دعا بطريك الكلدان في العراق والعالم لويس روفائيل ساكو رجال الدين العراقيين إلى عدم التحول لرجال تجارة وسياسة.
وقال ساكو في مقال بعنوان “هموم وآمال” إن “رجال الدين يحملون رسالة ربانية لزرع روح المحبة والأخوة والتعاون في قلوب الناس وليس زرع الحقد والانقسام والتقاتل”.
وأضاف “على رجال الدين إيجاد المعاني العميقة للنصوص المقدسة وليس الوجه الخارجي وتعليم الناس الأخلاق الحميدة والآداب العامة وقبول الاختلاف واحترام التنوع”.
وشدد ساكو على اهمية ان يتحاور السنة والشيعة في المنطقة ويتصالحوا لخير البلاد والعباد.
وفيما يلي نص المقال:
هموم وآمال
أكتب هذه الأفكار على ضوء مشاركتي في ملتقى البحرين” الشرق والغرب من أجل تعايش أنساني” (3-4 تشرين الثاني 2022)، ومنتدى أبو ظبي التاسع للسلم” عولمة الحرب وعالمية السلام، المقتضيات والشراكات” (8-10 تشرين الثاني 2022). وقد اشترك فيهما مسيحيون ومسلمون ويهود ومندوبون من ديانات أخرى.
همٌ كبيرٌ نحمله حول الأوضاع العامة في العالم والشرق الاوسط مهد الحضارات والديانات، وبخاصة العراق.
العراق بيتُنا المشترك. نحن فيه اخوة واخوات، ونجد أنفسنا في الخندق الواحد، لذا نحتاج الى قوة وسند بعضنا البعض، والا بصراحة فنحن جميعاً الى الهلاك.
العالم أمام تحدٍ كبير. صراعات منهكة هنا وهناك و تشدد طائفي وقومي وفوضى وفساد، تمس حياة الناس اليومية على المستوى الأمني والاقتصادي والاجتماعي والديني.. و امام تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية والازمة الغذائية واحتباس المناخي أزمة المياه والتصحر.
الحروب الصغيرة قد تتحول الى حروب كبيرة. فالعالم بحاجة الى دور وسيط للمعالجات والحيلولة دون التفاقم .
كلنا نتحمل مسؤولية ما يعيشه كوكبنا وبلدنا . والله سوف يحاسبنا. سوف لن يسألنا هل انت مسلم شيعي أو سني، مسيحي كاثوليكي أو ارثوذكسي، سوف يسألنا عن قلقنا الواحد على الاخر ، عما فعلنا باخوتنا واخواتنا. سوف يحاسبنا على محبتنا وخدمتنا. هذه الاخلاق هي وحدها تؤسس السلام والامان وهي وهج الحياة والطريق الى للابدية..
مسؤولية السياسيين: ان يهتموا بهذه البيت الواحد ويوفر الامن والامان والخدمات للمواطنين ليعيشوا بحرية وكرامة ويضمنوا لهم حقوق المواطنة الكاملة و يحترموا المال العام ويتعاونوا مع الجميع عبر الحوار والقنوات الدبلوماسية لحل الازمة وليس عبر السلاح.
رسالة رجال الدين: رجال الدين لا يمكن ان يتحولوا الى رجال سياسة وأحزاب وتجارة. انهم يحملون رسالة الهية لزرع روح المحبة والاخوة والتعاون في قلوب الناس وليس الكراهية والانقسام والتقاتل.. عليهم ان يكتشفوا المعنى العميق للنصوص المقدس وليس الوجه الخارجي، فالنص المقدس ليس أسير حرف أو زمن! عليهم ان يعلموا الناس الأخلاق الحميدة والآداب العامة و قبول الاختلاف واحترام التنوع كما كرر البابا فرنسيس في زيارته للعراق عام 2019 والبحرين 2022. وهنا اشدد على اهمية ان يتحاور السنة والشيعة في المنطقة ويتصالحوا لخير البلاد والعباد.
الأمن الروحي والأخلاقي هو الضمان للسلام
– يقول المسيح في الإنجيل: ” أحبوا بعضكم بعضا” ( يوحنا 15/12)، و ” كما تريدون ان يفعل الناس بكم، افعلوا انتم ايضا بهم” (لوقا 6/36).
– والقرآن: ” وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ: (المائدة 2)، والحديث: : لا يؤمن أحجكم حتى يحبّ لاخيه، ما يحب لنفسه”.
– الكتاب المقدس و المسيح :لا تقتل لا تسرق لا تكذب (الخروج 1:20-17.. وانجيل متى 19: 16).
– والقرآن “مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا” ( المائدة 32) والحديث: “المسلم من سلم الناس من لسانه ويده“.
هذه التعاليم الحميدة تؤسس للسلام وعدم الاكراه، ويتحتم على رجال الدين اشاعتها لتملأ قلوب المسيحيين والمسلمين واليهود، من معاني الاخوة والمحبة والرحمة والغفران، والتعاون والفرح.. الامن الروحي والأخلاقي هو الضمان للسلام والعيش المشترك، و الدين مهم هو الرادع الحقيقي للشر والظلم”.