أكد الخبير الاقتصادي الدكتور قاسم السلطاني ضرورة إصدار قانون صارم يردع الفاسدين، مشددا على أن المحاصصة والفساد زادا من حجم الديون المتراكمة على الدولة العراقية.
وقال السلطاني خلال مشاركته في برنامج شؤون عراقية والذي يعرض على شاشة قناة المسرى، إن تراكم الديون العراقية الخارجية منها والداخلية هي بسبب السياسة الاقتصادية الخاطئة، مشيرا إلى أن النظام الاقتصادي في العراق ريعي وعشوائي وغير متكامل ولذلك حصلت التداعيات في هذا النظام الاقتصادي السيء.
قاسم السلطاني: المحاصصة والفساد زادا من حجم الديون العراقية
وأضاف الدكتور السلطاني ان النظام الاقتصادي لدينا مهجن فهو غير واضح فلا هو نظام اشتراكي ولا رأسمالي ولا إسلامي، لافتا إلى أن من تصدوا لمنصات الحكم من السياسيين قاصرون في وضع نظام اقتصادي صحيح بسبب السياسة المتعثرة والجهل في السياسة، ولذلك وقعنا في التخبط وتراكمت الديون على الخزينة العراقية.
وتابع الدكتور السلطاني أنه في حال إستمرار تراكم الديون الخارجية أو الداخلية فإن العراق قد يلاقي مصير يوغوسلافيا سابقا التي تقسمت، لافتا إلى أن هناك لطف إلهي رفع أسعار النفط لتوفير وفرة مالية، مضيفا بأنه لو بقيت الديون لواجهنا مصير يوغوسلافيا، لافتا إلى أن الهدف من الاقتراض الخارجي كان تقسيم العراق لكن ارتفاع اسعار النفط أنقذه، مشيرا إلى أنه لو كانت الاقتراض الداخلي ايضا مستمر وزاد لوصلنا إلى ما وصل له لبنان من إنهيار للعملة الوطنية، والوفرة المالية أيضا أنقذت العراق من مصير لبنان.
قاسم السلطاني: الاستمرار في الاقتراض الخارجي كان يهدف لتقسيم العراق
واشار الدكتور السلطاني إلى أن نادي باريس الذي عقد في 2004 تم فيه إطفاء 80% من ديون العراق الخارجية، مشيرا إلى أنها كانت نوعا من المحاباة بتدخل أمريكي، لافتا إلى أن هناك ديونا بقيت والكويت على سبيل المثال لم تتنازل عن سنت واحد من ديونها واستوفتها جميعا، لافتا إلى أن العتب على القائمين على الاقتصاد العراقي فهم لم يقدموا حلولا واقعية للحكومة ولذلك ازداد الوضع تعقيدا ووصلنا إلى ما وصلنا إليه، مشددا على أنه يفترض الآن بعد توفر وفرة مالية قد تصل إلى 100 مليار دولار في خزينة البنك المركزي، من الممكن استغلال ذلك في إطفاء الديون الخارجية حتى لا تبقى تبعات القروض التي تضعف الاقتصاد وقيمة العملة الوطنية.
وعن علاقة العراق بصندوق النقد الدولي، شدد السلطاني على عدم رفض أن يكون هناك تنسيق بين الجانبين لكن نرفض التبعية لأننا لا نريد فرض قيود على الاقتصاد العراقي نتيجة التبعية لصندوق النقد الدولي أو البنك الدولي لأن ذلك يشكل مخاطر على الاقتصاد العراقي لأن صندوق النقد الدولي يمكنه التدخل بالسياسة المالية للعراق.
وشدد الدكتور السلطاني على أن المشكلة الحقيقية في العراق هي وضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب، ولو تم اتباع سياسة الرجل المناسب في المكان المناسب لما وصلنا لهذه المرحلة، مشيرا إلى أن المحاصصة أسهمت في وصولنا إلى هذه الحالة بحيث يتم تنصيب أناس غير جديرين ويتولون وزارات من غير اختصاصهم، مشددا على أن المحاصصة السياسية أوقعت البلد بمشكلة الديون.
وعن الوفرة النفطية المتأتية من ارتفاع اسعار النفط، قال الدكتور السلطاني أن هذه الوفرة النفطية غير مجدولة وخارج سياقات شركة تسويق النفط (سومو) وقد تم التلاعب بها، لافتا إلى أن هذه الوفرة النفطية يمكن ان تفيد العراق في المجالات الاستثمارية وفي المجالات النفطية وتنوع الاستثمارات في البلاد، داعيا القائمين على الأمر إلى الانتباه لذلك.
وعن ارتفاع الاحتياطي النقدي في البنك المركزي وسبل الاستفادة من الفائض، قال الدكتور السلطاني إن الاحتياطي النقدي قد يصل إلى الـ 100 مليار نهاية العام الجاري، أي أن هناك نحو 40 مليار فائض وهذا المبلغ يجب تبويبه إما لسداد الديون أو تنفيذ المشاريع الاستثمارية ولا أن تكون فقط للمشاريع التشغيلية وتسديد رواتب الموظفين.
وعن الموازنة الاتحادية وهل يمكن من خلالها إطفاء جزء من ديون العراق، قال الدكتور السلطاني ان مسودة مشروع قانون الموازنة وضعت سعرا تخمينيا لبرميل النفط عند 75 دولار لكن مع الانخفاض الاخير في اسعار النفط فقد تم تحديد السعر التخميني عند 65 دولار، مضيفا انه رغم ذلك فإن الموازنة تبقى إنفجارية وهناك الكثير من المشاريع الاستثمارية قد تدخل في ابواب الموازنة مثل بناء الشركات أو إعادة تأهيل المصانع وغيرها، لافتا إلى أن الموازنة القادمة قد تكون متنوعة وتخدم المواطن.
قاسم السلطاني: التبعية لصندوق النقد تشكل مخاطر اقتصادية على البلد
وعن تأثير الفساد في زيادة حجم الديون المتراكمة على الدولة، قال الدكتور السلطاني أنه من المؤسف ان يصل حجم الفساد إلى مديات لم تصل إليه حكومات سابقة، لافتا إلى أن سرقة القرن جريمة وهي نتيجة المحاصصة والفساد، وغيرها من ملفات الفساد وسببها غياب قانون صارم فنحن بحاجة إلى قانون صارم يحمي المجتمع من الفاسدين ويلغي دور الفاسد ويكون رادعا للفاسدين، مشددا على ضرورة تشريع هكذا قانون يحمي أموال العراق ومواطنيه من السراق.