تشهد مواقع التواصل الاجتماعي رواجا كبيرا وإقبالا كثيفا وزيارات عديد، حتى أصبحت جزءا لا يتجزأ من الحياة الروتينية اليومية لشريحة كبيرة من العراقيين، ومنذ ظهور تطبيقات التواصل عن طريق مشاركة الفيديوهات القصيرة، لجأ الكثير من مشاهير هذه المواقع الى بث مقاطع فيديو يُقدمون فيها محتوى هابط لا ينسجم مع الثقافة العامة والعادات والتقاليد المجتمعية، كما يصفها البعض، فيما أطلقت وزارة الداخلية العراقية حملة لرصد تلك المحتويات.
حملة ضد اصحاب المحتوى السئ
وفي 8 /2 /2023 وجه مجلس القضاء الأعلى، باتخاذ إجراءات مشددة بحق أصحاب المحتوى المسيء للذوق العام.
رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان في اعمام رسمي وجهه إلى رئاسة الادعاء العام وهيئة الاشراف القضائي ومحاكم الاستئناف كافة، قال” إنه لوحظ من خلال الرصد الاعلامي استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر محتويات تسيء للذوق العام وتشكل ممارسات غير أخلاقية اضافة الى الاساءة المتعمدة وبما يخالف القانون للمواطنين ومؤسسات الدولة بمختلف العناوين والمسميات لذا اقتضى اتخاذ الإجراءات القانونية المشددة بحق من يرتكب تلك الجرائم وبما يضمن تحقق الردع العام.
وأصدرت محكمة جنح الكرخ حكمين، الأول بالحبس لمدة سنتين بحق المدان (حسن صجمة)، والثاني لمدة ستة اشهر بحق المدانة (غفران مهدي سوادي) المدعوة بـ (ام فهد) لقيامهما بنشر عدة افلام وفيديوهات تتضمن اقوال فاحشة ومخلة بالحياء والآداب العامة وعرضها على الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منوهة في بيان لها أن “الحكمين بحق المدانين يأتيان استنادا لاحكام المادة 403 من قانون العقوبات المرقم 111 لسنة 1969 المعدل”.
وتقول المادة المذكورة آنفا “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن 200 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع أو استورد أو صدر أو حاز أو أحرز أو نقل بقصد الاستغلال أو التوزيع كتابا أو مطبوعات أو كتابات أخرى أو رسوما أو صورا أو أفلاما أو رموزا أو غير ذلك من الأشياء إذا كانت مخلة بالحياء أو الآداب العامة”.
مصدر أمني مسؤول افاد في وقت سابق، بإلقاء القبض على ستة أشخاص بينهم نساء من المشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي جراء نشرهم محتويات سيئة وتخالف الذوق والآداب العامة.
وكان مصدر رفيع المستوى بوزارة الداخلية العراقية، قد كشف نهاية العام 2022، لوسائل الاعلام عن تشكيل اللجنة القضائية العليا لمحاربة المسيئين للأعراف والتقاليد الاجتماعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد.
ولاتملك الحكومة إحصائيات بأعداد أو نسب العراقيين المستخدمين لشبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وذلك بحسب ما يؤكده المتحدث باسم وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي عبد الزهرة الهنداوي، والذي عزا السبب في ذلك الى عدم وجود تعداد سكاني في البلاد .
ردود افعال متباينة
وأثار اعتقال عدد من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي جدلاً واسعا وردود افعال متباينة، بين مؤيد ومعارض .
تقول الإعلامية روناك سوزة في حدث خصت به المسرى : ان “فضاء السوشيال الميديا واسع جدا وفيها شخصيات كثيرة اتخذت منها منبرا لافكارها ومحتواها”، مشيرة الى ان “الكثير من هذه الشخصيات اساءت للذوق العام واساءت لعدة مجالات منها الاعلام والفن ويروجون لها بشكل منحط وسلبي جدا، لذلك لا بد من وقفة تحد من خطورة إلا أن هذه الخطوة أثارت جدلا واسعا في البلاد، فبينما لاقى الإعلان استحسانا من طرف البعض، خاصة أولياء الأمور، عارضه آخرون على اعتبار أنه مسّ بالحريات العامة والخاصة على حد سواء.
