الكاتب.. مهدي قاسم
جرى الحديث في الأيام الماضية عن ” الكرم العراقي ” المعروف !!، مجددا ، حيث برزت هذه ” الظاهرة ” ملفتة للأنظار في مناسبة إقامة مباريات ” خليجي 25 ” في مدينة البصرة ، وقد أشاد بعض العرب المشاركين بهذا الكرم العراقي وهم يأكلون و يشربون وربما ينامون أيضا مجانا ، بفضل هذا السخاء غير المحدود ..
وهو نفس ” الكرم العراقي يتكرر في مناسبات دينية أو مذهبية سنوية حيث مئات آلاف من ” الزوار ” يأكلون وينامون مجانا أي بالبلاش حسب التعبير العراقي الدارج ؟ ..
كما يمكن ملاحظة أو مشاهدة ،مرارا وتكرارا ، موائد عامرة بأطعمة وأكلات من أفخاذ عجول وخرفان أو فروج وعشرات أنواع أخرى من طعام وخضروات و حلويات ، لا يجلس حولها إلا بضعة مسؤولين و ساسة متنفذين ، بينما تلك الأطعمة المتراكمة على الموائد يمكن أن تكفي كتيبة جيش برمتها ..
بطبيعة الحال لا نحتاج هنا إلى كثير من فطنة و حدس استثنائيين لنعرف ونعلم بأن هذا الهدر والبذر اللامباليين يجري في أحايين كثيرة على حساب تبذير المال العام بأريحية كاملة ! ..
ربما أن مسألة الكرم والسخاء أمر محبب إلى كثير من الناس ، وخاصة من الشرقيين الأوسطيين ، كعادة اجتماعية سائدة أو موروثة ، وكذلك يمكن القول لا بأس بها من عادة مكتسبة تشحّن نفس مَن يقدم عليها بآيات فخر و اعتزاز نفسيين لو …….
نقول لو لا توجد في العراق فئات و شرائح اجتماعية آخذة بالتوسع والانتشار وهي تعيش ما تحت حزام الفقر المدقع وتقتات على الزبالة والقمامة بحثا عن خردوات و أشياء أخرى يمكن بيعها ببضعة دنانير من أجل توفير لقمة خبز لأطفال يتضورون جوعا ، وتاليا فإن هؤلاء أولى بهذه الأطعمة والأكلات من غيرهم من المتمكنين ماديا ..
علما إن هناك دولا كثيرة تعتمد زيادة ميزانيتها العامة ، اعتمادا كبيرا على المدخولات الناتجة عن الفعاليات و الأنشطة السياحية وكثرة تواجد السياح ، سواء كانوا محليين أو سياحا أجانب ، و تقوم باستثمار مئات ملايين دولارات لتوسيع وتنمية وتطوير مزيد من مؤسسات و مشاريع و منشآت خدمية ذات توجهات سياحية ( من قبيل مصر ، تركيا المغرب ، تونس لبنان ــ مثلا وليس حصرا ـ فضلا عن نشر و بث إعلانات دائمة ــ لجلب مزيد من السياح ، بذلك تكون قد اصطادت عصفورين بحجارة واحدة
خلق فرص عمل ، و توظيف وتشغيل أعداد كبيرة من مواطنيها في هذه المؤسسات والمنشآت الخدمية السياحية أولا ، و الحصول على مئات الملايين من العملة الصعبة ثانيا ، و من أجل إعطاء زخم إضافي للتنمية الاقتصادية وخلق إمكانيات ازدهارها ثالثا …ومن ثم هل يتذكر أي مواطن عراقي ذهب إلى مكة بزيارة حج فيما إذا قد حصل على قنينة ماء مجانا ؟!.بالطبع لا يعطون شيئا مجانا في الفاتيكان أيضا ..
بينما من المعروف إن العراق يتمتع بمناطق و آثار سياحية كثيرة ومراقد دينية وتاريخية عديدة ، يمكن الاستفادة منها كثيرا سواء من ناحية تشغيل العاطلين عن العمل ــ وما أكثرهم في العراق حاليا ــ أو من أجل الازدهار الاقتصادي ، إلى جانب ثروات نفطية هائلة التي يمكن أن تجعل من العراق دولة مزدهرة ومتطور على غرار دول الخليج لو يحكمها بعض من رجال دولة محترفين و نزيهين و شرفاء ..
نقلا عن موقع صوت العراق