المسرى :
تقرير : وفاء غانم
قرر البنك المركزي العراقي في 20 ديسمبر (كانون الأول) 2020 ، خفض سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار بنسبة 24 بالمئة، بهدف تطبيق الورقة الإصلاحية البيضاء والتي تنص على ادارة افضل للملف الاقتصادي العراقي , متغاضية الضرر الذي سيلحق بمستويات المعيشة للمواطنين العادييين .
وأشار البنك المركزي الى أن هذا التغيير في قيمة الدينار العراقي سيكون لمرة واحدة فقط ولن يتكرر .
وفي ديسمبر 2015 كانت آخر مرة خفض فيها قيمة الدينار عندما رفع سعر بيع الدولار إلى 1182 دينارا مقابل 1166 دينارا في السابق.
سبب اصدار القرار ؟
أكد البنك المركزي العراقي في بيان له “أنه قرر رفع سعر بيع الدولار للبنوك وشركات الصرافة إلى 1460 دينارا، من 1182 دينارا للدولار الواحد، بهدف تعويض تراجع الإيرادات النفطية الناجم عن تدهور أسعار النفط.”
وأضاف البنك أن السبب الرئيسي وراء تخفيض قيمة الدينار هو سد فجوة التضخم في ميزانية 2021 بعد انهيار أسعار النفط العالمية، وهو مصدر رئيسي للموارد المالية العراقية.
وقال في بيانه “الأزمة المالية التي تعرض لها العراق بسبب جائحة كورونا أدت إلى حدوث عجز كبير في الموازنة العامة”.
وأوضح البنك أن قرار خفض قيمة العملة جاء كخطوة استباقية “حرصا من البنك على تفادي استنزاف احتياطياته الأجنبية”، ولمساعدة الحكومة على تأمين رواتب الموظفين العموميين.
من جهة اخرى سبب هذا القرار استياء في الاوساط الشعبية , بلاضافة الى ان الكثير من الشركات والمقاولين توقف عملهم نتيجة ارتفاع سعر الصرف، مما أدى إلى خسائر كبيرة، فضلاً عن أن رفع سعر الصرف أضر بالمواطن العراقي البسيط”.بحسب خبراء اقتصاديين
استقلالية دستورية
ويتمتع البنك المركزي العراقي باستقلالية دستورية من خلال المادة ١٠٣ من الدستور، والتي نصت على أن البنك المركزي وديوان الرقابة المالية والإعلام والاتصالات، كلها هيئات مستقلة”، مؤكدا أن “استقلالية البنك المركزي القانونية قررها قانون البنك المركزي رقم ٥٦ لسنة ٢٠٠٤ في الفقره (٢) من المادة (2) والتي نصت على يتمتع البنك المركزي العراقي بالاستقلالية”.
موقف خجول و شعارات رنانة
ووصف مراقبون في الشأن الاقتصادي موقف البرلمان العراقي ( الجهة التشريعية ) بلخجول تجاه هذا القرار , فيما طالبت بعض الكتل والاحزاب داخل البرلمان بأعادة سعر الصرف الى ماكان عليه سابقا , لكن البعض رأى بأن هذه المطلبات هي شعارات انتخابية لاغير .
وقال خبراء اقتصاديون ان لتطبيق هذا القرار عواقب وخيمة لانه سيزيد من أعباء الطبقة الفقيرة والمتوسطة وبلتاي الى زيادة في تعميق المشهد الاقتصادي المتأزم, فيما رأه اخرون دون فائدة.
وشهد الاقتصاد العراقي تقلصا بلغ 11 بالمئة في 2020، ما أدى إلى تفاقم نقاط الضعف الاقتصادية التي يعانيها منذ سنوات طويلة، بحسب تقريرلصندوق النقد الدولي
وفي السياق قال نائب محافظ البنك المركزي احسان شمران الياسري ، إن ” تغيير سعر صرف الدولار تمت دراسته من قبل عدة جهات فنية ومالية وتنفيذية مختصة “.
