لهيب خليل
يبقى الهدف من المشاريع الاقتصادية هو إيجاد نمط إنتاج يتماشى مع نمط أي بلد، ليستوعب البطالة الناشئة نتيجة التطور التكنلوجي والاقتصادي وزيادة عدد السكان ليمنحهم فرص لإنتاج حاجاتهم الأساسية بأنفسهم، أي إنتاج الغذاء والحاجيات الأساسية مما سيزيد الناتج المحلي ويوفر أعمال لها مردود اقتصادي حقيقي على الأفراد والمجتمع ولهذا يطرح اقتصاد الاستدامة (الانتاج التشاركي *) والذي يحتاج إلى مشاركة عدد كبير من الأفراد لإنتاج بضاعة أوخدمة للاستهلاك الشخصي ولأجل إتاحتها للآخرين رخيصة وبالعملة المحلية، ومن الأمثلة على ذلك يعتبر الويكيبيديا مثالا على الإنتاج التشاركي في العالم الرقمي، حيث أن مئات الآلآف يستخدمون منصة واحدة، ويقومون بتغذيتها بالمعلومات لاستفاد الجميع ، مثال آخر حيث قامت المانيا في السنوات الماضية بإقرار دعم حكومي للأفراد الذين يقومون بنصب خلايا شمسية أو مولدات الرياح لإنتاج الطاقة الكهربائية من أسطح منازلهم أو أراضيهم وباحات منازلهم وشرعت القوانين للسماح بربط هذه المشاريع بالشبكة المركزية، بحيث يقوم المنتجين الفرديين للطاقة، باستهلاك ما يحتاجونه وبيع الفائض منه من خلال الشبكة المركزية ، أو شراء ما ينقص عن الحاجة، بهذه الطريقة يتشارك ملايين المنتجين للطاقة الكهربائية في الشبكة المركزية ويحصلون على حاجاتهم من الطاقة بطريقة شبه مجانية. الاقتصاد التشاركي يحتاج إذن إلى بنية تحتية هي موجودة أحيانا في أغلبية دول العالم أو يمكن بناؤها وتطويرها. كما أنه يحتاج إلى تشريعات قانونية وإلى دعم حكومي. ومشاركة الملايين من المنتجين الذين سيملكون وسائل إنتاجهم. فالإنتاج مرتبط بالاستهلاك بالدرجة الأولى، وليس بالسوق أو الارباح، والقضية ليست ملكية للدولة وبهذه الطريقة يوفر السكان حاجاتهم من الطاقة بأنفسهم بشكل شبه مجاني. إنتاج الطاقة بهذه الطريقة جرى تسميتها بأنترنيت الطاقة، وتنتج المانيا قرابة 30% من الطاقة بهذه الطريقة، وفي العديد من المدن تقوم الإدارات البلدية ببناء مشاريع أكبر كاستثمار رخيص جدا، يمكن تعميم هذا النموذج على تأمين الغذاء من خلال الزراعة السمكية وهو نمط من الزراعة التي يمكن أن توفر نسبة من الحاجات الغذائية للعاملين فيها ويمكن بناء هذه المشاريع في كل حي سكني حيث يتشارك السكان في زراعة حاجاتهم و بمقدور هذه المشاريع أن تكون تشاركية أو تعاونية، وهو ضمان الأمن الغذائي الحقيقي لأن الأغلبية ستساهم وممكن إذا دعمت الدولة البنية التحتية للتعاونيات الزراعية القائمة على الزراعة السمكية المسماة (الأكوابونيك) وهو أحد فروع الزراعة المائية وهو عبارة عن نظام زراعي يدمج بين تربية الأحياء المائية (الأسماك)، وتربية النباتات مائيًا أي هو مزيج بين زراعة الأسماك واستنبات النباتات ضمن نظام متكامل واحد وإذا شرعت التشريعات اللازمة لتنظيمها فيصبح بمقدور الملايين من السكان الذين لا يجدون فرص للعمل والمشاركة في تأمين غذائهم بانفسهم .
إن الاقتصاد القائم على المشاركة بمقدوره أن يمتد إلى جوانب عديدة من الحياة، فقد ظهرت مؤخرا تجارب في عدد من البلدان وتم تطوير نظام الاستعارة في المكتبات العامة إلى أماكن لاستعارة الأدوات الكهربائية وغيرها من الأجهزة المنزلية، كأن يكون منشار كهربائي، آلة اللحام أو كاميرا وما شابه، عبر تطوير نظام الاستعارة في المكتبات العامة وشمولها جميع لوازم الإنتاج المنزلي، ساعتها ستكون الفرصة متاحة أمام السكان ليقوموا بصناعة حاجاتهم بأنفسهم. فبدلا من شراء منضدة سيكون بمقدورك صناعة منضدة عبر إعادة تدوير منضدتك القديمة. بمقدورك صناعة مولدة طاقة من الرياح، أو من دراجة هوائية تقوم بتطويرها لإنتاج الطاقة أثناء ممارستك الرياضة يمكن أن يتشارك سكان الأحياء أجهزة غسل الملابس أي الغسالات وغير من الأدوات..
*الاقتصاد التشاركي (اقتصاد المشاركة أوالاقتصاد التعاوني) هو نظام اقتصادي مستدام يقوم على مشاركة القوى البشرية والمادية، ويشمل الإبداع والإنتاج والتوزيع والإتجار والاستهلاك التشاركي للبضائع والخدمات بين مختلف الأفراد والمنشأت التجارية.