المسرى .. متابعات
شهدت مدن البلاد ارتفاعا بمعدلات التلوث مع انتشار المولدات الأهلية والمصانع والمعامل داخل مراكزها ، وتداعيات ظاهرة التغير المناخي العامة التي تعصف بالمنطقة والعالم.
ويصنف العراق وفق /منظمة الأمم المتحدة / خامس أكثر دول العالم تضررا من ظاهرة التغيرالمناخي الآخذة في التفاقم، في حين يشير خبراء إلى تضافر جملة عوامل وراء ارتفاع نسب تلوث الهواء في العديد من المدن العراقية ولا سيما الكبرى منها، كالاكتظاظ السكاني بفعل الهجرة الواسعة من الأرياف وانتشار العشوائيات في أطراف المدن، وتهالك البنى التحتية والخدمية فيها.
ويحتل العراق المرتبة العاشرة لأكثر 10 دول تلوثًا في العالم /بحسب بعض التقديرات/، فقد أظهر فحص الجسيمات الصغيرة الضارة المحمولة في الجو والمعروفة باسم الجسيمات المعلقة 2.5 (PM2.5) بأنها تصل إلى 39.6 ميكروغرام لكل متر مكعب في البلاد. وهذا رقم خطير ( وفق تقديراتهم ) في وقت توصي فيه منظمة الصحة العالمية بألا يتجاوز متوسط تركيزات PM2.5 الـ 5 ميكروغرام/متر مكعب.
وتقول وكالة حماية البيئة الأميركية إن “المستويات الأعلى من 35.5 ميكروغرام/متر مكعب يمكن أن تتسبب بمشاكل صحية خطيرة. وبحسب ممثل البنك الدولي ريتشارد عبد النور، فأن العراق يعد ثاني بلدان العالم بنسبة احتراق الغاز.
العراق تاسعاً على العالم بالتلوث الجوي
وفي 18-1 2023 كشف مؤشر “أي كيو اير” الدولي المعني بشؤون تلوث الجو، عن اكثر بلدان العالم إصابة بالتلوث الجوي خلال العام الماضي 2022، مؤكداً أن العراق يحتل المرتبة التاسعة عالميا بالتلوث.
وأوضح المؤشر بحسب البيانات، أن “نسبة التلوث الجوي المرتفعة في العراق تحصل نتيجة لــ “عوادم السيارات، مخلفات الحرب، استخدام مولدات الطاقة الكهربائية الخاصة بسبب ضعف تجهيز الطاقة، بالإضافة الى الحرائق المستمرة للغاز المصاحب من حقول النفط والمصافي”.
واضاف أن “من الأسباب الأخرى التي اثرت على نوعية الهواء في العراق، هو احتراق معمل المشراق للكبريت عام 2003 والذي استمر لثلاث أسابيع قبل اطفائه ليدخل التاريخ كــ “أكبر كارثة تسرب غاز ثاني أوكسيد الكبريت في العالم وقعت بخطأ بشري”.
أربيل “الأعلى بنسبة التلوث “
ولفت المؤشر الى أن “مدينة أربيل ضمن إقليم كوردستان ، هي الأعلى بنسبة التلوث الجوي في العراق، ونسبة تزيد بمعدل النصف عن نظيرتها في بغداد”، مشيرةً الى “الدور الذي يلعبه استخراج النفط والغاز في كوردستان بمضاعفة نسبة التلوث”.
السليمانية تأتي في صدارة المحافظات من حيث الأغذية والأطعمة الصحية والنظافة
في الأثناء قال المدير العام لصحة السليمانية ضمن إقليم كوردستان الدكتور صباح هورامي في مؤتمر صحفي حضره المسرى قبل أيام إن “السليمانية تأتي في صدارة المحافظات من حيث الأغذية والأطعمة الصحية والنظافة”، مبينا “ولأجل الحفاظ على تلك الصدارة والأهتمام بالأمر أكثر، نستعد لإطلاق حملة تمتد لعشرة أيام للبحث والتفيش عن الأماكن غير الملتزمة بالنظافة”.
ولفت إلى “مشاركة أكثر من 320 عضو في الحملة، موزعين على 107 فرق ومشاركة نحو 35 سيارة”، لافتا إلى أن “مهمة الفرق تنحصر في عمليات البحث والتفتيش عن الأمكان غير الملتزمة بالنظافة وتوعية الناس بضرورة الابتعاد عن المأكولات غير الصحية”.
وتشهد محافظة البصرة تزايد أعداد الأشخاص المصابين بالأمراض السرطانية نتيجة التلوّث النفطي الذي تشهده المحافظة وسط تقاعس العديد من الشركات عن معالجتها والحدّ من الاثار الضارّة.
