المسرى متابعات ..
بعد سنوات وُصفت بالعجاف تشهد الأهوار والأراضي الزراعية في المناطق الوسطى والجنوبية التي عانت من شح المياه والجفاف، انتعاشا ملحوظا بعد ارتفاع مناسيب المياه وانخفاض نسبة الأملاح الذائبة فيها، بفضل الأمطار التي هطلت على البلاد في الآونة الأخيرة.
ويؤكد حسين علي الكناني مدير عام مركز إنعاش الأهوار والأراضي الرطبة التابع لوزارة الموارد المائية، في تصريحات تابعها المسرى، تحسن الوضع المائي والبيئي لأهوار محافظات البصرة وميسان وذي قار، مشيرا إلى أنه بعد فترة الشح المائي الذي عانت منه البلاد خلال الثلاث سنوات الماضية كانت هناك حالات مطرية هطلت على العراق نهاية العام 2022، وأعدت وزارة الموارد المائية خطة عاجلة من أجل استغلال مياه الأمطار لإرواء المساحات الزراعية والاستفادة من كميات المياه في الأنهار والأعمدة الرئيسة منها من أجل الاستفادة منها في إعادة إغمار مناطق الأهوار في المحافظات في ذي قار وميسان والبصرة.
وأضاف الكناني أنه تم الحراك العاجل من قبلنا بالتنسيق مع هيئة التشغيل ومن خلال مديريات الموارد المائية في المحافظات الثلاث من أجل اطلاق الحصة المائية أو التصاريف الموجودة المتيسرة بعد تأمين الإرواء للمساحات الزراعية من خلال الأمطار، وتم دفع التصاريف باتجاه مناطق الأهوار في هذه المحافظات فتحسن الوضع المائي بشكل متتابع في مناطق الأهوار.
ارتفاع مناسب المياه في الجبايش
وتابع أن الوضع حسن الأهوار في الجبايش بذي قار وارتفعت المناسيب فيها أكثر من 55 سم، والأهوار الوسطى في محافظة ذي قار التي هي تقع أيسر الفرات أيضاً اندفعت بها المناسيب نحو 60 سم، وهور أبو زرك في محافظة ذي قار الذي يتغذى من نهر الغراف والمتفرع من نهر دجلة أيضاً ارتفعت فيه المناسيب لأكثر من متر و23 سم، وأهوار الشافي في محافظة البصرة التي تتفرع من نهر الشافي الذي يتغذى من شط العرب تحسن الوضع فيها ووصلت نسبة الإغمار لأكثر من 80%، وتحسن الوضع البيئي في كل مناطق الأهوار.
كما وذكر الكناني أن نسبة الأملاح الذائبة في هور الحويزة في محافظة ميسان انخفضت وارتفعت المناسيب فيه لأكثر من 30 سم، وانخفضت الأملاح الذائبة نتيجة هذه الزيادة في أهوار المحافظات الثلاث، ونأمل خلال الفترة المقبلة أن تكون هناك حالات مطرية جديدة من أجل الاستمرار في الملء التدريجي لمناطق الأهوار.
من جانبها أكدت لجنة الزراعة والمياه النيابية، ارتفاع مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات وسدود العراق مع انتعاش الاهوار في الجنوب بعد الأمطار الأخيرة التي شهدتها البلاد خلال الفترة الأخيرة.
وذكرت اللجنة في بيان لها إن موجة الأمطار التي شهدتها المحافظات العراقية مؤخرا ساهمت في ارتفاع منسوب المياه في نهري دجلة والفرات والسدود العراقية، إضافة إلى إرتفاع طفيف لمنسوب المياه لبحيرة الرزازة وتحسين نوعيتها والتقليل من ملوحتها، مضيفة أن كمية الأمطار التي هطلت ساهمت في انعاش الاهوار في المحافظات الجنوبية وأدت إلى ارتفاع منسوب المياه فيها إلى اكثر من 50 سم وخاصة في اهوار الجبايش بعد أن كانت اقل من ذلك بكثير.
