المسرى .. متابعات
يعدّ العراق واحدًا من أكثر بلدان العالم الَتي يتواجد فيها الكمأ، إذ يتوفر بكثرة في حقول الصحراء الغربية وبعض مناطق وسط وجنوب البلاد، مطلع موسم الربيع من كل عام، وفي حال كانت هناك أمطار غير مصحوبة بالبرق والرعد فلا تجدي نفعاً في نموه، أي أنّ السبب المهم في وجود الكمأ هو حدوث البرق الذي يعمل على إظهاره على شكل تشققات على سطح الأرض.
من جانبه، يعرف الناشط البيئي أحمد حمدان الجشعمي، خلال حديث تابعه المسرى ” الكمأ بأنه “أشهر الفطريات وأكبرها قيمة غذائية وأغلاها ثمنا، يسمى عند البدو باسم الفقع أو الفكَع بالكاف الفارسية، وينمو بشكل طبيعي في صحراء العراق وبعض الدول المجاورة والمغرب العربي”.
ويضيف الجشعمي٫ أن “الكمأ يختلف حجمه ولونه وطعمه تبعا للترب التي ينمو فيها وكمية الأمطار المصاحبة للبرق والرعد، لحاجته للنتروجين الذي تحدثه البروق والنازل مع حبات المطر الساقطة ما يساعد كثيرا في نموه بسرعة كبيرة”.
ويؤكد أن “الكمأ يعد موردا اقتصاديا لسكان البادية بالرغم من قصر دورة حياته التي تبدأ من شهر كانون الأول ديسمبر وحتى نهاية آذار مارس من كل عام، وتنتج بادية السماوة آلاف الأطنان منه في سنوات الوفرة٫ ويتم تسويقه عادة إلى مدن السماوة (مركز محافظة المثنى)٫ وبغداد والزبير (جنوبي محافظة البصرة)٫ فضلا عن كونه مادة غذائية أساسية لوجبات الأهالي في بصية والسلمان (مدن بالمثنى) في مرحلتي الإنبات والتسويق”.
ويستخدم الكمأ أيضا في صناعة مختلف أنواع الأدوية العشبية، إذ بحسب أطباء أعشاب مختلفين، فأن للكمأ فوائد طبية عديد وكثيرة، مثلاً يعالج ماء الكمأ التهابات العين واضطرابات الرؤية والماء الأبيض والحساسية وهشاشة العظام، كما يستخدم لعلاج التشققات الجلدية أيضاً، عبر غليه وخلطه أو تجفيفه وسحقه مع موادّ عشبية طبّية أخرى.
الكمأ أكلة مفضلة للعوائل العراقية ، لكنّ مخاطر جنيه جعلت منه شحيحا ومرتفع السعر، قياسا بالمواسم السابقة.
وجاء قرار منع جني الكمأ بعدما قتلت خلايا داعش الإجرامي ثلاثة أشخاص في الصحراء الغربية للأنبار.
وقالت قيادة عمليات الجزيرة (التشكيل العسكري المسؤول عن أمن غرب الأنبار)، في بيان صحافي، إنّ “قائد العمليات أصدر أمرا للقوات الموجودة في قاطع المسؤولية، بمنع المواطنين من دخول المناطق الصحراوية للبحث عن الكمأ. القرار جاء حفاظا على حياة المواطنين من العناصر الإرهابية”.
وأثار القرار الأمني انتقادات من قبل مسؤولين عدّوه قرارا لا يراعي أرزاق العراقيين، وقال عضو تحالف القرار، رعد القيسي: “كان يفترض بالأجهزة الأمنية أن توفر لمن يعمل بجني الكمأ الحماية، لا أن تمنعه من ممارسة العمل.
موسم الكمأ في العراق… فرص عمل للشباب واستخدامات علاجية
يمثل موسم الكمأ موسما مزدهرا لمئات العوائل العراقية، إذ إنّ أسعاره التي تصل إلى 15 دولارا للكيلوغرام الواحد، تعد مغرية للعاطلين عن العمل والنازحين الذين عادوا إلى مناطقهم، خصوصا المناطق الغربية التي تشتهر بانتشار هذا النبات الذي يزيد وجوده بعد الأمطار.
وإنتعشت أسواق المدن المستعادة نسبياً بتجارة الكمأ (نوع من الفطر البري)، بعد أمطار غزيرة وعواصف رعدية ، ما وفّر فرص عمل لمئات المعطلين عن العمل، فضلاً عن تحريك الركود الاقتصادي الذي تشهده تلك المدن.
وبحسب جاسم الدليمي (43 عاماً)، الذي يعمل في جني وتجارة الكمأ، قال لوسائل إعلامية إنّ “موسم الكمأ هذا العام كان وفيراً جداً، وقد نزلت إلى الأسواق مئات الأطنان التي حركت ركود السوق، ووفرت فرص عمل لكثير من الشباب والعاطلين.
ويضيف الدليمي، أنه ” في بداية نزول الكمأ إلى السوق ، كان ثمنه مرتفعاً يصل إلى 25 ألف دينار (20 دولاراً)، ولكن بسبب الكميات الكبيرة التي تم جنيها انخفض السعر حتى وصل إلى ألفي دينار (دولار ونصف) تقريباً في بعض المناطق وخاصة المدن الغربية من البلاد، لكونها قريبة من المناطق المنتجة للمحصول”.
ووجد مئات الشباب فرصتهم للحصول على عمل في جمع وتنظيف وتحميل وتفريغ كميات الكمأ، التي تصل من الصحراء عبر التجّار، الذين يقومون بجمعه من المناطق الصحراوية التي يكثر فيها. كذلك أصحاب سيارات الحمل الصغيرة فرصتهم للعمل أيضاً في هذا المجال، بعد أشهر طويلة من البطالة المستمرة والركود الاقتصادي.
صابر المحمدي سائق سيارة حمل يقول، أن “أسواق المدن المستعادة تشهد ركوداً اقتصادياً كبيراً، وهذا ينعكس علينا كسائقين لسيارات الحمل، فلا توجد حركة بناء مثلاً أو تجارة نشطة للبضائع، وقد وفر لنا موسم الكمأ فرصة كبيرة.