أكدت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة سلام سميسم أن العراق يعاني من غياب الرؤية الاقتصادية، محذرة من إنهيار الاقتصاد في حال إنخفاض أسعار النفط وعدم تفعيل القطاعات الصناعية.
وقالت الدكتورة سلام سميسم خلال مشاركتها في برنامج شؤون عراقية والذي يعرض على شاشة قناة المسرى، إن تقرير صندوق النقد الدولي الذي قال بأن اقتصاد العراق هو الاكثر نموا بين البلدان العربية تقرير غير صحيح من الناحية الفعلية لأن زيادة النمو المتحققة في الاقتصاد العراقي هي زيادة رقمية وهي مثل فقاعة لأنه لا يقابلها أي زيادة في القطاعات المادية الإنتاجية.
خبيرة اقتصادية: نجاح الحكومة الجديدة يعتمد على معالجة أزمة الكهرباء
واضافت الدكتورة سميسم أن الزيادة في نمو الاقتصاد العراقي جاءت من النفط الذي شهد ارتفاعا كبيرا في الأسعار وبذلك زادت قيمة الناتج المحلي الاجمالي، موضحة أن القيمة لم تزد بسبب زيادة الانتاج وتطور الاقتصاد وقطاعاته، محذرة من عودة الاقتصاد العراقي الى الانهيار في حال تراجع اسعار النفط لأن هذا الاقتصاد ريعي ويعتمد على النفط بنسبة أكثر من 95%، وهذا النمو تحقق بزيادة اسعار النفط.
من جانب آخر أكدت الدكتورة سميسم أن الفساد المستشري في العراق يقضي على كل شيئ وخاصة الاقتصاد، مشيرة إلى أن هناك الكثير من كوارث الفساد وآخرها سرقة أموال هيئة الضرائب العامة، لكن لم يتم التعامل معها بجدية، مستدركة أنه حتى لو تم التعامل بجدية فإن القضية تنتهي بالمقاضاة ومن ثم إخلاء السبيل للشخص المتورط في الفساد، مشددة على ضرورة تطبيق قواعد القانون العراقي في هذه القضايا، فمن يسرق ألف دولار مثل من يسرق دولارا واحدا ويجب أن يعاقب لأن هناك الحق العام فهذه أموال العراقيين.
وأشارت الدكتورة سميسم إلى أن قيمة الاموال المسروقة من العراق منذ 2003 وإلى الآن وحسب الاحصائيات تبلغ 1400 مليار دولار، مشيرة إلى أن المشكلة تكمن في عدم إسترجاع هذه الاموال وهو ما يجعل حتى الفاسد الذي يسرق أموال الدولة مقتنعا أنه لم يتم استرجاع هذه الاموال ومصادرتها منه، لافتة إلى أن هذه الاموال تهرب إلى الخارج أو يتم تبديلها من نقود سائلة إلى اصول وممتلاكات مثل المجمعات السكنية والتجارية.
ولفتت الدكتورة سميسم إلى أن عدم محاسبة سراق المال العام ليس لوجود خلل في القوانين، مشددة على أن القانون موجود لكن لا يوجد من يطبقه، مؤكدة الحاجة إلى الصرامة في تطبيق القوانين بعيدا عن المحسوبية.
سلام سميسم: عدم وجود الموازنة يعني أن الدولة ليس لديها سياسة اقتصادية
وعن قدرة العراق على مواجهة أي أزمة اقتصادية إن تراجعت أسعار النفط بما لديه من احتياطي نقدي، شددت الدكتور سميسم على أن الاحتياطي النقدي يستخدم لدعم العملة الوطنية، مشيرا إلى أن هناك فوائض مالية ترتبت على ارتفاع أسعار النفط منذ منتصف 2021 ولحد الآن، متسائلة أين هذه الأموال؟، خاصة وانه منذ اكتوبر 2021، إستقال مجلس النواب وكان هناك تحضيرات لاجراء انتخابات مبكرة وجرت الانتخابات وتشكل مجلس نواب جديد لكن لحد الآن لا توجد حسابات ختامية تبين لنا أين ذهبت الاموال الفائضة من ارتفاع اسعار النفط؟، وأين تحفظ؟، معربة عن خشيتها من أن ينال الفساد من هذه الاموال لطالما انها غير موثقة ولا نعرف أين هي.