وكانت منظمة الجبايش للسياحة والبيئة في محافظة ذي قار قد أعلنت في وقت سابق، عن زيادة كبيرة بنسبة الاغمار المائي في الأهوار بعد موجة الأمطار الأخيرة التي هطلت في محافظات البلاد كافة.
واعلنت وزارة الموارد المائية، في أن الأمطار التي هطلت مؤخرا على مناطق عدة في محافظات الوسط والجنوب كافة توزعت شدتها بين المتوسطة إلى الغزيرة، متوقعة ورود سيول من إيران إلى مناطق شرقي البلاد.
ووفقا لبيان صادر عن الوزارة فإن هذه الأمطار ستساهم في تعزيز تصاريف نهر دجلة وايصالها الى المحافظات الجنوبية لتلبية المتطلبات كافة وخصوصا الرية الثانية من الزراعة الشتوية وتامين المياه للمناطق التي عانت من الشحة المائية وتعزيز هور الحويزة والاهوار الوسطى وهور ابو “زرگ” وتحسين بيئة شط العرب.
وتعاني مدن العراق من شح المياه في الأنهر وكذلك تضاؤل كميات هطول الأمطار وموجات الجفاف بسبب قيام دول المنبع “تركيا وإيران” بقطع وتقليل حصته من المياه، إلى جانب التغير المناخي.
الأهوار بديعة الطبيعة في العراق
الأهوار هي منطقة للمستنقعات المائية الضحلة والعذبة وأشبه ما تكون بالبحيرات الكبيرة المتعددة والمتفرقة وتقع وسط وجنوب العراق ممتدة من وسطه في الأراضي المنخفضة المحصورة بين نهري دجلة والفرات وتغطي مساحات شاسعة اختلفت تقديراتها الفعلية لتتراوح بين 7000 إلى 9000 كلم مربع وأكثر تقريباً وذلك لصعوبة حصر امتدادها الجغرافي وتعرض معظمها للتجفيف.
وتتكون هذه المنطقة على شكل مثلث تقع مدن العمارة والناصرية والبصرة على رؤوسه الثلاثة وتنقسم إلى أهوار شرقية وغربية مليئة بالجزر الطبيعية صغيرة المساحة نسبياً يسكنها في بيوت مبنية من القصب والحجارة قبائل المعدان العربية المنتفعين من الزراعة وتربية المواشي وصيد الأسماك ويتنقلون في قنواتها المائية بقوارب “المشخوف” الخشبية الخفيفة.
وامتازت الأهوار قديما بوفرة مياهها وخصوبة أراضيها وتنوع حياتها الفطرية وخصوصاً في نهاية فصل الشتاء وابتداء الربيع وهي موطن طبيعي للعديد من فصائل النباتات والحيوانات والطيور النادرة والأسماك ولكن في الوقت الحالي لم يبقَ الكثير من ذلك في تلك المنطقة التي تعود حضارتها إلى ما يزيد على 5000 عام تقريباً بحسب ما تم توثيقه عنها في الحضارة السومرية. ومنذ زمن ليس بالبعيد تحولت الأهوار من أوفر مناطق العالم وأغناها بالنعم إلى واحدة من الكوارث الطبيعية المفتعلة من التدخل الجائر للإنسان لأسباب عديدة منها الرغبة في تجفيف بعض أجزائها بحجة التوسع في مساحة الأراضي الزراعية فيما كانت الأخرى محاولات سيادية لفرض السلطة عليها خوفاً من خروجها بسهولة عن السيطرة لصعوبة بيئتها. وما حصل وتم اعتباره جريمة إنسانية وبيئية في حق الأهوار وسكانها وكل كائناتها الحية أدى بسبب تحوير مصبات الأنهار وفروعها وبناء السدود الترابية والخرسانية إلى تقلص شديد ومتسارع في مساحات المناطق المغمورة بالمياه إلى نسبة قاربت الثلثين ليكون من عواقب ذلك تباعاً لسلبيات ما حدث هجرة ونزوح أعداد كبيرة من السكان إلى مناطق معيشية أخرى.