واضاف الياسري في تصريح صحفي تابعه المسرى ” أن ” سعر الصرف لم يتعدل الا بناء على دراسات مستفيضة بين وزارة المالية والسلطة التنفيذية والسلطة النقدية وهي البنك المركزي، بالتفاهم مع المؤسسات الدولية المهمة لتوضيح السعر العادل للدولار “.
وتابع الياسري قوله ” توصلنا الى هذا السعر 1450 دينار مقابل الدولار ، يضاف لها عمولة البنك المركزي وعمولة المصرف وصولا الى الجمهور ، مايعني ان سعر السياسة المالية هو 1450 دينارمقابل الدولار ، وسعر البنك المركزي 1460 وسعر المصارف 1470 دينار الى الجمهور “.
وفيما يتعلق بتداعيات تغيير سعر الصرف على الازمة المالية اكد نائب محافظ البنك المركزي ، انه ” لا علاقة للازمة المالية بتغيير سعر الصرف ، وان حلها لا يعني عودة خفض سعر صرف الدولار مقابل الدينار، لان سعر الصرف هو اداة مالية نقدية لا علاقة لها بالمشكلة الحالية “.
ولفت الى أن “هناك تأخيرا منذ عام 2010 كان يفترض تعديل سعر صرف الدولار ، والان تم تعديله ، حيث نأمل عودة نشاط المؤسسات الاقتصادية على ضوء سعر الصرف الحالي “.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن تخفيض قيمة الدينار مؤخرا، أدى إلى ارتفاع مستوى التضخم ليصل إلى 4 بالمئة، بسبب انعكاس فروقات أسعار الصرف وتكاليف الواردات، على المستهلك النهائي.
وارتفع معدل التضخم السنوي في ديسمبر 2020، بنسبة 3.2 بالمئة على أساس سنوي، متأثرا بتغيير سعر صرف الدولار, بينما تجاوزت احتياطيات البنك المركزي العراقي من العملة الأجنبية 55 مليار دولار, في فبراير/ شباط الماضي. بحسب مصادر اعلامية
من جهتها استبعدت وزارة المالية العراقية تغيير سعر صرف الدينار العراقي في الأيام المقبلة، مبينة ان رفع سعر صرف الدينار سيضعف قدرات الحكومة في مواجهة التحديات والأزمات التي تواجه البلد.
وقالت الوزارة في بيان لها ، في 24 تشرين الثاني 2021 إن المالية “عالجت هذه المسألة عدة مرات وفي عدد من العروض التفصيلية فيما يتعلق بالاستراتيجية والسياسة الكامنة وراء تعديل سعر الصرف”، آملة بأن “يكون لدى الحكومة القادمة المعلومات الاساسية الصحيحة للتفاعل مع هذا الامر”.
واكدت الوزارة أن “الهدف التجاري المتمثل في خفض الاسعار ليس إفادة المستهلكين بل إخراج المنافسة، لا سيما المنتجون المحليون. إذا كان المنتجون المحليون يعانون بالفعل من ضغوط مالية، فسيكون خفض بسيط في الاسعار كافٍ لأخراجهم من العمل” وانه “من المرجح أن تكون الفوائد التي تعود على المستهلكين ضئيلة، وسيكون الضحايا الرئيسيون لاعادة التقييم هم رواد الاعمال المحليون والمزارعون وعمال القطاع الخاص”.
ويقول خبراء ومعنييون ان لتغيير سعر صرف الدينار على الواقع الاقتصادي للمواطن العراقي اثربشكل سلبي و كبير، لكن وزارة المالية تقول ان الاثار الايجابية لتعديل العملة بدأت بالظهور.
سعر الصرف يبقى ساريا خلال 2022
رأى الخبير الاقتصادي وسام التميمي، ان سعر صرف الدولار امام الدينار العراقي سيبقى عند الرقم المتداول حالياً خلال العام المقبل، محذرا من استغلال بعض ضعاف النفوس للذهاب نحو رفع سعر الوقود وامبيرية الكهرباء.
وقال التميمي في تصريح صحفي ، ان “الموازنة العامة للعام المقبل لن ترَ النور قبل تشكيل الحكومة الجديدة والتي ستستغرق ولادتها ما يقارب الستة اشهر من بعد المصادقة على نتائج الانتخابات”.
