أكد الباحث في الشأن الاقتصادي والدولي الدكتور علي دعدوش أن هناك خلل هيكلي في الاقتصاد العراقي، مشددا على أن حل أزمة ارتفاع سعر الدولار الامريكي مقابل الدينار يكمن في الحوار مع البنك الفيدرالي الأمريكي.
وقال الدكتور دعدوش خلال مشاركته في برنامج شؤون عراقية والذي يعرض على شاشة قناة المسرى، إنه لقد تم تشخيص الاسباب التي أدت لارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار منذ الوهلة الأولى، منها المصارف التي لم تدخل للنافذة الالكترونية، وإعادة حوالات لمصارف أخرى، مبينا أن إنخفاض الدولار في السوق وزيادة الطلب عليه أدى لارتفاع سعره شأنه شأن أي سلعة في السوق، مشددا على ان هذا هو السبب الاقتصادي، مضيفا ان هناك أسباب سياسية أدت لحدوث هذا السبب الاقتصادي وأثرت بشكل مباشر على إرتفاع سعر الدولار.
علي دعدوش: الحوار مع واشنطن ينهي أزمة الدولار
وأضاف الدكتور دعدوش أن البنك المركزي إتخذ عدة إجراءات بهذا الصدد وحاول بشكل مباشر لزيادة المعروض من الدولار في السوق، لكن المشكلة تكمن في دولار الحوالات وليس في الدولار النقدي، مبينا أن عدة حوالات أرجعها البنك الفيدرالي الأمريكي وأدت لنقص في الدولار، وفرض عقوبات على مصارف عراقية وهو ما ادى بشكل مباشر لإنخفاض المعروض.
وعن السبب في تأثير العقوبات الامريكية على مصارف عراقية على سعر الدولار رغم انه سبق وأن فرض عقوبات مماثلة في السابق، أوضح الدكتور دعدوش أن العقوبات هذه المرة كانت على 4 مصارف تشغل ما يقارب الى 40% من مبيعات النافذة، مبينا أن الفيدرالي الأمريكي كان قد منح البنك المركزي العراقي إستثناء لغاية 2020، مشيرا إلى أن الفيدرالي الأمريكي أخبر المركزي العراقي في 2020، بضرورة الالتزام بالمنصة الجديدة وبأن ذلك سيطبق في 2-1-2023 وأن على المركزي العراقي الاندماج بالمنصة العالمية، لافتا إلى أنه كان هناك تعارض بين المصارف الخاصة والبنك المركزي، حيث أن الانضمام للمنصة الجديدة ستقلل أرباح المصارف الخاصة وقررت عدم الدخول في المنصة، وهذا ما أدى لإنخفاض دولار الحوالات وارتفاع سعره.
علي دعدوش: العراق بحاجة لتأسيس صندوق سيادي
وشدد الدكتور دعدوش على أن هناك خلل هيكلي في الاقتصاد العراقي، فهو يعتمد على سلعة واحدة وهي النفط وهذه السلعة متقلبة، وبالتالي عند إنخفاض الأسعار في 2020 أثر بشكل مباشر على ايرادات الحكومة، وبالتالي لم تكن الحكومة تمتلك أي حلول ولجأت لحل تخفيض سعر الدينار لكسب المزيد من العملة وسداد رواتب الموظفين، مشددا على أن هذا بمثابة الشرارة الأولى للأزمة، مؤكدا أن سبب الأزمات جميعها هو عدم تنوع الاقتصاد العراقي واعتماده على النفط.
وشدد الدكتور دعدوش على ضرورة تأسيس صندوق سيادي في العراق لتجاوز الأزمات، محذرا من أزمات أخرى ستحدث في حال لم تتم معالجة المشكلات الهيكلية وعدم تنويع الاقتصادي، موضحا أن الصندوق السيادي تستخدم أمواله لعمليات الاستثمار لزيادة إيرادات الحكومة، فهو أمان للاقتصاد العراقي.
واشار الدكتور دعدوش أن أزمة إرتفاع سعر الدولار ستنتهي عند دخول المصارف في المنصة الجديدة، ويعود سعر الصرف الى 1450، لكن تخوف المصارف من دخول المنصة إنعكس على سعر الدولار في الأسواق.
علي دعدوش: كلما تأخر الحوار مع واشنطن إرتفع سعر الدولار
وعن السبب في ارتفاع أسعار السلع الغذائية مع إرتفاع سعر الدولار، قال الدكتور دعدوش إن الاقتصاد العراقي يعتمد على الاستيراد وجميع السلع تستورد بالدولار، وحين يرتفع سعر الدولار فإن التاجر يحافظ على أرباحه بزيادة الاسعار لتعويض الارتفاع بسعر الدولار.
وعن الاجراءات الحكومية لمواجهة إرتفاع سعر الدولار، أوضح الدكتور دعدوش ان إجراءات الحكومة المتمثلة بإغلاق محلات صيرفة غير مرخصة، كان لابد القيام به سابقا، وهو إجراء سليم لحماية الأمن الاقتصادي، لافتا إلى أن إجراء الحكومة ببيع المواد الاساسية بأسعار مدعومة يقلل نسبيا من التأثيرات، مشددا على أن الإجراءات ترقيعية والحل الأساسي يكمن في اللجوء إلى البنك الفيدرالي الأمريكي والتفاوض معه.
وعن شكل الحوار مع الفيدرالي الأمريكي، شدد الدكتور دعدوش على ضرورة شرح تأثيرات ارتفاع الدولار على المواطن العراقي للجانب الأمريكي، مبينا أنه في الجانب السياسي فإن الولايات المتحدة لا تريد أن تذهب عملتها لدول الجوار مثل ايران وتركيا، مشيرا إلى أن محاولة واشنطن إعادة هيبتها على المنطقة أدى إلى ذلك وبدأت عملية سيطرتها في العراق والضحية كان العراق.
وتابع الدكتور دعدوش ان أزمة الدولار تحل في حال طلب المركزي العراقي من الفيدرالي الأمريكي مهلة لعدة أشهر وإعطاء ضمانات بدخول المصارف الخاصة في المنصة الجديدة وبالشروط الجديدة التي وضعها الفيدرالي الأمريكي، مشددا على أنه كلما طال عدم الجلوس مع الفيدرالي الأمريكي طال أمد الأزمة، وسعر الدولار سيواصل الارتفاع.