تغطية: حسان معن
إعداد: كديانو عليكو
تؤكد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو، أن تغطية تغير المناخ تعني عدة أشياء، على المستوى المحلي، يمكنها إنقاذ الأرواح وصياغة الخطط وتغيير السياسات وتمكين الناس من اتخاذ خيارات مستنيرة. ومن خلال التقارير المستنيرة، يمكن للصحفيين تسليط الضوء على ثروة الأنشطة التي يقوم بها الناس بالفعل للاستعداد لتغير المناخ.
على المستوى الدولي، يمكن للصحافة أيضاً أن تقدم قصصاً إقليمية إلى الجماهير العالمية وتساعد في تشجيع البلدان الغنية والقوية ومواطنيها والشركات الموجودة هناك، على العمل بالتضامن مع المجتمعات المعرضة لآثار المناخ.
ويقول الصحفي محمد الباسم للمسرى: إن “منظمة (JHR) الكندية بتمويل ودعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية الأنظف أقامت جلسة في مدينة السليمانية، حضرها أكثر من 15 ناشط وناشطة من الصحفيين والصحفيات، وجرى الحديث عن المشاكل البيئية والتغيرات المناخية التي ضربت العراق ولم تستثن أي محافظة منها”.
وأضاف الباسم، أنه “جرى الحديث أيضا خلال الجلسة عن سبل معالجة المشاكل البيئية وكيفية إدارة الحملات الصحفية من أجل تمكين الفلاحين والمزارعين والتعريف بالمظاهر البيئية ومحاولة دعوة الحكومة العراقية من أجل تمكين الفلاحين وفتح مسارات جديدة للحوار مع دول الجوار للحصول على الحصص المائية الكافية للعراق”.
من جانبه أضاف الكاتب والصحفي عباس صحبت للمسرى، أن “مختلف قطاعات المجتمع يجب أن يكون لها دور في محاربة التغيرات المناخية والحد من التصحر والتغيرات البيئية الخطيرة التي يواجهها العراق والعالم بشكل عام”.
وأوضح صحبت، أن “الصحافة يقع عليها الدور الأكبر في التغيرات المناخية، كونها تشكل الضاغط والرأي العام الذي بإمكانه تشكيل ضغط على الحكومة والمؤسسات والدول، من أجل إيجاد معالجات جذرية لهذه الأزمة، لذلك على الصحافة والصحفيين على مواقع التواصل الاجتماعي والنشطاء ومنظمات المجتمع المدني أن تتظافر جهودها للحد من التغيرات البيئية التي يواجهها العراق والتي أثرت بشكل كبير على مفاصل المجتمع، خاصة على القطاع الزراعي”.
أما كرار طارق وهو صحفي ومعد برامج، يقول للمسرى: إنه “يجب تسليط الضوء على القضايا البيئية المهمة، خاصة وأن العراق من أكثر البلدان المتاثرة بالتغير المناخي”.
وأضاف طارق، أن “الإعلام العراقي لا زال مقصرا بما يخص التغيرات المناخية، لما تعانيه البلاد من مشاكل جمة، منها شح المياه والعواصف الترابية وتاثر القطاع الزراعي بشكل كبير بسبب التغيرات المناخية، فضلا عن تهجير عوائل بسبب التغيرات المناخية وشح المياه”.
وأكد، أن “مسالة التغير المناخي مهمة جدا، لأنها تمس حياة الناس بشكل مباشر وبحاجة إلى تغطية إعلامية متواصلة من كافة وسائل الإعلام العراقية”.
صحفيو العراق ومواجهة المشاكل البيئية
كان العراق يسمى في ماضيه “أرض السواد” لشدة خضرته، حيث يتدفق رافداه بلا انتهاء، ليحيلاه إلى جنة خضراء. لكن باتت أرض الرافدين اليوم تعاني من اتساع رقعة المناطق الصحراوية، وباتت العاصمة بغداد وأغلب المدن العراقية بما فيها محافظات إقليم كوردستان، تعاني من مشكلات التغير البيئي الناتجة عن الإهمال الكبير لواقع البيئة في البلاد.
وأبرز هذه المشكلات تتمثل في كثرة العواصف الترابية التي بدأت تهب على المدن العراقية بشكل كثير التكرر، وارتفاع معدلات تلوث الهواء بسبب انتشار مصادر حرق الوقود وعوادم السيارات ومولدات الطاقة الكهربائية وغيرها من الأنشطة الصناعية الأخرى، ناهيك عن الجفاف بسبب تراجع الموارد المائية سواءً من تركيا أو إيران.
بات العراق يوصف بأنه “أكثر البلدان هشاشة للتغيرات المناخية” بعد عقود من الحروب والإهمال، فاقمت حالات التلوث إلى درجة لا يمكن إحصاؤها. فهناك المناطق التي كانت ساحات حرب، طالها التلوث باليورانيوم المنضب، كما هو الحال في جنوب العراق، أو التلوث الناتج عن الفوسفور الأبيض الذي استخدمته القوات الأميركية في معارك الفلوجة عام 2004.
كوارث بيئية من نوع آخر، كما حدث عندما التهمت النيران عشرات الهكتارات الزراعية لمحصولي الحنطة والشعير في عدة محافظات عراقية، بالتزامن مع نفوق ملايين الأسماك في بابل وديالي والديوانية وذي قار في الأعوام السابقة، وقدرت الخسائر بمليارات الدولارات بعد نفوق 90 في المئة من الثروة السمكية.
في أكتوبر/ 2022، قالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “فاو” وبرنامج الأغذية العالمي، إن العراق من أكثر دول العالم تأثرا بتغير المناخ، ما يستدعي الحاجة إلى مواجهة تبعات الأزمة. وذكرت المنظمتان الأمميتان في تقرير، أن العراق يعتبر من أكثر دول العالم تأثرا بالتبعات الناجمة عن تغير المناخ، ما يعني أن الزراعة في البلاد قد تكون عرضة لأجواء متطرفة صيفا وشتاء.
ونقل التقرير أن تبعات تغير المناخ ستؤثر على الفئات الأشد فقرا، وسط تضاؤل الحيازات الزراعية للمزارعين، فيما دعا الحكومة العراقية والجهات المختصة، إلى تبني أنظمة زراعة وري ذكية، تتواءم مع المخاطر التي يتعرض لها القطاع الزراعي في البلاد بسبب التغير المناخي.
لم تكن الصحافة العراقية تولي اهتماماً بالشؤون البيئية وضمنها العواصف الترابية والجفاف، لكن الأزمات التي تعاني منها البلاد أخيراً في هذا المجال أدت إلى تغيرات اجتماعية، منها الهجرة الكبيرة لسكان مناطق الأهوار جنوب البلاد، وتراجع منسوب المياه إلى حد جفاف الأنهر العراقية وأبرزها ديالى، ناهيك عن العواصف الترابية التي باتت تهب يومياً وأسبوعياً، ودفعت عشرات الصحافيين في المؤسسات الإعلامية المحلية إلى الاهتمام بالملف البيئي.