المسرى .. محمد البغدادي
يجري الحديث في الأروقة السياسية ومنظمات المجتمع المدني منذ فترة ليست بالقصيرة على ضرورة تعديل الدستور بما يتوافق مع مطالب شريحة واسعة من مكونات الشعب العراقي الطامح الى العدالة في التعاطي مع هموم المواطن الدستورية والقانونية ، فيما يشير سياسيون ونواب وقانونيون الى أن الدستور الحالي لم يفي بمتطلبات الغالبية الوطنية مادامت ممثلة ضمن العراق الواحد دستوريا ، وبات من الأهمية بمكان العمل على توحيد الرؤى والتوجه الى صياغة عقد سياسي ينصف الجميع بشكل فعلي وفعال.
ويرى جواد اليساري النائب الأول لرئيس لجنة الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة باقليم النيابية ، أن تغيير مواد الدستور لن يتم الا بإتفاق المركز والإقليم .
وقال اليساري في تصريح تابعه المسرى اليوم الإثنين ، إن الأوضاع في العراق غير مناسبة ، وربما أصبحت أكثر تعقيدا في السنوات الأخيرة ، خاصة بما يتعلق بتعديل او تغيير مواد الدستور” ، مضيفا ، أن ” الدستور العراقي دستور جامد ، ليست فيه أية مرونة ، على العكس من الدساتير الأخرى ، التي فيها مرونة ويمكن اجراء تغييرات عليها بسهولة”، مشيرا الى أن ” الدستور العراقي لايمكن تغيير أية مادة فيه ، الا بإتفاق بين الحكومة في بغداد وحكومة الإقليم ، وهذا لن يحصل بالوقت الحاضر”. وفق تعبيره
وأشار محمد شياع السوداني رئيس مجلس الوزراء ، الى أهمية أن تسري كلمة القانون في جميع الظروف.
شدد السوداني ، وفق مكتبه الإعلامي ، في وقت سابق خلال زيارة الى المحكمة الاتحادية على أن ” الحكومة تؤكد في كل خطواتها بأن العراق بلد يحكمه الدستور والقانون ، وتعمل على ضمان استقلال القضاء والحفاظ على هيبته”.
في حين قال عمار الحكيم القيادي في الإطار التنسيقي في يوم الشهيد العراقي إنه ” في ظل التجربة السياسية وما آلت اليه الأمور من نضج سياسي وتراكم في تجارب المسار الديمقراطي، أصبح التفكير بإعادة النظر في بعض المواد الدستورية أمرا جديا وضروريا ولابد من التوقف عنده”.
وذهب نجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان في ذات السياق ، الى أن “بناء الثقة والنضال المشترك من جميع الأطراف في سبيل التحرر من الإضهاد خلق محبة بين جميع مقومات العراق لذلك كتبنا معا دسورا على أساس تأمين حقوق جميع مكونات العراق ولا يجوز إبداله مثلما يجري الآن بل يجب تطبيقه الآن ويجب ضمان جميع حقوق المكونات وفق الدستور ، ويجب أن يكون نظام العراق فدراليا حقيقيا وفق الدستور ، واننا في إقليم كردستان وبناء على إتفاقية تشكيل الحكومة ندعم السوداني ونأمل أن تنفذ بنود هذه الإتفاقية في الوقت القريب كما ندعمه في إعادة السلطة المدنية الى جميع المحافظات والعمل على أرضية لحل المشاكل بين الإقليم والمركز”.
وللقضاء كلمته حيث لفت في أكثر من مجال الى وجوب أن لا يكون المنصب الوظيفي حامياً لمن يخالف الدستور. وذكرت المحكمة الاتحادية في بيان طالعه المسرى ، أن “عدم العمل بأحكام الدستور وفق أي نص من نصوصه يرتب المسؤولية الشخصية للمتسبب بذلك”.
وعبر بيانه ، بخلاف ” ذلك يتحول النظام السياسي في الدولة من نظام ديمقراطي، يقوم على أساس مبدأ التداول السلمي للسلطة واعتبار ان السيادة للقانون والشعب مصدر السلطات وشرعيتها، إلى نظام استبدادي يقوم على التسلط وهدر الحقوق والحريات كافة وهدر لكرامة المواطن ومخالف لكافة مرتكزات اليمين الدستورية المحددة بموجب المادة (50) من الدستور”.
وخلال لقائه اوضح فخامة عبد اللطيف رشيد رئيس الجمهورية لوفد حكومة إقليم كوردستان بحسب المكتب الرئاسي في بيان تلقى المسرى نسخة منه ، ضرورة تعزيز الحوار والتلاقي بين بغداد واربيل لبحث المسائل العالقة ووضع جدول زمني لإقرار القوانين في مجلس النواب وصولاً إلى حلول مُرضية تستند إلى الدستور والقانون وتضمن حقوق المواطنين”.
من جانبهم ، ثمّن “أعضاء وفد الإقليم “توجيهات رئيس الجمهورية، مؤكدين أهمية تقريب وجهات النظر بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان وتذليل المصاعب والإسراع بإقرار قانون الموازنة والمضي قدماً نحو تحقيق تطلعات أبناء الشعب”.
