المسرى :
اعداد : وفاء غانم
المنظمات الانسانية والحقوقية تعتبرها من أبشع جرائم العنف القائم
وسط صراخ الفتاة وبكائها الشديد مع تكتم اشد من قبل الاهل على المشهد الذي غالبا ما ينتهي باستسلام الفتاة الى قدرها ,لا تزال بعض الأسر في العراق تقوم بعادات اجتماعية خاطئة توارثتها عبر الزمن تحت ذريعة حفظ الشرف وحماية الفتيات، وابرزها ختان الاناث.
المنظمات الانسانية والحقوقية تعتبرها من أبشع جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي الوحشية في العالم وشكلا من أشكال العنف الأسري ,لما تسببه بأضرار بالغة سواء نفسية أوجسدية للإناث في الصغر وقد تؤدي حتى إلى الوفاة.
ويرى باحثون اجتماعيون أن العنف تجاه النساء في المجتمع الشرقي لا يتم الإفصاح عنه بما فيه الكفاية، وذلك بسبب وصمة العار الاجتماعية، والخوف من الرد على العنف.
خطرينتظر 68 مليون فتاة في 2030
ورغم جهود المنظمات الحقوقية حول العالم لتجريم ختان الإناث وكشف تأثيره النفسي والجسدي على الفتيات، خضعت 200 مليون فتاة وامرأة على قيد الحياة لعملية الختان في 30 دولة، وهناك 68 مليون فتاة ما زلن في خطر بحلول العام 2030.
ظاهرة ختان الفتيات في العراق وخاصة في المناطق القروية ، تتم بسرية تامة
في العام 2020 وحده، أكثر من 4 ملايين فتاة في جميع أنحاء العالم عرضة للختان. وفق ما ذكرته منظمة الأمم المتحدة.
عملية سرية
إن ظاهرة ختان الفتيات في العراق وخاصة في المناطق القروية ، تتم بسرية تامة، وإخفاء هذه الظاهرة مرتبط أساساً بعادات المجتمع وبفتوى قديمة، وهو ما يساهم بشكل كبير في استمرار ظاهرة الختان، رغم كل ما تبديه الجهات المسؤولة من رفض إعلامي لها.
الاضرار الصحية والنفسية
ضحايا عمليات ختان الإناث، التي تتم عادة في سن الرابعة أو الخامسة في العراق، يعانين بعدها لسنوات عدة، بدءا من نزيف وانعدام شبه تام للإحساس ووصولا إلى المعاناة أثناء الولادة والاكتئاب اليومي. فيما تموت بعض الفتيات أحيانا جراء التهابات أو نزيف بعد الختان.
ختان الإناث له أضرار أولية وأضرار تظهر على المدى البعيد
ولا تتوقف مشاكل الختان على الأضرار الصحية فحسب، فهو يتسبب في العديد من الأضرار النفسية، فوفقا لما أكده اطباء من ذوي الإختصاص أن ختان الإناث له أضرار أولية وأضرار تظهر على المدى البعيد، فالأضرار الأولية هي الشعور بالخوف والرعب الشديد والصدمة التي تؤدي إلى التبول اللإرادي للفتاة، مع وجود اضطرابات في النوم قد تصل في كثير من الأحيان إلى حد الكوابيس نتيجة الألم الذي عانته الفتاة نتيجة عملية الختان.
أما عن الاضرار طويلة الامد الناتجة عن الختان، فيوضح أن هذا الضرر هو الضرر النفسي الذي يخلق حالة من الرهبة في نفس الفتاة من الإقبال على الزواج، ويصبح الزواج مصدر رعب للفتاة، وهناك الكثير من الحالات التي تعرضت لهذا الضرر النفسي والخوف من العملية الجنسية بسبب ما تعرضت له في صغرها، وفي هذا الوقت لابد من علاجها حتى لا يستمر هذا الضرر مدى الحياة.
اضفاء الطابع الطبي
جرم هذا الفعل (الختان) عن طريق نص المادة (412)، من قانون العقوبات العراقي (111) لسنة 1969
ادعى الكثيرون أن ختان الإناث مقتبس من الشريعة الإسلامية، مما دفع عدد اخرون رجال الدين للافتاء
ويرى البعض أن إضفاء الطابع الطبي يعد أحد أشكال التخفيف من الضرر، في حين يرى المخالفون أن ذلك مما يتم ترويجه بهدف الإفلات من “جريمة” الختان تحت مسمى “عملية تجميل”، خاصة أنه لا يوجد مصطلح طبي لهذه العملية ولا تدرس في كليات الطب، وفقا للمجلس القومي للطفولة والأمومة.
الختان “في الشرع “
وادعى الكثيرون أن ختان الإناث مقتبس من الشريعة الإسلامية، مما دفع عدد اخرون رجال الدين للافتاء و الرد من جهتها على هذه المغالطات وحسم الجدل الشرعي حول هذا الموضوع، والذي اعتبرته انتهاكا صارخا لجسد المرأة، مأكدين أن عملية ختان الإناث حرام شرعا ولا تمت للشريعة الإسلامية من قريب أو بعيد، ولا تعد عفة وطهارة للمرأة؛ لأن العفة بالأخلاق والتعاملات، إنما الختان هو اعتداء على جسد المرأة، ولا يوجد أي حديث يبرر هذا الاعتداء، وما ورد عن وجود أحاديث غير صحيح، حيث إنه تم فهم بعض الأحاديث بطرق غير صحيحة. بحسب قولهم
خبراء قانونيين : هذه العملية تؤدي إلى بتر جزء من الجسم
قوانين وتشريعات
جرم هذا الفعل (الختان) عن طريق نص المادة (412)، من قانون العقوبات العراقي (111) لسنة 1969.
وتنص هذه المادة على أن: “من اعتدى على آخر بالجرح أو الضرب أو بالعنف أو بإعطاء مادة ضارة أو ارتكاب أي فعل آخر مخالف للقانون يسبب عاهة مستديمة، يعاقب بسجن لمدة لا تزيد عن 15 سنة، وتتوفر العاهة المستديمة إذا نتج عن الفعل قطع أو انفصال عضو من أعضاء الجسم أو بتر جزءاً منه”.
في عام 2011 اصدرت حكومة اقليم كوردستان قانون العنف الأسري ، تنص المادة السادسة منه على أن يعاقب بغرامة لا تقل عن مليون دينار ولا تزيد عن خمسة مليون دينار
وبحسب خبراء قانونيين فإن “في حكم المادة المذكورة سلفاً تدخل ضمنها عملية ختان الإناث، حيث أن هذه العملية تؤدي إلى بتر جزءاً من الجسم ومن هنا نجد المشرع قد وفر الرادع لهذه الظاهرة والعقوبة التي تتضمنها بمن يقوم بهذا الفعل.
و في عام 2011اصدرت حكومة اقليم كوردستان قانون العنف الأسري ، والذي تنص المادة السادسة منه على أن يعاقب بغرامة لا تقل عن مليون دينار ولا تزيد عن خمسة مليون دينار (بين ألف دولار وخمسة آلاف دولار) كل من حرّض على إجراء عملية ختان لأنثى، وأن يُعاقَب بالحبس مدة لا تزيد ستة أشهر ولا تزيد عن سنتين وبغرامة لا تقل عن مليون دينار، ولا تزيد عن خمسة مليون دينار، كل من أجرى وساهم في عملية ختان لأنثى.
يُضاف لذلك ما أقرّه القانون من عقاب بالحبس لمدة لا تزيد عن سنة واحدة ولا تقل عن ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد عن عشرة ملايين دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أجرى أو ساهم في عملية ختان أنثى قاصرة، كما يعد ظرفاً مشدداً للجاني إذا كان الفاعل طبيباً أو صيدلياً أو قابلة أو معاوناً طبياً، وعلى المحكمة أن تأمر بمنع مزاولته المهنة لمدة ثلاث سنوات.
اعداد واحصائيات
وتخضع 1 % من العراقيات لعملية ختان، إلا أن هذه النسبة بلغت 58,5 % العام 2014 في إقليم كردستان الذي يتمتع عادة بما يحمي حقوق المرأة أكثر. وفق استطلاع أجرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ، وبحسب إحصائية أجراها المجلس الأعلى لشؤون المرأة في إقليم كردستان بالتعاون مع منظمة “يونيسف”، عامي 2015 و2016، وشملت مقابلات مع أكثر من 6 آلاف امرأة من أعمار مختلفة في الإقليم، تصدرت عاصمته أربيل بنسبة 16.7 للفتيات مقابل 67.6 للنساء، وجاءت السليمانية بنسبة 11.8 للفتيات و60.3 للنساء. وكان العدد أقل في محافظة دهوك، حيث بلغت نسبة الفتيات المختونات4.1 والنساء المختونات 7.4، بينما وصلت النسبة الفتيات في حلبجة إلى 1.1 في مقابل 40 في المئة للنساء.
: فيما قدّرت إحصائيات صادرة عن مؤسسات وطنية أن الختان منتشر بين 7.3% من النساء والفتيات في العراق اللاتي تتراوح أعمارهن بين15و49عاما .
بعد عام 2013، بدأت هذه الظاهرة بالانحسار نوعا ما بفعل جهود كبيرة بذلها معنيون بالموضوع، ولكن النساء في الإقليم ما زلن يخضعن لهذه العادة الجائرة، والتي تودي بحياتهن أحياناً، وأخريات يحملن أثر ختانهن في وقت سابق، ويخبرن قصصاً عن معاناتهن تُبكي كل من يستمع إليها.
ويتخوف العراقيون من أن الحملات التي وضعت حداً لانتشار ختان الإناث في مجتمعهم تواجه حملات مضادة من المتشبثين بالتقاليد وسط تلكؤ الحكومة العراقية باصدار قانون لمناهضة العنف الاسري .