اما المخرج كرار موسى وفي حديث خاص للمسرى قال : ان “المواقع جاءت الى العراق بشكل عبثي وليس مدروسا وان الترند يكون للمستوى الهابط والسيئ على مواقع التواصل الاجتماعي”، مضيفا، ان “هذه الخطوة عبثية جدا ومن الضروري الوقوف حيالها وتصحيحها”.
الحلول المطروحة
إن احد الحلول المطروحة للتقليل من ضرر المحتوى الهابط والاستفادة من ايجابيات التواصل الاجتماعي، هو استهداف الشباب والمراهقين بندوات ومحاضرات توعوية تختص بآلية الاستخدام الصحيح لمواقع التواصل الاجتماعي واختيار المحتوى الجيد للمشاهدة، وفي هذا الشان يضيف الاستاذ الدكتور أمير هشام المدرس في كلية الفنون الجميلة بجامعة بابل للمسرى، ان “الندوات الثقافية والجماهيرية مؤثرة جدا خاصة في المؤسسات الجامعية”، داعيا الى ضرورة “ان تكون الندوات التوعية والثقافية حتى في المواحل الاعدادية، باعتبار ان الطفل والشاب المراهق كثير الاستجابة لعملية التلقي في الوعي”.
فيما يرى تربيون وجوب التحديث على المنظومة التعلمية في ظل الانتشار المخيف في التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي من خلال ادخال الاجهزة اللوحية في الدراسة واستغلال المنصات الالكترونية لترويج المحتوى التعليمي.
وحول ذلك، يقول التربوي وصانع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي وليد اللهمود للمسرى: انه “من الضروري اجراء تحديث على المناهج التربوية، لان العملية التربوية اليوم ليس فقط حمل قلم والكتابة وعلينا معرفة اين يتجه العالم، للتفرقة بين المحتوى الهابط الذي يجب عدم مشاهدته والجيد الذي يجب مشاهدته”.
واطلق مجموعة من الاعلاميين حملة #تصحيح التي اطلقها عبر منصاتهم والتي لاقت ترحيبا وصدى واسعا بين الاوساط الاعلامية والثقافية والحكومية، اطلق مجموعة من الناشطين على مواقع التواصل حملة واسعة لإلغاء متابعة “صناع المحتوى الرقمي الهابط” وذلك لانتهاكهم معايير المجتمع الأخلاقية.
يقول مؤسس حملة تصحيح الاعلامي محمد الفهد للمسرى:إن “حملة تصحيح، اطلقناها من اجل تسليط الضوء على بعض السلوكيات الخاطئة والتي ترتقي والذوق العام ولا قيم المجتمع”، مشيرا الى ان “حملة تصحيح هدفها هو ان يكون كل محتوى يراعي قيم المجتمع وتاريخ البلاد”.
وكان مركز الإعلام الرقمي (منظمة غير حكومية)، قد كشف في وقت سابق ، أن عدد مستخدمي شبكات التواصل بمختلف أنواعها خلال عام 2022 بلغ نحو 28 مليونا و300 ألف مستخدم، حيث يشكل الذكور ما نسبته 67.9%، بحسب المركز.
وتتراوح أعمار مستخدمي مواقع التواصل بين 5 و34 عاما، في الوقت الذي أكد فيه المركز أن تطبيق تيك توك شهد زيادة كبيرة بأعداد المتابعين العام الماضي.
يستخدم 25 مليون مواطن عراقي مواقع التواصل الاجتماعي، وبسبب الانفتاح الكبير وانتشار مواقع التواصل اصبحت المواقع من اكبر المخاطر التي تهدد تماسك المجتمع وعادات وتقاليد العائلة، بعد ان شهد استخدامها بعض الأخطاء والهفوات بسبب عدم وجود تدرج في الانفتاح والحرية. بحسب مراقبين ومعنيين