المسرى .. متابعات
يمثل الارتفاع المتسارع في أسعار صرف الدولار وما يترتب عليه من ارتفاع جنوني في أسعار السلع والمواد الغذائية، إلى جانب التطورات الأخيرة بما بات يعرف بـ«سرقة القرن»، أهم الاهتمامات التي تسيطر على الفضاء الشعبي العراقي هذه الأيام بعد انتهاء بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم التي انشغل فيها المواطنون خلال الأسبوعين الماضيين، وتوج العراق بطلاً لدورتها الـ25.
الاهتمام الشعبي الواسع بهاتين القضيتين سلط المزيد من الضغوط على حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي كان على رأس أولويات حكومته الاهتمام بأسعار صرف الدولار ومحاربة الفساد.
ويواصل الدينار العراقي التذبذب مقابل الدولارالامريكي، حيث انخفض على نحو غير مسبوق في التعاملات المصرفية الاخيرة، ما ادى إلى اضطراب الوضع الاقتصادي والحركة التجارية في البلد، وسط مخاوف من احتمال استمرار الزيادة في أسعار الصرف خلال الفترة المقبلة.
تحذيرات من تظاهرات شعبية غاضبة
القفزة الكبيرة في أسعار الصرف انعكست بشكل سريع على حركة السوق، التي شهدت ارتفاعاً قياسياً في مستويات أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية عما كانت عليه سابقا، الأمر الذي نتج عنه ركود في القوة الشرائية، واستنفارمن قبل المتبضعين.
بالفيديو ..مجلس الوزراء يفاجىء الدولار بقرارات سريعة تهم المواطنين
اتحاد الغرف التجارية كشف في وقت سابق أنّ التجار يواجهون مشاكل كبيرة بسبب إجراءات الحكومة وسياسة البنك المركزي النقدية المتحكمة بسعر العملة في السوق المحلية.
في حين موجة الغلاء أثرت سلباً في أوضاع المواطنين المعيشية، حتى باتت الاسواق شبه خالية، ما يراه تجار وأصحاب المحال مرتبطاً بارتفاع سعر صرف الدولار في الأسواق الموازية (السوداء).
ويحذر خبراء في الشأن الاقتصادي من اندلاع تظاهرات شعبية غاضبة في البلاد خلال المرحلة المقبلة، بفعل أزمة الدولار واستمرار ارتفاع اسعار المواد الغذائية وتناقص قيمة الرواتب.
وكان البنك المركزي العراقي قد خفض سعر الدينار في ديسمبر عام 2020 من 1182 دينارا مقابل الدولار، غلى 1460 دينارا، في خطوة استهدفت تعويض تراجع الإيرادات النفطية حينها.
وحدد البنك المركزي بضعة إجراءات للدفع باستقرار أسعار الصرف منها “توسيع عرض النقد الأجنبي لتلبية طلب الجمهور على الدولار النقدي، كما تم توجيه إدارة النافذة لتلبية طلبات المصارف للأيام القادمة بشكل أسرع من خلال تنفيذ طلبات مضاعفة كما تم إعطاء سعر تفضيلي لتنفيذ الاعتمادات المستندية، ولغرض تغطية الطلب المحلي.
ووصف البنك المركزي في بيان، الارتفاع بـ”البسيط”، فيما قال مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في بيان منفصل، إن الارتفاع في سعر الصرف “أمر مؤقت”، مؤكدا أن وضع البلاد المالي في أحسن أحواله.
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وفي كلمة له قال إنه “لأول مرة تتمحور الموازنة البرنامج الحكومي “، موضحا “أنه في صلب الجهود الحكومة تواصل دعمها للبنك المركزي بإعادة صرف الدولار ونعمل على انهاء السياسيات المالية الخاطئة ” مردفا بالقول “لقد إتخذنا جملة من القرارات الجريئة لدعم الدينار العراقي ونحذر من إستغلال الأزمة”مشيرإلى أنه “لم يرتفع سعر صرف بقرار حكومي وإنما هناك من إستغل الظروف” .
من جانبها كشفت وزيرة المالية طيف سامي، عن ان مشروع قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2023، ضمن سعراً ثابتاً لصرف الدولار عند 1450 الف دينار.
وكشفت بغداد عن “سرقة القرن” بعد مراجعة داخلية أجرتها وزارة المالية أظهرت عمليات احتيال بنحو 3.7 تريليون دينار عراقي ( 2.5 مليار دولار).
أزمة الدولار مرتبطة بمخالفات منها التهريب والتلاعب من قبل بعض المصارف والتجار، وأن الحل الوحيد للازمة هو التفاهم مع الجانب الاميركي بحسب ما اكده زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.
المالكي وفي تصريحات متلفزة قال إن “هناك مخالفات في بعض حوالات التجار العراقيين وهذا يؤثر على المخزون العراقي من الدولار”فيما اشار الى أنه “لا حل لازمة الدولار الا بالتفاهم مع الجانب الاميركي”، مؤكدًا أن “أزمة الدولار مرتبطة ببعض المخالفات منها التهريب والتلاعب من بعض المصارف والتجار”.
إجراءات جديدة .. نصب سونار على الطرق الخارجية
وفي اطار الإجراءات الحكومية لاحتواء الموقف ولرصد حالات تهريب العملة الصعبة الاجنبية ومحاسبة المضاربين بموجب القانون ، قامت وزراة الخارجية و بالتنسيق مع حكومة إقليم كوردستان بنصب أجهزة سونار في الطرق الخارجية.
ويرى مراقبون وخبراء أن هذه الاجراءات المالية والنقدية التي اتخذتها الحكومة خجولة لا ترتقي مع الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الشعب، في الوقت لازالت الحكومة تتحدث بلغة المستقبل مع غياب الحاضر نتيجة أخطاء متراكمة وإجراءات فاشلة في الماضي.
اسباب ارتفاع الدولار مقابل الدينار
وبحسب بيان البنك المركزي، أن من أسباب ارتفاع أسعار الصرف “بناء منصة إلكترونية ترفع المصارف طلبات زبائنها عبرها، والتي باشر المركزي منذ أشهر ببنائها بالتنسيق مع الجهات الدولية لغرض أحكام وتنظيم عمليات نافذة بيع وشراء العملة الأجنبية وتضمن فاعلية الرقابة عليها”.
ويشكك خبراء اقتصاد بتبريرات المركزي ، مشيرين إلى ” مخاوف من احتمال استمرار الزيادة في أسعار الصرف خلال الفترة المقبلة، والتي قد تعني دخول البلاد في مرحلة جديدة من التضخم خاصة مع اعتماده على الاستيراد “في كل شيء”.
فيما ارجعت اللجنة المالية في مجلس النواب، الاسباب الى الضغوط التي يمارس البنك الفيدرالي الأميركي على البنك المركزي العراقي.
وحمل عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، البنك المركزي ووزارة المالية ومجلس الوزراء مسؤولية الارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار امام الدينار فيما دعا اللجنة الى تكثيف اجتماعاتها للضغط على الجهات المعنية ومعرفه اسباب الارتفاع ومعالجتها .
ورغم تطمينات الجهات المعنية والمسؤولين إلا أن مراقبين وخبراء لايرون أن “الحكومة ستعيد سعر الصرف إلى سعره السابق البالغ 148 ألف دينار”، مشددين على أن ” إعادة الأسعار إلى 120 ألف دينار أمر محال وربما لا عودة له”.