المسرى .. متابعات
اعداد : وفاء غانم
في الوقت الذي يتعامل فيه العالم مع ثلاثة أنواع من الأمن، الأول هو لحماية الإنسان والثاني الأمن الغذائي والثالث هو الأمن الدوائي، إلا أن الأخير يبدو غائبا في العراق في ظل القطاع الصحي المتردي على مدى عقود .
بات واضحا عبر ملفات بارزة للعيان وللمواطن بشكل خاص تمثلت بنقص الأدوية، وقدم المستشفيات الحكومية والمرافق الصحية الأخرى وقلة الخدمات من جهة، واستغلال أرباب المستشفيات الأهلية لحاجة المواطنين الى الاستشفاء دون حسيب او رقيب من جهة اخرى، فضلا عن ظاهرة تهريب الأدوية وقلة الكفاءات الطبية في ظل هجرة الكثير منها إلى خارج البلاد، ، وسط مطالب غير مسموعة بضرورة الوقوف على أهم المسببات والعراقيل. بحسب مراقبين وباحثين
ويرى قاسم الغراوي الباحث في الشأن الصحي في حديث خاص للمسرى “إن القطاع الصحي في العراق له تاريخ مخزٍ منذ تسعينات القرن الماضي وأن الحكومات المتعاقبة منذ 2003 أخفقت في تطوير هذا القطاع، رغم رصد الأموال المطلوبة لذلك، فالبنى التحتية لم ترتقي إلى المستوى المطلوب لتقديم الخدمات، إضافة إلى أن هناك حاجة ماسة للكفاءات الطبية في ظل هجرة الكثير منها إلى خارج البلاد، مشددا على ضرورة مكافحة الفساد في هذا القطاع.”
فوضى الأدوية المهربة
ويعد الفساد وغياب الأمن الصحي والدوائي من ابرز التحديات والعراقيل التي تواجه هذا القطاع الحساس والذي له تماس مباشر بأرواح المواطنين، حيث تسبب في استفحال التجارة المهربة بالأدوية والصيدليات الوهمية التي تتاجر بأدوية مهربة ومقلدة بالأطنان.بحسب الجهات المعنية
70% من الأدوية في الأسواق غير مسجلة ومهربة
وأفادت لجنة الصحة والبيئة النيابية في 7 /2 / 2023 ، بأن 70% من الأدوية في الأسواق غير مسجلة ومهربة، مبينة أن الحكومة تعاقدت مع مصانع لإنتاج العلاجات بمبلغ 70 مليار دينار خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مطالبة باستحداث مختبرات جديدة للفحص وعدم الاقتصار على ما موجود حالياً.
ويقول النائب ماجد شنكالي رئيس اللجنة الصحة ، إن “التقييمات والتقارير تؤكد أن 70% من الأدوية في الأسواق غير مسجلة بنحو رسمي، ويعني ذلك أنها مهرّبة”، وأن 30% من الادوية هي فقط التي يتم تسجيلها رسمياً، وتابع ، أن “السبب وراء الإدخال عن طريق التهريب هو للتملص من الضرائب والكمارك وغيرها من المستحقات المالية”.
مؤسسات صحية تسرق أدوية وتبيعها لصيدليات أهلية
شنكالي اشار ايضا في تصريحات صحفية تابعها المسرى الى أن “مؤسسات صحية بحسب إطلاعنا قامت بسرقة أدوية وبيعها إلى صيدليات أهلية”، فيما دعا وزارة الصحة ومؤسساتها إلى القيام بدور فعّال اتجاه ذلك “، فيما نوه الى أن “العالم يتعامل مع ثلاثة أنواع من الأمن، الأول هو لحماية الإنسان والثاني الأمن الغذائي والثالث هو الأمن الدوائي”.
وبين الحين والآخر تقوم الجهات المعنية بضبط صيدليات وعصابات لتهريب الأطنان من الأدوية غير المرخصة من والى خاج البلاد، هذا غير تلك العمليات التي تحدث خلسة وبمساعدة كبار المسؤولين في الدولة ,بحسب مصادر إعلامية
وكانت وزارة الصحة ، قد حذّرت من خطورة “المتاجرة غير الرسمية” بالأدوية، وشدّدت على أنّ المسؤولية مشتركة بمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة، لافتة إلى “أنّ دخول الأدوية المهرّبة إلى العراق صار واحداً من أكبر التحديات”.
ووجهت بتطبيق خطة لتحديد أسعار الأدوية بمختلف أنواعها، وفرض رقابة مشدّدة على القطاع، الذي يواجه انتقادات واسعة بسبب تباين الأسعار وتعدد مناشئ الاستيراد.
اجراءات وقرارات ضعيفة وغيرجادة
ورصد تقرير لدائرة الوقاية في هيئة النزاهة الاتحاديَّة في 23/11/ 2022 ، عدم التفعيل الجاد لعمل لجنة تسعيرة الأدوية المُؤلَّفة في وزارة الصحَّة، وضعف دورها في السيطرة ومُراقبة أسعار الأدوية والمُستلزمات الطبيَّة، وعدم شمول الأدوية الموجودة في الأسواق كافة ومنافذ توزيعها بالتسعيرة الدوائيَّـة، فضلاً عن ضعف الإجراءات الرقابيَّة والسيطرة على عمل الصيدليات من قبل أجهزة الرقابة في وزارة الصحَّة والمنافذ الحدوديَّـة.
الدوائية المحلية لا تغطي سوى 10 % من الحاجة الفعلية
وفي إطار السعي الحكومي من أجل رصد مشاكل قطاع الأدوية ووضع خطط لحلها، كشف محمد السوداني رئيس الحكومة مؤخرا، عن ان البلد ينفق نحو ثلاثة مليارات دولار سنوياً لاستيراد الأدوية، ووفقا للسوداني، فإن معظم تلك الأدوية المستوردة لا تخضع إلى الفحص والرقابة، داعيا إلى ضرورة توطين وتطوير الصناعة الدوائية في البلاد.
وورد في بيان صدر عن مكتب السوداني، فإن الأخير أكد خلال اجتماع ضم رابطة منتجي الأدوية في العراق ، بحضور وزيري الصحة والصناعة، أن الصناعات الدوائية المحلية لا تغطي سوى 10 بالمائة من الحاجة الفعلية للأدوية، وأن قطاع الصناعة الدوائية يحتاج إلى المزيد من إعادة التنظيم والحد من الاستيراد العشوائي، من أجل تحقيق أمن دوائي متكامل.
وتملك البلاد عشرات المصانع من الأدوية في القطاعين العام والخاص، وتتوزع بين المحافظات بهدف محاولة تأمين الأدوية والمستلزمات الطبية للسوق المحلية، إلا أن مجموع ما تنتجه هذه المعامل يتركز على أنواع محددة من الأدوية والأدوات الطبية.
من جانبه، ذكر سيف البدر المتحدث الرسمي لوزارة الصحة ، أن “صناعة الأدوية لم تتوقف بل إنها تلكأت لأسباب مختلفة تتعلق بالظروف التي مرت بالبلاد”.
وتشهد البلاد استيراد كميات كبيرة من الأدوية بشكل عشوائي من الخارج، وسط ضعف الرقابة وانتشار عصابات تهريب مستفيدة من حالة الفوضى في هذا القطاع.