المسرى ..
اعداد .. محمد البغدادي
إزاء استفحال ظاهرة الطلاق تحدث عنها مجلس القضاء الأعلى في بيانات رسمية عدة، عازياً ارتفاع معدلاتها في البلاد إلى أسباب اجتماعية واقتصادية، فضلاً عن تدهور الوضع العام وتصاعد نسب البطالة وأزمة السكن.
وأشار القضاء، إلى أن “معالجة ظاهرة الطلاق تتطلب جهدًا كبيرًا وتعاونًا من جميع الجهات المسؤولة إلى جانب دور التشريعات، ولاسيما أن القانون العراقي لا يجرم الطلاق خارج المحكمة”.
وسجل القضاء العراقي، ستة آلاف و606 حالة طلاق خلال شهر آذار/مارس المنصرم، تضمنت أربعة آلاف و565 حالة تصديق طلاق خارجي، وألفاً و950 حالة تفريق بحكم قضائي، مقابل خمسة آلاف 743 حالة سجلتها في الشهر الذي يسبقه.
ودعا إلى “تجريم الطلاق خارج المحكمة، وتشريع قانون يمنع زواج القاصرين، وتغريم من يقوم بهذا الفعل ومعاقبته؛ للحد من حالات الطلاق”.
يذكر أن ليست هذه المرة الأولى التي تسجل فيها المحاكم العراقية أعداداً كبيرة من حالات الطلاق بين الأزواج؛ إذ إنّ السنوات الخمس الماضية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في النسب، ما دق ناقوس الخطر لمنظمات المجتمع المدني وناشطين ومحامين، مطالبين السلطات في الدولة بإيجاد المعالجات والحلول ومعرفة المسببات التي أوصلت المجتمع إلى هذه الحال.
أسباب ارتفاع حالات الطلاق
تقول لقاء وردي، وهي عضو سابق في مجلس النواب ، إن “هناك عدة أسباب للطلاق ومن أبرزها تأثير العولمة وما يطرح على مواقع التواصل الاجتماعي وعدم إدراك الشباب لماهية الزواج والغاية منه وما يترتب عليه من واجبات وحقوق”.
وتضيف وردي خلال حديث صحفي ، أن “زواج القاصرات وزواج الفصلية على الرغم من محدوديته في المجتمع إلا أنه أحد أسباب تزايد حالات الطلاق، وذلك بسبب الجهل وقلة الوعي فضلاً عن الحالة الاقتصادية المتدنية بين الفئة التي تنتشر فيها هذا النوع من الزواج”.
وتتابع وردي، أن “بعض الأهالي قد يلجؤون إلى تزويج ابنتهم للاستفادة المادية منها أو قد تكون تشكل عبء عليهم معتقدين أن زواجها قد يرفع عنهم بعض التكاليف”.
وتعلل وردي، أن “السبب الرئيسي لتزايد حالات الطلاق هو جهل الشباب والابتعاد عن الواقع وعدم التثقيف لهذه الفئة قبل الزواج من قبل الأهل والمؤسسات، ما يدفعهم نحو خيار الطلاق في أول مشكلة تعصف بحياتهم الزوجية”، مبينة أن “تزايد نسب الطلاق تؤدي إلى عزوف الكثيرين عن الزواج في الوقت الحالي”.
ويشترط قانون الأحوال الشخصية في العراق، أهلية الزوجين وإكمالهما سن الـ18 عاماً، وفي حال عدم بلوغ أحدهما السن القانونية يحق للقاضي أن يأذن بعد الاطلاع على أهليته وأخذ موافقة وليه الشرعي.
وفي السياق، يعتبر المحامي مؤيد عبيد، أن “الفقر والحاجة من أهم مسببات تزايد حالات الطلاق فضلاً عن عدم احترام وتقديس الرابطة الزوجية وهي النواة الصلبة للمجتمع العراقي”.
ويضيف عبيد في حديث صحفي ، أن “العنف الأسري له دور أيضاً في تزايد حالات الطلاق مؤخراً ويعود السبب إلى التنشئة الخاطئة للزوجين المبنية على العنف والحياة الصعبة”.
ويوضح عبيد، أن “جهل الزوجين بحقوقهم الشرعية والقانونية يؤدي إلى تعارض التعامل بينهم في حياتهم اليومية فتكون بداية الخلافات بينهم ممهدةً لانهيار حياتهم الزوجية”.
إلى ذلك، تؤكد الناشطة المجتمعية كوثر المحمدي أن “الفقر يتصدر المرتبة الأولى في مسببات الطلاق، وكذلك ضعف التأهيل بالنسبة للأزواج فهم أما يكونوا ذوي سلوك غير سوي اتجاه بعضهم أو اتجاه أطفالهم أو حتى مع أنفسهم”.
وفي حديثها الصحفي ، تضيف المحمدي أن “المخدرات والخيانة بدأت تعتبر كمنفذ يهرب إليه الاثنان من المشاكل الأسرية على حد سواء مع ارتفاع نسبة سلوكه من قبل الرجال”.
وعن الإجراءات المتخذة، تؤكد المحمدي “سعي منظمات المجتمع المدني لردم الفجوات وإحداث التغييرات، بفتح مراكز استماع وتلقي حالات العنف الأسري واستقبال دعاوي الطلاق ومحاولة الإصلاح بينهم، وكذلك توعية الفتيات على الصحة الانجابية وتمكين النساء من المهارات الحياتية، وكذلك الأمر بالنسبة للدعم الاقتصادي والسعي لتوفير فرص عمل للأسر الفقيرة والشباب العاطل”.
وتتفاقم مشكلة ارتفاع حالات الطلاق بالتزامن مع موجات الفقر التي ضربت محافظات عدة، فضلاً عن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية التي يعاني منها الشعب العراقي على نحو مستمر، وانشغال الحكومة والأحزاب بالصراعات دون أدنى محاولة لمعالجة مشاكل المجتمع.