وترى الدكتور سميسم أنه كان من المفترض ومع توفر فائض مالي من بيع النفط بأسعار مرتفعة أن تقوم الدولة قبل كل شيئ بتكوين خزين استراتيجي من المواد الغذائية مثل القمح خاصة وان العالم مقبل على ازمات اقتصادية، وتأثر اسعار القمح والزيوت بالحرب الروسية الاوكرانية، وذلك لمواجهة أي أزمة قد تنجم في حال انخفا ض أسعار النفط في الاسواق العالمية.
واشارت الدكتورة سميسم إلى غياب الرؤية الاقتصادية في العراق، رغم ان الدستور به ملمح واضح للاستراتيجية الاقتصادية لكن بعد اقرار الدستور في 2005 ولحد الآن لا توجد لدينا لا رؤى ولا استراتيجيات اقتصادية، لافتة إلى أن وزارة التخطيط في الحكومة الاتحادية تضع خططا خمسية وجميعها تفشل، مشددة على أن إيرادات الدولة العراقية خلال هذه الاعوام كانت تكفي لانعاش الاقتصاد وبناء بنى تحتية وتقديم الخدمات للمواطنين.
سلام سميسم: بيئة الاستثمار في كوردستان أفضل من باقي العراق
وشددت الدكتورة سميسم على انه كان يفترض فتح الابواب أمام المستثمرين الاجانب والعراقيين وتوفير الامكانات لهم، متسائلة عن السبب في توجه المستثمرين إلى إقليم كوردستان دون باقي العراق؟، مستدركة بأن ذلك يعود إلى أن هناك تسهيلات في الاقليم تقدم له وتتوفر الخدمات التي تسهل عمل المستثمر إضافة إلى توفر الأمن، لافتة إلى أن البيئة في العراق غير مشجعة للاستثمارة ومنفرة في الوقت ذاته.
وعن تشريع قانون الامن الغذائي والاموال التي تضمنها، اشارت الدكتورة سميسم إلى أن مؤيدي القانون يؤكدون أنه تم تشريعه بسبب غياب الموازنة العامة، لافتة إلى أنها ترى أنه كان يفترض أن يسمى القانون بقانون الدفوعات الطارئة إن كان الهدف فعلا سد غياب الموازنة، متسائلا كيف يتضمن قانون الامن الغذائي تعيينات ومخصصات وأبواب كثيرة؟، مشددة على أن قانون الامن الغذائي جزئي ولا يمكن أن يكون بديلا لقانون الموازنة، مضيفا سؤالي هو أين باقي الأموال الفائضة من ايرادات النفط بغض النظر عن أموال قانون الأمن الغذائي؟، معربة عن أملها في أن يجيب مجلس النواب عن هذا السؤال.
وعن تأثير غياب الموازنة على اقتصاد البلد، قالت الدكتورة سميسم أن الموازنة هي عبارة عن سياسة الدولة والتي يتم فيها التعبير عن هذه السياسة بالارقام، مشيرة إلى أن عدم وجود موازنة يعني لا توجد سياسة ورؤية اقتصادية لدى الدولة، مشددا على أن الموازنة ليست رواتب فقط وانما سياسة الدولة معكوسة بالارقام، مؤكدة أن الفساد وسرقة المال العام تنتشر في ظل غياب سياسة الدولة الاقتصادية.
وقدمت الدكتورة سميسم مقترحات للحكومة الاتحادية الجديدة التي من المؤمل تشكيلها في الايام المقبلة، مشيرة إلى أن أهم أمر هو أن تقوم الحكومة بتقليص التعيينات، وتقوم بتفعيل قانون الضمان الاجتماعي والتقاعد في القطاع الخاص، وأن تفسح المجال أمام القطاع الخاص لتوفير فرص العمل للمواطنين وبالتالي يخف الضغط على الموازنة فيما يتعلق بالرواتب.
وتابعت الدكتورة سميسم قائلة انه يجب إفساح المجال أمام المستثمرين الأجانب، لتتفرغ الدولة لملف الخدمات مثل الكهرباء والصحة فهي أهم الملفات التي تمس حياة المواطن، مشددة على أن نجاح صاحب القرار وحكومته يكون في نجاحه بإدارة ملفي الكهرباء والصحة وهو يحقق النجاح للحكومة.