الكاتب.. مهند الهلالي
تداولت مراكز القرار السياسي ووسائل الاعلام منذ اشهر مصطلح الانسداد السياسي للتعبير عن انعدام الحلول التي من شأنها اخراج البلاد من وضعها الحالي والمسير بها الى بر الأمان من خلال اكمال انتخاب المؤسسات الدستورية العراقية وابرزها مؤسستا الرئاسة والحكومة بعد ان توقفت العجلة عند انتخاب البرلمان وهيآته الرئاسية وبقاء الوضع شائكا معقدا بانتظار تقديم تنازل من قبل احد الأطراف الرئيسة دون جدوى.
ان التطور الأخير المتمثل بإستقالة نواب الكتلة الصدرية صاحبة العدد الأكبر من المقاعد والعنصر الفاعل في التحالف الثلاثي الذي ضم أصحاب المقاعد الأكثر عددا من الاطياف العراقية الرئيسة ، هذا التطور يعد في حال اصر التيار الصدري على المضي قدما في خطوته سالفة الذكر نقطة تحول كبيرة في المسار السياسي لما بعد الانتخابات الأخيرة أي بمعنى انه يعد نهاية رسمية للتحالف الثلاثي المذكور وبالتالي فأن الخيارات باتت مفتوحة على جميع الاحتمالات وابرزها طبيعة الائتلافات القادمة مع ارتفاع نسبة عودة صقور العمل السياسي الى الواجهة مجددا فضلا عن طبيعة الحكومة المقبلة وما اذا كانت محاصصاتية ام حكومة خدمات او ربما حكومة طوارئ في حال عجز الجميع عن إيجاد أرضية مشتركة للتفاهم بحده الأدنى ، لذا فأن انفتاح الخيارات السياسية بهذا الشكل الخطير قد يفتح خيارات شعبية لا تقل خطورة هي الأخرى عن ما ذكرناه في الجانب السياسي ومن بينها غليان الشارع الذي يبدو انه مهيأ للانفجار في حال عجز القائمين على القرار السياسي عن إيجاد الحلول الناجعة لمشاكل الشعب الرئيسة فيما يتعلق بالخدمات والبطالة والكهرباء والطاقة والمياه وبعض الأولويات الأخرى التي تهم المواطن البسيط الذي ينأى بنفسه عن خصومات السياسة ويصب جل تفكيره فيما يجنيه من ساسته والمتعلق بتوفير متطلبات الحد الأدنى لحياة كريمة وهذا واجب هؤلاء الساسة بحسب تقدير المواطن.
ان الأولويات الشعبية بحسب قراءتنا للواقع المجتمعي العراقي على الأعم لا تكترث بسين او صاد من الوجوه السياسية لاستلام زمام السلطة او تشكيل الحكومة ولا تكترث لطبيعة تلك الحكومة ومغانم من سيشكلها ونسبة ارتفاع تلك المغانم او انخفاظها بقدر أهمية ما ستعمل على تحقيقه الحكومة المقبلة لتخفيف حالة الاحتقان الشعبي جراء التراجع في الملفات التي تطرقنا الى بعضها.
ما تقدم يدفع بنا الى تذكير من تهمه المصلحة العليا للبلاد اذا كانت من ضمن أولوياته او تبقى منها شيء لغاية الان بأن الكرة ما تزال في ملعبه وانه لم يخسر المباراة بعد ، غير ان صافرة الحكم لم يتبق لها الا دقائق معدودات كون المباراة انتهت بوقتها الأصلي وان اعلان الحكم صافرته يعني عدم استطاعة العودة في الوقت الى الوراء ، وان تفادي الخسارة التي نرى ان الجميع سيكون متضررا جراءها يمكن للقائمين على الوضع الحالي تجنبها لو كانت هناك نية صادقة لتفادي النتيجة الحتمية لكل ما حصل ويحصل على مدى قرابة العشرين عاما التي مضت ربما يتبادر سؤال للقارئ الكريم او من يهمه الموضوع سواء من السياسيين او المقربين لهم الذين يمثلون الحلقات المحيطة بهم بسلبياتها وايجابياتها ، السؤال هو كيف يمكن تخطي الازمة وتفادي الخسارة الكارثية والهروب بالمباراة نحو الامام ؟
الجواب لن يكون صعبا او فلسفيا بقدر ما يمثل السهل الممتنع على ما يبدو عن ساستنا ولعله يكون سهلا ممكنا في حال كانت هناك صحوة لمن نعنيهم بحديثنا ، الصحوة تتمثل بترك الخلافات الشخصية والسياسية جانبا او ترحيلها الى مرحلة لاحقة والتفرغ بشكل تام لمعالجة مشاكل الناس المستعصية لسنين طوال وسط استغراب الشعب وذهوله من حالة العجز حيالها رغم امتلاك البلاد لكل موارد العيش الرغيد ، وعند ذلك فأن الحلول ستأتي مجتمعة دون تقسيط او عراقيل او عصا في عجلة البناء والاعمار والتطور ولا نعتقد ان هذه النتيجة الإيجابية فيما لو تحققت ستحرم من يفكر في الاستفادة الشخصية من مصالحه التي ربما سترتفع مع نهضة العمل وثقة الناس ورضى الله تعالى.