المسرى ..
اعداد : وفاء غانم
يوم بعد يوم تزداد أزمة السير في العاصمة بغداد وبقية المحافظات بزيادة عدد المركبات وسط تهالك البنية التحتية للشوارع، مما أثار حالة من التذمر والاستياء لدى الأهالي.
ولا يبدو مشهد زحام الشوارع غريبا على المواطنين عموما الذين اعتادوا على أزمة يومية منذ ما يزيد على عشر سنوات. ومن المتعارف عليه في دراسات النقل والمواصلات أن حركة المرور على الطرق والشوارع تتركز في ساعات الذروة (الصباحية والمسائية) تبدأ مع دوام الموظفين والعمال والطلاب وعند عودتهم يومياً ، إلا أن العاصمة بغداد والمحافظات الاخرى تشهد ساعات ذروة متواصلة وغير محددة الأوقات.
عدد المركبات وضعف الطاقة الاستيعابية
و تشير الاحصائيات المرورية الى ان عدد المركبات الخاصة قد ارتفع الى اكثر من الضعف بعد ان فتحت حدود العراق أمام الاستيراد غير المنضبط للسيارات عام 2003 وقاربت اعدادها ثلاثة ملايين مركبة , في الوقت الذي تصل فيه الطاقة الاستيعابية للعاصمة 300 ألف مركبة”، و التي استُوردت بكميات هائلة و بالتالي انخفضت اسعارها فأصبحت ممكنة الشراء من قبل كل شرائح المجتمع.
وكشفت إحصائية عن عدد مهول للسيارات في العراق مقابل الشوارع المناسبة والصالحة للسير عليها، وبحسب تقرير نشرته مؤسسة {عراق المستقبل} فانه واعتماداً على بيانات مديرية المرور العامة فأن عدد السيارات قارب السبعة ملايين سيارة وبنسبة نمو سنوية في اعداد السيارات بلغ 2.39% على امتداد الخمس سنوات الماضية.
من المتوقع ووفقاً للمؤسسة ان “تبلغ اعداد السيارات على الكثافة السكانية خلال 2035 أكثر من 10 ملايين سيارة على أقل تقدير بارتفاع يصل الى أكثر من 40% عن الوضع الحالي”.
ولفتت الى انه وبالمقابل بلغت أعداد الشوارع المبلطة باجملها في العراق بحدود 46 الف كيلومتر وبزيادة مقدراها 2.4% وبكثافة سيارات تبلغ حالياً 148 سيارة لكل كيلومتر مبلط.
وتقول المؤسسة انه “ومن أجل عدم حدوث ضغط كبير وتقليل الزخم المروري فان العراق يحتاج الى 101 الف كيلومتر مبلط من أجل تقليل كثافة السيارات الى 100 سيارة لكل كيلومتر مبلط.
وأضافت “أي أن الزيادة الحاصلة في الشوارع المبلطة وكافة ملحقاتها تبلغ أكثر من 100% من الشوارع الموجودة حالياً”.
وحذرت المؤسسة من انه “وفي حالة عدم الشروع بالتخطيط والبناء للشوارع فمن المتوقع ان تصل كثافة السيارات الى 200 سيارة لكل كيلومتر مبلط وهو الأمر الذي يعني تزاحماً مرورياً خانقاً جداً لا يمكن استيعابه”.
واضافت ، إن “عدد المركبات المسجلة في العراق عدا اقليم كردستان بلغ 5.600.000 سيارة، اما في بغداد فالعدد غير دقيق وذلك لوجود عجلات الاقليم وعجلات الوزارات والعسكرية وعجلات الادخال والهيئات الدبلوماسية والمحافظات الجنوبية والوسط، حيث يصبح العدد تقريباً 2.700.000 سيارة”، مشيرة ان “شوارع بغداد هي على وضعها الطبيعي منذ ثلاثين عاما، وطاقتها الاستيعابية 150000 الى 200000 سيارة”.
خسائر مادية وبشرية
و بحسب المديرية العامة للمرور فأن الاختناقات المرورية تتسبب في هدر مليار دولار سنويا من أموال المواطنين في بغداد فقط, ويقدر بـ 500 مليون دولار تصرف سنويا على أعطال السيارات الناتجة عن الازدحام و بالتالي تسجيل خسائر اقتصادية كبيرة يتحملها الاقتصاد الوطني, هذا بلأضافة الى الخسائر البشرية الكبيرة الناتجة عن حوادث السير التي تسببها ازمة السير .
الحلول بحسب مديرية المرور
تحتاج المحافظات العراقية وعلى وجه الخصوص العاصمة بغداد كونها الاكثر اكتضاضا بلسكان والاكبر عددا بعدد المركبات إلى بناء جسور جديدة والى الإنفاق وتفعيل المترو لأن هذه الأمور تخفف من الزخم المروري”، الى أن “من الأمور التي تساعد في تخفيف الازدحامات هو تطبيق نظام التسقيط أي تسقيط رقم مركبة مقابل مركبة أخرى”.
وأوضحت المديرية أن “قرار 68 الذي اصدره مجلس الوزراء بخصوص شراء لوحات تسجيل مقابل ثمن من الدولة، اي بمعنى أن يكون سعر لوحة الارقام مليونين او ثلاثة ملايين والقسم الآخر تتحمله الدولة، حيث ان هذا القانون يعطي المواطن خيارين إما تسقيط قيد المركبة او يقوم بشراء لوحات بشكل مباشر.
وتقول عدة جهات معنية ان الاستثمار واللجوء الى الشركات الخاصة هو آخر الحلول التي ستقوم سلطات بغداد بعرضها امام القطاع الخاص للتغلب على مشكلة شح الموارد المالية.
تحذيرات من حدوث شلل تام
وحذرت عضو ائتلاف دولة القانون عالية نصيف، اليوم الخميس، من تعرض طرق العاصمة بغداد للشلل التام خلال سنة أو سنتين بسبب عدم تشييد جسور وأنفاق وطرق جديدة.
وحملت نصيف, الفوضى المرورية مسؤولية الحكومة بسبب غياب التخطيط”. موضحة أن “البنية التحتية للطرق والجسور والأنفاق في بغداد تتآكل تدريجياً وتعجز عن استيعاب هذه الأعداد الهائلة من المركبات، وبالتالي يجب أن تباشر الحكومة بأسرع وقت ممكن لإيجاد الحلول قبل أن تصاب الطرق في بغداد بالشلل التام خلال سنة أو سنتين “.
أن تنامي اعداد المركبات ليس ظاهرة سلبية فهي طبيعية لتنامي اعداد السكان ولتحسن المستوى المعيشي لهم، لكن عدم مواكبة الشوارع و تأهيلها لاستقبال هذا العدد هي الظاهرة السلبية ، فقد تم انجاز معظم الشوارع في السبعينيات من القرن الماضي وهي أصلاً مصممة لطاقة استيعابية محددة لا تتناسب والزيادة الحاصلة في عدد السكان سنوياً ، كانت اغلب المشاريع التطويرية الحاصلة تعاني من سوء بالتخطيط من حيث انتخاب الموقع ومستوى كفاءة الخدمة.