ويعد حقل الرميلة في البصرة وحده ، أسوأ حقل نفطي من ناحية معدلات الانبعاثات الناتجة عن غاز الشعلة في العالم كله.
في ديسمبر 29, 2022 أكد وزير البيئة نزار آميدي، أن ” المحافظات الجنوبية وخاصة محافظة البصرة تعدّ من أكثر المحافظات تلوثاً، بسبب نوع وحجم الأنشطة التي تزاول أعمالها ضمن حدودها.
وتتصدر بغداد والبصرة وأربيل و السليمانية معدلات التلوث بحسب احصائيات رسمية، نتيجة لوجود المصانع والمعامل داخل مركز المحافظة، وسط مناشدات الأهالي وفي أكثر من مرة على ضرورة بناء مدينة صناعية خارج مركز المدينة، وبعيدة عن التجمعات السكانية.
اسباب استفحال التلوث
وبحسب مختصين، فإن التلوث البيئي في البلاد يرجع إلى عدد كبير من العوامل، أبرزها الغاز المنبعث من السيارات ومحطات تكرير النفط، فضلاً عن محطات إنتاج الطاقة الكهربائية والعواصف الترابية والآثار الملوثة بالإشعاعات النووية ومخلفات الحروب والألغام الموجودة في الأرض ومياه الصرف الصحي والنفايات الصحية ونفايات المستشفيات، الفضلات الصناعية، مخلفات ومواد القطاع الزراعي والفضلات السائلة والصلبة البلدية المختلفة، إلى المصادر الأخرى المنتشرة بصورة عشوائية داخل المناطق السكنية كالورش والصناعات الحرفية والأفران والمولدات الكهربائية الفردية والجماعية والنفايات المنزلية.
تفشي الامراض والاوبئة
إزدياد تلوّث الهواء والماء في في عموم البلاد والبصرة بشكل خاصّ بات يشكّل خطراً جديداً يهدّد حياة المواطن في ظلّ تجاهل حكومي متعمّد لمعالجة هذه الحالات التي تزيد من الوضع سوءا في هذه المدينة النفطيّة التي قد يتفاقم الإحتباس الحراري فيها للسنوات المقبلة.بحسب المعنيين
وعانت البلاد في السنوات العشر الأخيرة، لا سيما بعد الحرب على عصابات “داعش” الإرهابية ، انتشار أمراض وأوبئة كثيرة لم يكن يعرفها العراقيون من قبل، صنَّفها مختصون بأنها من أخطر الأمراض المستعصية والقاتلة، وذلك لما تشكله من تهديد حقيقي على حياة المواطنين.
وبحسب خبراء بيئة ، فإن أبرز هذه الأمراض هي: مرض الحمى النزفية والإيدز والسرطان والتشوهات الولادية والطاعون والسل والجدري والجرب والكوليرا، فضلاً عن الأمراض المنتشرة بين الماشية والأغنام”، لافتين إلى أن “معظم هذه الأمراض فتاكة وقاتلة، لكن بشكل بطيء”.
ووفق تقارير صادرة عن وزارتَي الصحة والبيئة طالعها المسرى ، فإنّ المعدل السنوي للإصابة بأمراض السرطان في العراق يبلغ 2500 حالة إصابة كل عام، لكن هذه الأرقام لا تسجل فعليًا في المستشفيات وأن هناك المئات غيرها لم تكشف إلى الآن.
وفي مطلع العام الجاري، كشفت منظمة الصحة العالمية، عن ارتفاع أعداد المصابين بمرض السرطان في البلاد، مؤكدة أنّ “هناك 35 ألف مصاب بالسرطان و57% منهم نساء”.
كارثة بيئية بحلول عام 2030
وجدد خبراء تحذيراتهم من وصول البلاد إلى أعتاب جفاف حقيقي بحلول العام 2030، يُتوقع له أن يهدد كل المصادر المائية العراقية بالنضوب تماماً، وتمتد أضراره إلى الموارد الزراعية والحيوانية المحلية.
ويرى مراقبون أنّ وزارتي الصحّة والنفط هما المسؤولتان عن كميّة الملوّثات بسبب عدم معالجتها ووضع خطط للحدّ من إنتشارها في عموم البلاد.
مدير عام بيئة الجنوب وليد الموسوي، اتهم المؤسسات الحكومية بالتسبب بـ 90 % من نسبة الملوثات فــي الــعــراق، داعــيــاً إلــى معالجة مخلفات الاستخراجات النفطية.
من جانبها اكدت وزارة البيئة أن الأنشطة الحكومية الملوثة احتلت صدارة قائمة المخالفات.