المسرى.. تقرير: فؤاد عبد الله
يشترك العراق في مياهه التي يحصل عليها من نهري دجلة والفرات مع كل من تركيا وسوريا وكذلك إيران، ولكن كثرة السدود التي بنتها دول المنبع الجارتين أنقرة وطهران على طريق تلك المياه، أثرت بشكل كبير على تدفق تلك المياه إلى دولة المصب العراق، ولا ننسى أيضاً البلاد شهدت في السنتين الماضيتين 2020 و2021 جفافاً في المياه وقلة في تساقط الأمطار ما يعنى التاثير الكبير والقوي الوضع المائي في العراق.
مفاوضات المياه
وفي هذا السياق يقول مستشار وزارة الموارد المائية عون ذياب لـ( المسرى) إن ” المفاوضات مع الجانب التركي قطعت شوطاً كبيراً، والأوضاع بين البلدين حول هذا الملف في تحسن، وأن وفدا برئاسة ممثل الرئيس التركي، المسؤول عن ملف المياه سيزور العراق بعد عطلة عيد الفطر مباشرة للقاء ممثل رئيس الوزراء وزير الموارد المائية، من اجل بحث موضوع المياه”، مبيناً أنه ” على ضوء هذه الزيارة سيتم التباحث بين الجانبين حول عدة مواضيع حيوية، منها موضوع مركز البحث العلمي المشترك، بالإضافة إلى موضوع الحصص المائية، وخوصاص حصة نهر دجلة”.
حصة عادلة
وأشار ذياب إلى أن ” الجانب العراقي يسعى وبكل طاقاته مع الجارة تركيا إلى تحديد حصة معقولة وعادلة من مياه نهر دجلة للعراق لأجل مواجهة احتياجاته المائية، وخاصة بعد ظهور علامات شح الجفاف الواضحة والكبيرة في البلاد ” ، مؤكداً أن ” المباحثات مع الجانب التركي تشمل أيضاً التغييرات المناخية الحاصلة والمؤثرة بشكل كبيرعلى العراق”.
ملف قديم
ويقول المتحدث باسم وزارة الموارد المائية علي راضي لـ( المسرى) إن” ملف المفاوضات مع الجانب التركي فيما يخص المياه، ليس بالملف الجديد وحديث العهد، وإنما يعود لعشرات السنين، وبين فترة اخرى يدخل الجانبان في لقاءات فنية مشتركة وزيارات متبادلة، ولا ننسى أيضاً أن الجانب السياسي والدبلوماسي له تاثير كبير على ملف المفاوضات”، منوهاً إلى أن” المفاوض العراقي يستند في مفاوضاته مع الجانب التركي على الدعم الكبير الذي تقدمه الحكومة العراقية له وخصوصاً في الآونة الأخيرة من رئيس الوزراء تحديداً”.
المتطلبات الرئيسية
وبين راضي إلى أن ” المفاوض العراقي يركز أيضاً في هذا الملف على المتطلبات الرئيسية للموضوع ، منها حق العراق بالزراعة وتامين المياه الصالحة للشرب والجريان البيئي وحصة الأهوار والاستخدامات الصناعية الكهرومائية والصحية وغيرها، وكلها متطلبات رئيسية وتاريخية للعراق”، مؤكداً أن ” العراق عمل بكد بخصوص ملف المياه داخلياً عن طريق وزارة الموارد المائية، بحيث منعت التجاوزات ورفعت مئات الدعاوى القضائية على المتجاوزين في سبيل السيطرة على المياه والتقليل من هدرها ومنع التجاوزعليها وتلويثها عن طريق الملوثات التي ترمى في الأنهارومحطات المجاري وغيرها، أو من ناحية التجاوز على الحصص المائية ومقاطع الأنهروخارجياً عن طريق التفاهم مع دول الجوار حول استحقاقات البلاد من المياه”.
