المسرى .. متابعات
في كل حكومة تأتي يجري الحديث عن إنشاء ( الحزام الأخضر ) في المناطق الصحراوية المحيطة بالمدن، لكن دون جدوى.
مؤخرا تجدد التوجيه ذاته، لكنه شمل 3 محافظات فقط، اثنتان منها ليستا أساسيتين بقضية الغبار، في ظل عدم البدء لغاية الآن بالمشروع، مع عدم وصول تعليماته للمحافظات المعنية، وسط مخاوف من تحول المناطق الزراعية إلى خاصة بالمشاريع تسيطر عليها جهات متعددة، ما يحول دون تحقق “مشروع الحزام”.
مختصون بالبيئة والزراعة، أكدوا أن البلد بحاجة لغطاء نباتي من شماله لجنوبه، مستعرضين آليات السقي وطبيعة النباتات المفترض زراعتها وكيفية إدامتها.
ويقول رئيس خلية الأزمة في محافظة المثنى محمد حاجم، خلال حديث صحفي , إن “كتبا رسمية وصلت من الحكومتين السابقة والحالية لمعالجة أزمة التصحر، وهناك توجيهات من مكتب رئيس الوزراء الحالي، والهيئة التنسيقية بين المحافظات للاهتمام بهذا الموضوع”.
وكانت وزارة الزراعة، أعلنت الأسبوع الماضي عن توجه لإنشاء حزام أخضر على الطريق الدولي في محافظة ذي قار والديوانية والمثنى، للحد من العواصف الترابية والتكيف مع التغيرات المناخية.
ويفصح حاجم، عن “نية للحكومة المركزية بالتعاون مع الحكومات المحلية لإنشاء الحزام الأخضر، لكن لغاية الآن لم يبدأ المشروع على أرض الواقع، وبالنسبة للنباتات فتحدد من قبل جهات مختصة لاختيارها من النوع دائمة الخضرة، وتتحمل شح المياه والظروف المناخية، لكي ينطبق عليها فعليا مصطلح الحزام الأخضر”.
لا ينكر حاجم “وجود صعوبة بالنسبة لتوفير المياه، ولكن المهمة ليست مستحيلة إذ يمكن إنشاء آبار واستغلال المياه الجوفية لأن طبيعة الأرض غنية بالخزين من المياه الجوفية، ولذا يمكن حل المشكلة”.
مشيرا إلى أهمية “العمل بإنشاء الحزام الأخضر، لأنه بات ضروريا لصد موجات الغبار المتلاحقة التي سببت أذى لمحافظاتنا”.
يذكر أن مبادرات إنشاء الحزام الأخضر، بدأت في سبعينيات القرن الماضي، كجزء من حملة قامت بها الدول العربية وبمساعدة منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في مرحلتها الأولى، يعمل كمصد للرمال الصحراوية التي تجتاح المدن والأراضي الزراعية، فضلاً عن عمله للحد من الرياح الصحراوية نحو المدن، لكن المشروع توقف بسبب الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988، ومن ثم حرب الخليج، والخلاف العراقي الخليجي.
العراق شهد مطلع العام الحالي، عواصف ترابية دفعت بالجهات المعنية الى الاستنفار، سواء من الجوانب الخدمية أو الصحية وحتى الأمنية، تحسبا لاستغلالها من قبل تنظيم داعش بشن هجمات، وفقا لتوقعات الرصد الجوي فأن العواصف الترابية ستغطي على أغلب أيام العام في البلد.
يشار إلى أن رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، بحث في آذار مارس 2021، مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر”، التي تهدف بالشراكة مع دول المنطقة لزراعة 50 مليار شجرة كأكبر برنامج إعادة تشجير في العالم، ووفقا لوزارة الزراعة آنذاك، فإنها نفت في حديث صحفي ، علمها بفحوى المبادرة السعودية بشأن الشرق الأخضر، وحصة العراق من الأشجار أو كيفية تنفيذها.
وكانت وزارة الزراعة، أعلنت في عام 2020، عن حاجة العراق إلى أكثر من 14 مليار شجرة لإحياء المناطق التي تعاني من التصحر، بالإضافة الى إطلاقها مشروعا يرتكز على توزيع الشجيرات إلى البلديات في بغداد والمحافظات ومنظمات المجتمع المدني مجاناً لزراعتها داخل المدن وحولها لتدعيم الحزام الأخضر لمنع زحف الصحراء نحو المدن.
ويبين خبير الاستراتيجيات والسياسات المائية، حمزة رمضان، خلال حديث صحفي “، ان “الأحزمة الخضراء لا يمكن أن تكون من حصة محافظة أو محافظتين، إذ ينبغي في البداية إجراء دراسة جدوى، ثم تحديد اتجاهات الرياح، وتحديد مستويات التصحر وأسبابه، تبعاً لذلك فإنه يصار إلى اتباع خطة استراتيجية في إنشاء حزام أخضر تشمل العراق بشكل كامل”.
من جانبه، يشرح الأستاذ المتخصص بالتلوث البيئي، إياد عبد المحسن أحمد، خلال حديث صحفي ، أن “الأراضي المفتوحة والجرداء داخل العراق تمتد من مثلث الحدود التركية السورية، مع شريط في غرب العراق، داخلة في الأراضي السورية والأردنية، وصولاً إلى البصرة”.
ويبين أحمد، أن “المناطق الغربية المجاورة للعراق غير مستقرة الرياح، وتبعاً لذلك فإن العراق لا يحتاج لأحزمة خضراء داخل المحافظات، بل يحتاج لتشجير في كل مناطق غرب وجنوب غرب العراق، حيث المناطق المتاخمة للدول العربية المجاورة”.
وكانت أمانة بغداد أعلنت، في 4 حزيران يونيو 2022، إطلاق حملة لزراعة عشرة آلاف شجرة في العاصمة كمرحلة أولى من خطة أوسع للتشجير، كما أطلقت مبادرة في نينوى تحت مسمى “الموصل الخضراء” لزراعة مليون شجرة، بتمويل من مركز الأزمات والدعم الفرنسي وبمشاركة أكثر من 1500 متطوع.
وفي العام 2017 أطلق متطوعون في البصرة مبادرة لغرس مليون شجرة تحت عنوان “بصرتنا تستاهل شجرة”، فيما تجددت الدعوات في المحافظة منتصف العام الحالي إلى إطلاق مبادرة مماثلة ثانية بعد انقطاع أخبار الأولى.