المسرى..
إعداد: كديانو عليكو
توترت العلاقة بين بولندا وبيلاروسيا بسبب ازمة الهجرة، وآخرها آلاف المهاجرين العراقيين والكورد وغيرهم العالقين على الحدود بين الدولتين. وشهدت العلاقة تصعيدا كبيرا بعد ان استدعت بولندا مسؤولا بيلاروسيا بداعي اطلاق النار على قوات حرس حدودها من الدولة الجارة بيلاروسيا.
30 ألف محاولة للعبور الى بولندا
وسجلت قوة الحدود البولندية أكثر من 30 ألف محاولة للعبور منذ أغسطس، بما في ذلك 17300 في اكتوبر الجاري فقط. ويقول المسؤولون في ألمانيا، إن حوالي سبعة آلاف من هؤلاء الأشخاص حاولوا دخول البلاد.
حالة الطوارئ
وأعلنت بولندا حالة الطوارئ على حدودها مع بيلاروسيا ردا على تزايد تدفق المهاجرين، مع نقل عشرة آلاف جندي إلى المنطقة لمنع المهاجرين من التسلل إلى أراضيها، كما وافق البرلمان على ميزانية لبناء جدار حدودي في الأسابيع المقبلة.
وقوبل موقف الحكومة البولندية بشأن إبعاد المهاجرين بتأييد شديد من اليمين المتطرف ورد فعل عنيف من الليبراليين.
مأساة إنسانية
وسار متظاهرون في وارسو ومدن أخرى وهم يهتفون: “أوقفوا التعذيب على الحدود”.
وتوضح صور وصلت إلى (المسرى) معاناة المهاجرين العالقين خاصة وأن بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء.
وحصل (المسرى) على معلومات تقول، إن “الفاً من المهاجرين العراقيين كانوا عالقين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، حاولوا عبور الحدود نحو بولندا بالرغم من اطلاق جنود عيارات نارية في الهواء لمنعهم من الدخول، فيما بدأ الجيش البيلاروسي انسحابا من المواقع التي انتشر فيها لسد الطريق على المهاجرين في العبور”.
إصرار على أبواب بولندا
ويقول سلمان صالح وهو شاب من مدينة دهوك باقليم كوردستان العراق من بين المهاجرين لـ (المسرى): “بقيت على طول الشريط الحدودي لاكثر من شهر وعشرين يوما مع العشرات من المهاجرين، وعانينا الكثير، واليوم تم فتح جزء من الحدود امام المهاجرين وعبرنا الحدود الى بولندا”.
وبالامس عبر اكثر من الف مهاجر كوردي حدود بيلاروسيا نحو بولندا ورغم اطلاق النار عليهم من قبل الجنود البولنديين، الا ان عملية عبور المهاجرين الحدود صوب بولندا لاتزال مستمرة.
وعُثر الشهر الماضي على أربع جثث بينهم عراقية عند الحدود بين بولندا وبيلاروسيا، وفق مسؤولين من البلدين، بعد حوالي أسبوع على فرض وارسو حالة طوارئ عند حدودها عقب التدفق المستمر المهاجرين.
عالقون بلا ماء وطعام
مؤسسة “القمة” المعنية بشؤون اللاجئين حذرت في وقت سابق المواطنين كافة من العراق واقليم كوردستان من استخدام الأراضي البيلاروسية للوصول إلى الدول الأوروبية، مؤكدة أن الوضع يزداد خطورة بسبب برودة الطقس هناك.
وذكرت المؤسسة في بيان تلقى (المسرى) نسخة منه، إن “مئات الأسر العراقية محاصرة حاليا على حدود بيلاروسيا، وتركت دون طعام أو ماء وفي الوقت نفسه، فقد العديد من الناس حياتهم بسبب البرد ونقص الغذاء والماء والمرض.
واشارت المؤسسة في بيانها إلى أنها “تتواصل رسميا مع السلطات العراقية المعنية وهي وزارة الهجرة والمهجرين، ووزارة الخارجية، وسلطة الطيران المدني العراقي لإعادة المواطنين المحاصرين، مبينة أنهم سيعودون في المستقبل القريب”.
أمل بالعبور
ويقول احد الشباب العالقين على الحدود البيلاروسية ، “اكثر من شهر مع عدد كبير من المهاجرين بقينا عالقين على الحدود البيلاروسية وان اوضاع المهاجرين سيئة جدا واليوم نحاول عبور حدود بيلاروسيا والتوجه نحو بولندا بعد انسحاب القوات البيلاروسية”، مضيفا انه “يتوقع ان يصل المهاجرون الى بولندا خلال فترة قصيرة.”
الحكومة البولندية اعلنت في وقت سابق، أنها ستطالب الرئيس أندري دودا تمديد حالة الطوارئ على الحدود مع بيلاروسيا 60 يوما أخرى، لدعم جهود وقف تدفق المهاجرين.
وفرضت بولندا حالة طوارئ 30 يوما على القطاع الحدودي مع بيلاروسيا في الثاني من ايلول الماضي لتمنع أي أحد باستثناء حرس الحدود وقوات الأمن الأخرى من الوصول إلى المنطقة.
وبحسب احصائية غير رسمية، فان اكثر من 300 شخص يغادرون يوميا محافظة دهوك باقليم كوردستان صوب الدول الاوروبية.
جنسيات المهاجرين
نقلت وكالة الأنباء البيلاروسية (بيلتا) عن مهاجر قول ان المهاجرين من الكورد وأن حوالي 1500 شخص موجودون في المنطقة التي لا تبعد كثيرا عن معبر بروزجي الحدودي بين بيلاروسيا وبولندا.
ودعت الحكومة البولندية إلى قمة طارئة تزامنا مع نشر 12 ألف من قوات حرس الحدود في المنطقة التي شهدت محاولات تسلل المهاجرين عبر الحدود.
واتهمت بولندا بيلاروسيا بأنها تدفع المهاجرين إلى الحدود، واصفة ذلك بأنه عدوان على أراضيها.
ونقل موقع “راديو أوروبا الحرة” في تقرير اطلع عليه (المسرى) عن العديد من المهاجرين روايتهم، انهم يدفعون ما يصل إلى عدة آلاف من الدولارات للشركات السياحية التي لها علاقات مع السلطات البيلاروسية، والتي توفر التأشيرة والرحلة، وإقامة قصيرة في فندق في مينسك، ثم نقلهم إلى الحدود البولندية.
وبحسب التقرير، فان المسؤولين البيلاروسيين يقطعون الأسلاك الشائكة ليلا للسماح لمجموعات مختارة من المهاجرين بالمرو. بمجرد وصولهم إلى الأراضي البولندية، إما أن يتم اعتراضهم من قبل قوة الحدود البولندية وتتم إعادتهم عبر الحدود، وهي ممارسة محظورة بموجب القانون الدولي ولكن وافق عليها البرلمان البولندي الشهر الماضي، أو يجوبون الغابة حتى يتلقوا إشارة من مهرب ليتحركوا بسرعة نحو سيارة تنتظرهم لتقلهم عبر الحدود.
صعوبة التعامل مع الوضع
من جهته وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر قال في مقابلة مع صحيفة “سبورت بيلد” الالمانية، ان ألمانيا وبولندا لا تستطيعان التعامل مع الوضع على الحدود وحدهما، والاتحاد الأوروبي بحاجة إلى المساعدة.
وقال سيهوفر: “يجب أن نساعد الحكومة البولندية لتأمين الحدود الخارجية. في الواقع، هذا عمل المفوضية الأوروبية. الآن أحثهم على اتخاذ إجراء”، مضيفًا أن بولندا وألمانيا “لا يمكنهما التعامل مع الوضع بمفردهما”.
زاخاروفا تذكر البولنديين بغزو العراق
اما المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، فقد علقت على أزمة المهاجرين على الحدود البولندية البيلاروسية، مذكّرة وارسو بغزو العراق ودعتها لقبول 2000 عراقي.
وكتبت زاخاروفا في منشور عبر حسابها على موقع “تليغرام”، إن “العراق دُمّر بمشاركة نشطة من وارسو… لقد غزا أكثر من 2000 جندي بولندي هذه الدولة ذات السيادة لإرساء الديمقراطية”.
وأوصت زاخاروفا الحكومة البولندية بالسماح بدخول البلاد على الأقل لنفس العدد من العراقيين الممتنين، الذين لم يحلم أسلافهم بمثل هذه الحياة، وبناء حياتهم في بلدهم، إلى أن اقتحم الديمقراطيون الوقحون البلد”.
كما يعلن حرس الحدود البيلاروسي، بشكل متكرر، قيام ليتوانيا وبولندا ولاتفيا بطرد المهاجرين إلى أراضي جمهورية بيلاروسيا.