التغيير المناخي
ومن جهتها تقول الخبيرة في شؤون البيئة لودي ريمون لـ( المسرى) إن” سبب الجفاف الحاصل في العراق سببه التغيير المناخي الذي أدى إلى قلة تساقط الأمطار، وقطع الحصص المائية المستحقة للبلاد من قبل دول الجواروالذي كان يغذي نهري دجلة والفرات، ما ادى أيضاً إلى جفاف الأنهر الفرعية التي كانت تتغذى عليها الأراضي الزراعية، مبينة أن” نتائج شح المياه للأراضي الزراعية أوصل الأمر بالفلاحين إلى أن يهجروا أراضيهم ، وبالتالي أراضيهم أصبحت غير صالحة للزراعة، وبرزت ظاهرة الهجرة العكسية من الريف إلى المدينة”.
ارتفاع الملوحة
وأكدت ريمون أن ” شط العرب بسبب نقص المياه التي تغذيها أصبحت نسبة الملوحة عالية ودرجة التلوث فيها كبيرة جداً، وبالنتيجة يشكل هذا الأمر خطورة على محافظة البصرة وتحديداً في عودة حالات التسمم كما كان يحدث سابقاً في العام 2018″.
استغلال الاوضاع
أما رئيس منظمة حماة دجلة علي الكرخي فيقول لـ( المسرى) إن” دول الجوار استغلت أوضاع العراق الداخلية الصعبة منذ 2003 وقامت ببناء العديد من السدود والخزانات على نهري دجلة والفرات لمصالحها الخاصة ، دون النظر بحق والعراق والعراقيين وتشاركهم بتلك المياه، وبالتالي تم قطع المياه عن العراق بنسب تصل إلى 70% والتي تمثل الواردات الطبيعية لنهري دجلة والفرات”، موضحاً أن” الجانب العراقي في الملف يظهر لحد اللحظة بموقف الضعفي والخجل حول السلوكيات التي تتبعها دول الجوار في موضوع المياه، اضف إلى ذلك أنه لا توجد لغاية اليوم أي اتفاقية واضحة وصريحة حول النسب المستحقة من تلك الدول للعراق”.
جفاف ساوة
ومن جهته أشارمدير بيئة محافظة المثنى يوسف سوادي لـ( المسرى) إلى أن” مياه بحيرة ساوة انحسرمنذ عام 2014 وقد تمت ملاحظة هذا الشيء، وهو ما أثر على واقعه البيئي، وتحولها من منطقة غنية بالاحياء إلى منطقة خالية من الحياة البرية”، مؤكداً وجود عدة اسباب لاندثار مياه البحيرة منها طبيعية ومنها بشرية،” فالطبيعية متمثلة بوجود بحيرة ساوة ضمن منطقة صحراوية بالمثنى ومتأثرة بالتغييرات المناخية العالمية بشكل عام والعراقية على وجه الخصوص من قلة تساقط الأمطار وكثرة العواصف الترابية والتي أثرت سلباً على واقع المياه والبيئة في هذه البحيرة”.
انغلاق المسامات
وأوضح سوادي أن ” العامل الثاني المؤثر في انحسار البحيرة هي الحركة التكتونية الأرضية والتي سببت انغلاقاً كبيراً في المسامات والعيون التاي تغذي هذه البحيرة بسبب الزلازل التي حصلت في البلاد خلال السنوات الماضية”، فيما يتعلق بالسبب البشري لاندثار البحيرة يقول سوادي إن” كثرة الآبار المحفورة جوانب وأطراف البحيرة لأغراض زراعية وصناعية، سيما معامل الملح والإسمنت القريبة من البحيرة، قامت باستنزاف الكثير من المياه الجوفية التي كانت تغذي بحيرة ساوة”.
انخفاض إلى النصف
وبحسب تصريحات المسؤولين والمختصين في شؤون المياة والبيئة فإن مخزون المياه في العراق انخفض إلى النصف مقارنة بعام 2021 جراء قلة تساقط الامطار وانخفاض واردات الانهار من دول الجوار،ورغم كون العراق بلداً غنياً بالنفط والغاز إلا أنه أحد البلدان الخمسة في العالم الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحرمستقبلاً.