المسرى .. متابعات
شارف العراق على فتح آفاق تعاون كبيرة مع الصين، من خلال تفعيل الانضمام لـ”طريق الحرير”، بعد المشاركة العراقية بالقمة العربية- الصينية.
ويعد تقارب المنطقة والعراق خصوصا بفتح الأبواب على ملفات كثيرة أمنية وسياسية واقتصادية، لكن بالمجمل، أكد متخصصون على أهمية هذا التقارب على كافة الأصعدة، مستبعدين أي ممانعة أمريكية طالما أنه لن يمس “أمنها”.
يقول الخبير الاقتصادي باسم أنطوان، في حديث تابعه المسرى ، إن “طريق الحرير يمتد إلى تاريخ بعيد حيث كانت الصين تتطلع لغربها، وتكمن أهميته في أن أكثر من 120 دولة تسوق من خلاله منتجاتها نحو العالم”.
وتابع أنطوان ، أن “الطريق الذي جرى إحياؤه بشكل جاد عام 2013 يعتبر نقطة حيوية اقتصادية، ويغطي حوالي 66 دولة وينقسم إلى قسمين، أحدهما يتجه نحو أوروبا عبر العراق الذي يعتبر ركيزة أساسية لكونه يفتح آفاق الاستثمار ويسمى أيضا حزام طريق الحرير الاقتصادي.
مشيرا الى أنه يشكل جسرا بحريا وبريا يفتح التواصل من ميناء الفاو إلى أوروبا ويختصر نصف مدة طرق التصدير ويربط الصين بالعالم التي تحتاج إلى أسواق متعددة لتصريف بضائعها، وهذا ما دفعها لعقد مؤتمرات عربية لكي تضع موضع قدم بديل لأمريكا والغرب”.
وعقدت يوم أمس الجمعة، القمة العربية- الصينية، في العاصمة السعودية الرياض بمشاركة العراق، ممثلا برئيس الحكومة محمد شياع السوداني.
وعلى هامش القمة، عقد السوداني جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وخلالها أكد السوداني على تطلع العراق لتعزيز مبدأ الشراكة مع الصين ضمن مبادرة الحزام والطريق، ومجالات البنى التحتية، في الأثناء أكد الرئيس الصيني على أن موقع العراق الجغرافي يمكنه من لعب دور مهم في مشاريع التنمية المستدامة، وأن يكون جسراً ومنطقة تلاقٍ بين دول المنطقة والعالم.
ودعا السوداني في كلمته دول القمة للانفتاح الاقتصادي على العراق، وقال ” إن “منطقتَنا هي قلبُ العالم وحلقةُ الوصلِ بين قاراتِ آسيا وأفريقيا وأوروبا، وتحتل مكانة استراتيجيةً مميزة في مجال الطاقة، والعراقُ مركز هذه المنطقة تاريخياً وثقافياً، ومن بين أهم الدول المصدرة للنفطِ في العالم”.
ويذهب المحلل السياسي السعودي، عبدالله غانم، خلال حديث تابعه المسرى ، إلى أن “القمة العربية الصينية تحول استراتيجي للمنطقة العربية إجمالًا في علاقاتها مع قطب دولي كبير جدا مثل الصين، هذا العملاق المؤثر على الساحة الدولية والذي يبدو مستقبله أفضل مما هو حاليا”.
غانم بين ، أن “انعكاس هذا التنسيق سيكون جيدا على جميع الدول العربية وعلى المملكة العربية السعودية وهي القائد في هذا الشأن، وفي عقد هذه القمم الأربع في آن واحد”، لافتا إلى أن “الانعكاس سيتضح ايجابيا على الطاقة والاقتصاد والثقافة والتعليم والأمن الاستراتيجي لمستقبل الأجيال القادمة وعلى بناء شراكة جديدة، لم تكن موجودة مسبقا مع هذه الدولة”.
