المسرى .. متابعات
يفتقر العراق منذ عام 2003، لموزانات ختامية مالية رصينة يعرف فيها المردود المالي للحكومة وقيمة النفقات وقيمة الفائض أو العجز وأسبابه التفصيلية.
البرلمان كان قد صوّت على بعض الحسابات الختامية للموازنات المالية في بعض السنوات، إلا أن هذه الحسابات تم التصويت عليها داخل قبة البرلمان في مدة لا تزيد عن نصف ساعة من دون أي دراسة، فضلا عن سنوات أخرى لم تقدم فيها حسابات ختامية.
ما هي الحسابات الختامية؟
تعرف الحسابات الختامية للموازنة المالية في أي بلد على أنها تلك الحسابات والجداول التي تبين أوجه الصرف المالي الحكومي التي جرت خلال عام مالي كامل، بحسب الأستاذ في علوم دراسات الجدوى الاقتصادية “فارس خضر” في حديثه صحفي .
ويضيف خضر أن الحسابات الختامية تعني أن جميع ما تصرفه الحكومة مبوب ومعروف من حيث الباب المالي الذي أنفقت بموجبه تلك الأموال، أو من حيث الموازنة التشغيلية التي صرفت على النفقات والرواتب وغير ذلك بما يعني أن تعرف الحكومة أين ذهب كل دولار في الموازنة.
أما الخبير الاقتصادي “مجيد الهيثمي” والذي كان قد شارك في رسم البرنامج الحكومي للعراق عام 2006، فكشف أن العراق ومنذ عام 2003 لا يحظى بموازنة مالية يمكن أن تعتمد كموازنة عامة للبلاد كما في بقية دول العالم.
يوضح الهيثمي ان النظام المعتمد في وضع الموازنة العامة للعراق يعتمد على الأبواب والبنود، لافتا إلى أنها لا تسلط الضوء على تحقيق الإيرادات المالية من دون أي اعتبار للتخطيط المتوسط أو طويل الأجل للموازنة وللوضع الاقتصادي العام في البلاد، إذ لم تعتمد أي موازنة إلى تقييم عوامل الإنتاجية والأداء الحكومي العام والخاص.
فساد يشوب عدم تقديم الحسابات الختامية
تثار العديد من الأسئلة عن الكيفية التي يتم بها تبديد الأموال العراقية وكيف يتم تمريرها من الموازنة، وفي هذا الشأن، تكشف عضو اللجنة المالية النيابية السابقة “ماجدة التميمي” في حديث صحفي تابعه المسرى ، عن أن مليارات الدولارات تخرج من الموازنة العراقية كل عام من دون أن يعلم أحد أين ذهبت تلك الأموال.لافتة إلى أنها ومجموعة من النواب اكتشفوا أموالاً مفقودة في كشوفات الحسابات الختامية، للأعوام من 2007 وحتى 2011، قالت ” لا توجد سندات صرف لها”.
أن عام 2015 هو العام الوحيد خلال 17 عاما الذي شهد تقديم الحسابات الختامية في وقتها نهاية العام المالي وبصورة سليمة.
وعن الآلية الجديدة التي اتبعها البرلمان في التدقيق المالي لموازنة عام 2019 المنتهية، أكدت التميمي على أن قانون الإدارة المالية الذي أقر في أيار/ مايو 2019 خوّل البرلمان الطلب من وزارة التخطيط إرسال التقارير الخاصة عن مقدار الإنتاج المحلي وكذلك التضخم والاستيراد الحكومي، فضلا عن جداول مستحقات المتقاعدين العسكريين والمدنيين والفئات الأخرى.
من جانبه، يرى المستشار السابق في وزارة التخطيط “عماد هاني” في حديث صحفي تابعه المسرى ، ان التقديرات تشير إلى أن قيمة الهدر المالي الذي تكبده العراق بفعل عدم وجود حسابات ختامية بلغ 175 مليار دولار للسنوات التي تلت عام 2011 وحتى الآن، بحسبه.
ويؤكد المستشار ، على أن عدم وجود نظام محاسبي قوي في البلاد، فضلا عن غياب الرقابة والإحصائيات، كلها تتسبب بإنفاق كبير داخل مؤسسات الدولة من دون أن يكون هناك أي حاجة لها ومن دون معرفة الحكومة فيما إذا كانت تلك الصرفيات والانفاق ضروريا أم لا.