المسرى .. متابعات
اعداد.. وفاء غانم
على بعد 70 كم شمال غربي الموصل وعلى تلةٍ تعلوها بناية محاطة بفسحةٍ خضراء يحتفل أهالي تلعفر كبرى مدن محافظة نينوى كل عام من شهر فبراير بعيد خضر الياس.
ويتخذ الإيزيديون من القبة ( البناية التي تقع فوق التل) والتي تقع تحديدا جنوب منطقة برجة بغب ( 3 ) كم تقريبا، مزارا لهم حيث ينسبها الناس هناك إلى خضر الياس العبد الصالح (عليه السلام).
تقصده ســنويا ومن مختلف الطوائــف للاحتفــال بعيد خضر الياس ، اذ يتكــون المــزار من ثلاث غــرف، بينهــا غرفــة الســر ويقصــده التركمــان المســلمون، والإيزيديــون والمســيحيون فــي الثالث من شــعبان مــن كل عــام، ليمثــل فســحة أمــل وواحــة يتجمــع بها النــاس للتعــارف في ما بينهــم واحيــاء تقاليدهم المتوارثة.
تاريخ التشييد
وبحسب مصادر تاريخية فأن البناية قديمة لم يضبط أحد تأريخ تشييدها، ولكن يُشار أن الدولة العثمانية ألزمت شخصين من الأهالي هما الشيخ إسماعيل ومحمد أحمد بإدارة المزار سنة 1795م.
في سنة 2016، أُضيف الاحتفال إلى قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي العالمي غير المادي، ويعتقد الأيزيديون أن الاحتفال بهذا العيد يعود لأربعة آلاف سنة مضت قبل الميلاد، حيث توقد خلاله الشموع وترمى مع غروب الشمس في مياه نهر دجلة طلباً لتحقيق الأماني والدعاء.
من اين جاءت تسمية العيد؟
سمي العيد على اسم خدر الياس وخدر نبي تكريماً لهما وذلك لارتباطهما الشديد بالطبيعة ومحافظتهما عليها، حيث يقال بأن هذين الشخصين هما من الأولياء والصالحين لدى معتنقي الديانة الإيزيدية وهما شقيقان ويقع قبرهما في لالش – معبد وقبلة الإيزيديين في سنجار.
جاء ذكر لـ(خدر الياس) في العديد من الديانات بالاضافة الى الديانة الإيزيدية، ففي الديانة اليهودية يسمى (ايليا) احد الانبياء الكبار الذين صعد الى السماء بمركبة تنبعث منها النار، وفي الديانة المسيحية يسمى بـ(جرجيس) او كوركيس) وهو الفارس الشاب، وفي الاسلام هو (خضر الياس) بمعنى الحي وله مقام (الخضر) في جنوب العراق، وفي الديانة الهندوسية يسمى (خواجة خدر) او (خدرى زيندة) بمعنى الخالد.
ويعتبر “خضر الياس” شخصية مبجلة لدى الإيزيديين ويضفون عليه صفة القدسية باعتباره نبيا أو وليا من أولياء الله الصالحين، الملبي بحسب المعتقدات الدينية القديمة رغبات وأمنيات محبيه المؤمنين إذا كان الداعي من المعوزين والمحتاجين فدعواته مستجابة.
خلال ثلاثة ايام من عيد خضر الياس تتحول المنطقة الى احتفال جماهيري ، وفي هذا المزار عادات اعتاد عليها البعض منها، أن البناية فيها (ثقب المُراد) فإذا نوى الشخص عمل شيء ما يقف أمام الثقب ويغمض عينيه ويمد سبابته إلى الأمام فإذا دخلت إلى الثقب فإنه يحصل مراده .
وكذلك من تقاليد ابناء تلعفر ان الرجال يقصون شعرات قليلة من راسهم حتى لايتالم او لايحس راسه بالاوجاع مستقبلا.
ويعتقد الأهالي أن هذا اليوم هو النهاية الحتمية لموسم الشتاء ومَن يزرع بعده بيوم فلن تطلع له نبتة ولا ينمو في أرضه زرع.
ويزار المكان في أقرب خميس من 17 إلى 25 شباط من كل عام، حيث يعتبر يوم الزيارة عيداً للأهالي فتتجمع المئات بل آلاف على هذا التل الذي يحترمه الجميع ويعدون أكلات وحلويات خاصة لهذا اليوم الذي يعتبر أول أيام الربيع حسبما يرى اهالي تلعفر .
ويحتفل البعض من الايزيديين بهذا العيد الذي يقع عندهم أول خميس من شهر شباط وقد يصوم البعض منهم الأيام الثلاثة التي تتقدمه (الاثنين والثلاثاء والأربعاء) وقد يصمون يوماً واحداً فقط.
عند المسيحيين
وكان هذا العيد مقتبس من عيد خضر الياس عند المسيحيين حيث يسمونه (عيد مار بهنام) فكلا العيدين يقع في وقت واحد أما الصوم الذي يصومه المسيحيون في هذا العيد فيسمونه (الباعوثة) ومدته ثلاثة أيام كما هو عند الايزيدية، ومن عادة إيزيديي سنجار أنهم يقلون الحبوب في هذا العيد ويعملونها سويقاً يوزعونه على الآل والمعارف.
تلعفر
يعتبر قضاء تلعفر من أكبر الأقضية في العراق، يقع غرب مدينة الموصل، ويحده من الشمال محافظة دهوك ومن الغرب قضاء سنجار ومن الشرق قضاء الموصل ومن الجنوب قضاء الحضر.
وتتألف تلعفر من مزيج متنوع يضمّ مختلف الأديان والمعتقدات والأعراق، لينسج منها فسيفساء جميلة مكونة من المسلمين الشيعة والسنة والتركمان والعرب والكورد والإيزيديين والمسيحيين .