فيما يلفت المحلل السياسي السعودي، إلى أن “التعاون مع الصين في المرحلة الحالية هو تعاون اقتصادي وتجاري وتقني ومعرفي ولغوي وحضاري بشكل عام، وأن الدول العربية بحاجة للتنمية والشراكات، وبحاجة للأمن والاستقرار والتعاون مع كل الشعوب.
جدير بالذكر، أن البيان الختامي للقمة شدد على المضي بالتعاون بين الدول العربية وبكين، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين القائمة على التعاون الشامل والتنمية، والتأكيد على احترام سيادة الدول والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها واحترام مبدأ حسن الجوار.
وكان الرئيس الصيني، قد أكد خلال كلمته في القمة، على أن الجانب الصيني يحرص على العمل مع الجانب العربي على تنفيذ مباردة التنمية العالمية وتدعيم تعاون الجنوب- الجنوب لتحقيق التنمية المستدامة، مشددا على أهمية الحفاظ على سلام المنطقة وتحقيق الأمن المشترك.
وبالتزامن مع إنعقاد القمة، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، إن زيارة الرئيس الصيني للسعودية “مثال على محاولات الصين بسط نفوذها في أنحاء العالم”، مشددا على أنها لن تغير سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، وأن واشنطن تركز على شراكاتها في المنطقة”.
الباحث في الشأن السياسي المقيم في واشنطن عباس كاظم، لفت خلال حديث تابعه المسرى ، الى أن “أي قرار عراقي بالانفتاح على اتفاقيات عالمية فانه يعد قرارا سياديا، والولايات المتحدة من جانبها ملتزمة بهذه السيادة ولكن الخشية الأمريكية تكمن في أنها بمنافسة قوية مع الصين على مناطق نفوذ من ضمنها الشرق الأوسط”.
ويؤكد “إمكانية توجه العراق إلى أكثر من وجهة تجارية مع مختلف الدول بعد حصول تكامل في السياسات الاقتصادية العراقية على أن لا يشكل التوجه العراقي خلافا سافرا مع أمريكا وسياساتها”. حسب تعبيره
يشار إلى أن نائب وزير الدفاع الأمريكي كولن كال، صرح الشهر الماضي بشأن هذه القمة، وأطلق تحذيرا للمنطقة العربية من أن التعاون الوثيق للغاية مع بكين في القضايا الأمنية قد يضر بتعاونهم مع واشنطن، وكأمثلة على ذلك، قال إن المشاركة الصينية في شبكات الاتصالات يمكن أن تخلق نقاط ضعف إلكترونية للولايات المتحدة، في حين أن المشاركة الصينية في بعض مشاريع البنية التحتية يمكن أن تولد مخاطر استخباراتية.
جدير بالذكر، أن السفير الصيني لدى العراق تسوي وي، كشف خلال مؤتمر صحفي مطلع الشهر الحالي، عن لقائه برئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزراء في الحكومة العراقية الجديدة ومحافظ البصرة، مؤكدا أن بغداد تمتلك النية للتعاون مع الجانب الصيني.
وتعمل العديد من الشركات الصينية داخل العراق، في مجالات عدة، بينها الطاقة والخدمات وغيرها، في ظل تبادل تجاري بين البلدين يتخطى الـ30 مليار دولار.
وجرى لغط كبير حول الاتفاقية العراقية الصينية التي وقعها رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي في العام 2019، حيث اختلفت الآراء حول جدواها للعراق، وتسببت بانقسام سياسي داخلي.
يذكر ان السعودية استضافت في تموز يوليو الماضي، قمة عربية أمريكية، بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن وبمشاركة رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، إلى جانب مصر والأردن بالإضافة إلى الدول الخليجية.
البيان الختامي للقمة أكد في حينها، على أهمية الشراكة الإستراتيجية بين الدول الخليجية والولايات المتحدة، والالتزام بحفظ أمن المنطقة واستقرارها، ودعم الجهود الدبلوماسية الهادفة لتهدئة التوترات الإقليمية، وتعميق التعاون الإقليمي الدفاعي والأمني والاستخباري، وضمان حرية وأمن ممرات الملاحة البحرية.