المسرى.. تقرير: كديانو عليكو
لا يُعرف حتى الان تاريخ دقيق لموقع النبي هوري الذي يعرف ايضا بمدينة (كورش) والمصنف على لائحة اليونسكو، وتنسب إلى فترة حكم سلوقس نيكاتور (312-280) ق.م. تقع شمال شرق مدينة عفرين بغربي كوردستان بنحو 45 كم، وتبعد عن مدينة حلب 70 كم، يمر إلى الشرق منها نهر الصابون، ويوجد في الموقع قلعة النبي هوري.
سرقة ممنهجة لكنوز النبي هوري
بعد سيطرة الجيش التركي والفصائل الموالية له على مدينة عفرين بتاريخ 18/3/2018، واصلت تلك الفصائل ارتكاب الانتهاكات في عفرين، ووصلت هذه الانتهاكات الممتلكات العامة والآثار، حيث قامت بعملية سرقة ممنهجة لآثار منطقة النبي هوري (سيروس) والتي هي عبارة كنوز تعود إلى عدة حضارات أقدمها من الفترة الهلنستية عام 280 ق.م، كما يمكن نسب الأطلال الحالية إلى الفترات السلوقية والرومانية والبيزنطية والإسلامية، وتقوم الفصائل ببيع تلك الاثار في تركيا على مرأى الحكومة التركية.
مناشدة لمنع الاتجار بالآثار
المرصد السوري لحقوق الإنسان ناشد مجلس الأمن والمنظمات الأممية المعنية (اليونيسكو) بتفعيل قراراتها واتفاقياتها، كون تركيا من الأطراف الموقعة على تلك الاتفاقيات والمواثيق التي تحظر الاتجار بالممتلكات الثقافية.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره في لندن، قامت السلطات التركية والفصائل الموالية لها تحديدا فصيل صقور الشمال في 10 آب 2018 و6 تشرين الأول 2018 و3 تشرين الثاني، بحفريات تخريبية وعشوائية بالآليات الثقيلة (الجرافات)، ما أدى إلى تدمير الطبقات الأثرية دون توثيقها، إضافة إلى تدمير المواد الأثرية الهشة كالزجاج والخزف والفخار ولوحات الفسيفساء، وغيرها من الآثار.
تسميات عديدة للموقع الأثري
للموقع تسميات عديدة، وهو يعرف اليوم “بنبي هوري” أو قلعة النبي هوري، أما الاسم اليوناني للمدينة فهو “سيروس”، كما سميت “أجيابولس” أي مدينة القديسين كوزما ودميانوس وقد بُنيت كنيسة ٌحول قبريهما، وكنيسة سمعان الغيور التي بناها ودفن فيها بعد موته.
المؤرخون العرب كتبوا اسمها “كورش” نسبة إلى الملك الفارسي “كورش” حيث تعود المدينة القديمة إلى أيامه، وتقول بعض المصادر إلى أن التسمية اليونانية “سيروس” هو لفظ لأسم الملك “كورش”، أما المعجم الجغرافي السوري فيقول أنه من اسم مدينة سير هوس في مقدونيا.
وتقول رواية أخرى بأن اسمها يعود إلى أوريا بن حنان أحد قادة النبي داوود الذي قتل في معركة جرت في الألف الأولى ق.م ودفن فيها.
تهريب آثار عفرين الى تركيا
وافادت مصادر للمرصد السوري تابعها (المسرى) بأن قطعاً أثرية تم العثور عليها في موقع النبي هوري الأثري، كما أن عمال التنقيب استخدموا آلات للحفر وأجهزة متطورة للكشف عن أماكن تلك القطع الأثرية.
وتقول مصادر، إن المنقبين عثروا على لوحات فسيفسائية تم تهريبها إلى تركيا عبر تجار، بتسهيلات مشتركة من القوات التركية والفصائل المسيطرة على مدينة عفرين والقرى التابعة لها.
أبرز المعالم الاثرية في النبي هوري
ومن ابرز المعالم الأثرية الباقية لمدينة سيروس (النبي هوري)، هو المسرح الروماني الرائع الذي يعتبر اجمل مدرج روماني، ويعود بناؤه إلى القرنين الثاني والثالث الميلاديين، إضافة إلى شارعها الرئيسي والحمامات والمدافن التي بنيت في غاية من الرقي والإبداع. وفيها قبر لقائد روماني على شكل برج مسدس الشكل لايزال يحتفظ بكامل هيكله، يقع على الطرف الجنوبي الغربي للمدينة، في الغرفة الصغيرة تحت البرج مقام (قبر رمزي) مؤرخ لعام 703 للهجرة، و قد بني بجانب المدفن مسجد مؤرخ في عام /1276/ للهجرة يؤمه المصلون المسلمون من القرى المجاورة في إقامة صلاة الجمعة والعيدين.
إبادة ثقافية وتاريخية
بسبب عمليات الإبادة الثقافية والتاريخية التي تمارسها تركيا والفصائل التابعة لها، وبحسب منظمة حقوق الإنسان في عفرين، فإن عمليات التدمير والتخريب شملت المدرج الأثري الواقع وتم تجريفه وتدميره بشكل كامل، إضافة إلى سور القلعة والمسرح الروماني والكاتدرائية، والكنسية وكذلك البوابات والأبراج.
قبر النبي هوري مهدد بالاندثار
كما تعرض البناء الهرمي الذي يضم قبر النبي هوري للنبش والتخريب، وتم إنشاء بناء اسمنتي مؤلف من طابقين ضمن الموقع بجوار القبر، ودُمرت أجزاء من البيت الروماني المُكتشف ولوحة الفسيفساء الموجودة فيه، ودمر السور الغربي خلال عمليات دخول الآليات التركية الثقيلة للموقع.
تحويل قلعة النبي هوري الى مسجد عثماني
ولم ينتهي العبث بهذا الموقع الاثري التاريخي، بل عمدت السلطات التركية الى تحويل قلعة النبي هوري إلى مسجد يظهر مدى تشبيهه بالمعالم العثمانية، لاقتطاع الأراضي واستكمال سياسة التغيير الديمغرافي في المنطقة.