في السياق بين ، بافل جلال طالباني رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني للسفير البريطاني في العراق مارك برايسون ريتشاردسون، في لقاء جمعه في منزل مام جلال آخر التغييرات الاقتصادية والسياسية في العراق، والتنسيق بين القوى والأطراف السياسية من أجل إنجاح وتنفيذ برنامج الحكومة الجديدة.
وأشار طالباني وفق /مكتبه الإعلامي/ ، إلى الخطوات الأخيرة للحكومة الجديدة قائلا إن “خطوات الحكومة والعمل على تطبيق الدستور وسيادة القانون في البلاد مبعث سرور”.
واضاف “علينا جميعا في هذا الظرف الحساس للعراق أن نكون داعمين ومساندين للحكومة وذلك من أجل إيصال العراق إلى بر الأمان وبناء مستقبل أكثر ازدهارا”.
وتشير هيفار محمد عمر ، الكاتبة المحامية، ” كما “هو معلوم أن الدستور يمثل مجموع الإرادات الحرة الوطنية للناخبين في عملية ديمقراطية سياسية و قانونية لتحديد الحقوق و الواجبات للسلطة والأفراد معا و لجميع أطياف الشعب بأقلياتها و أكثريتها دون استثناء، و من غير المنطقي والمعقول و هذا ما يعتبر كفرا قانونيا و جريمة دستورية ووطنية لا تغتفر حين يحاول البعض تجزئة النصوص الدستورية حسب الولاءت و الإملاءات السياسية و الحزبية الضيقة”.
من الممكن و من وجه النظر القانونية لربما الإختلاف في تفسير مادة دستورية او مبدأ دستوري أو نص دستوري في مسالة ما، لكن هذا لا يعني عدم الإعتداد بها، فالمشرع حين يعمل على صياغة المواد الدستورية يزرع الروح الوطنية و الفلسفة الديمقراطية في قوالب قانونية داخل الهرم الأعلى في الدولة و قد عالج المشرع أيضا هذه المعضلة بالرجوع الى المحكمة الدستورية او المحكمة العليا او المحكمة الاتحادية حسب النظام القانوني و السياسي للدولة و هذا منعا للخروج او التهرب او التعسف في استعمال الأدوات القانونية لإجهاض نص او مبدأ ما.”
وفي ديباجته يشدد الدستور العراقي 2005 ” عرفاناً منّا بحقِ الله علينا، وتلبيةً لنداء وطننا ومواطنينا، واستجابةً لدعوةِ قياداتنا الدينية وقوانا الوطنية واصرارِ مراجعنا العظام وزعمائنا وسياسيينا، ووسطَ مؤازرةٍ عالمية من اصدقائنا ومحبينا، زحفنا لأول مرةٍ في تاريخنا لصناديق الاقتراع بالملايين، رجالاً ونساءً وشيباً وشباناً في الثلاثين من شهر كانون الثاني من سنة الفين وخمسة ميلادية، مستذكرين مواجع القمع الطائفي من قبل الطغمة المستبدة ومستلهمين فجائعَ شهداءِ العراق شيعةً وسنةً، عرباً وكورداً وتركماناً، ومن مكونات الشعب جميعها، ومستوحين ظُلامةَ استباحة المدن المقدسة والجنوب في الانتفاضة الشعبانية ومكتوين بلظى شجن المقابر الجماعية والاهواروالدجيل وغيرها، ومستنطقين عذابات القمع القومي في مجازرِ حلبجةَ وبرزانَ والانفال والكورد الفيليين، ومسترجعين مآسي التركمان في بشير، ومعانات اهالي المنطقة الغربية كبقية مناطق العراق من تصفية قياداتها ورموزها وشيوخها وتشريد كفاءاتها وتجفيف منابعها الفكرية والثقافية، فسعينا يداً بيد، وكتفاً بكتف، لنصنع عراقنا الجديد، عراق المستقبل، من دون نعرة طائفية، ولا نزعة عنصرية ولا عقدة مناطقية ولاتمييز، ولا إقصاء .
نحنُ شعبُ العراقِ الناهض توّاً من كبوته، والمتطلع بثقة إلى مستقبله من خلال نظامٍ جمهوري اتحادي ديمقراطي تعددي، عَقَدَنا العزم برجالنا ونسائنا، وشيوخنا وشبابنا، على احترام قواعد القانون وتحقيق العدل والمساواة، ونبذ سياسة العدوان، والاهتمام بالمرأةِ وحقوقها، والشيخ وهمومه، والطفل وشؤونه، واشاعة ثقافة التنوع، ونزع فتيل الإرهاب.
نحنُ شعبُ العراق الذي آلى على نفسه بكلِ مكوناته وأطيافه ان يقرر بحريته واختياره الاتحاد بنفسه، وأن يتعظ لغده بأمسه، وأن يسُنَّ من منظومة القيم والمُثُل العليا لرسالات السماء ومن مستجدات علمِ وحضارةِ الانسانِ هذا الدستور الدائم/ إنّ الالتزام بهذا الدستور يحفظُ للعراق اتحاده الحر شعبا وأرضاً وسيادةً .