم العشوائيات تحولت لأماكن سكن وتجمع الطبقات الشعبية الفقيرة والمعوزة، مما حفز الكثير من الجهات والعصابات التي تستغل البشر وتتاجر بهم وتوظفهم كعمالة رخيصة، على العمل على ترويج المخدرات فيها، وعلى خطف الأطفال والمتاجرة بالأعضاء البشرية، فضلا عن خطر تحولها حتى لبيئات خصبة لتغلغل الجماعات الإرهابية فيها.
وعود كثيرة ..ولاحياة لمن تنادي
فيما حمل اخرون السلطات العراقية مسؤولية استفحال هذه الظاهرة وأن الحديث الحكومي طيلة السنوات الماضية عن تخصيص ميزانيات طائلة لمشروعات إسكان وخدمات، في الواقع مجرد مشاريع وهمية وواجهة للتربح والفساد، وأنها مجرد وعود وداعيات انتخابية ليس الا. وفي نهاية العام الماضي، أعلنت الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي عن مبادرة “داري”، التي تضمّنت إطلاق منصّة إلكترونية لتلقي طلبات الحصول على قطع أرض سكنية من قبل المواطنين، للتخفيف من أزمة السكن التي دفعت فئة من العراقيين للسكن في العشوائيات، إلا أنّ التوزيع لم يتم حتى اليوم.