وأضاف ان “الحكومة الحالية التي اعدت موازنة 2022 لم تضع أي مخططات لتخفيض سعر الصرف بعد الفوائد التي حققتها من رفعه نهاية العام الماضي، وبالتالي فأن سعر الصرف سيبقى على حاله من دون أي تغيير في موازنة العام المقبل”.
وبين ان “نسبة التضخم للعام الجاري ارتفعت بمقدار ٧.٤% فقط، بعد رفع سعر صرف الدولار، الا انها سترتفع بشكل كبير وسريع أيضا في حال قيام الحكومة برفع أسعار الوقود إضافة الى قيام أصحاب المولدات برفع تسعيرة الامبير مستغلين عدم وجود رقابة على عملهم”.
عجز مخطط له
تحديات اقتصادية ومالية وصفت بلصعبة ، عجز في الموازنات, خزينة “شبه فارغة” هذا هو واقع العراق الاقتصادي على مدى سنوت رغم انه يعتبر من اغنى الدول في العالم لما تملكه من ثروات معدنية وطبيعية جمة .بحسب المعنيين
وفي السياق أكد عضواللجنة المـالـيـة النيابية الـسـابـق جمال كوجر في تصريح لوسائل اعلام محلية , على تجاوز الموازنة المقبلة لسنة 2022لــ “الـعـجـز الــحــاد” الــذي هـيـمـن عـلـى المـوازنـةالسابقة.
وقال إن”حـكـومـة رئـيـس الــــوزراء الـحـالـي مصطفى الــكــاظــمــي عــانــت أزمـــة مــالــيــة، ولــكــن خــلال الأشهر الأربعة الأخيرة كانت هناك انفراجة”.
مضيفا : “لا نستطيع القول إن خزينة الـدولـة مليئة والــظــروف الاقـتـصـاديـة مريحة لأســبــاب مــتــعــددة”، مـبـيـنـاً أنــه “فــي مـوازنـة 2022سيكون العراق قد تجاوز مرحلة العجزالحاد، لكن هذا لا يعني أننا في حالة انتعاش.
وأضاف أن “هناك نوعين من الخزينة الفارغة اقتصادي,الاول هو أنه لا يوجد فيها أمـوال، والاحتياط
البنكي انخفض والـديـون زادت والمــوارد قلت،والثاني أن خزينة الدولة في كل الأحوال تبقى فارغة، لأن كل المـوارد المالية من المفروض أن تتحول إلى موازنة، وهذه سياسة الدولة، وعدد قليل من الدول لديها مبالغ لا تدرج في الموازنة،فأغلب الموارد يفترض أن تحول إلى الموازنة”،مبيناً أنه “من الطبيعي أن تسلم الموازنة فارغة،ولكن باحتياطي بنكي أفضل مما كانت عليه
الاحتياطي البنكي بأكثر من عشرة مليارات دولار.
ونوه كوجر في حديثه الى أن “العجز المدرج في الموازنة الحالية كان بالأصل عجزا مخططا لـه، لذلك سـوف نكون أمـام عـدم وجـود عجز، وفي هذه الحالة سوف نتحول إلى وفرة، موضحا أن الاحـتـيـاطـي الـبـنـكـي كــان على هذه الوفرة ليست بتلك الأرقام الكبيرة “.
ويعتمد العراق في اقتصاده بلدرجة الاولى عل واردات النفط والذي شهد ارتفاعا ملحوظا في الاونة الاخيرة , حيث نتعشت امال الكثيرين في أن تخلو الموازنة العامة للعراق لسنة 2022 من الاقتراض، بعد وصول أسعار النفط مؤخرا إلى عتبة 85 دولارا للبرميل الواحد، مع توقعات بزيادتها إلى 100 دولار مطلع العام المقبل.
ولا يزال الاضطراب سيد الموقف في السوق، لا تجارة تمضي بسلاسة ولا استقراراً لسعر الصرف، الأمر الذي ألحق ضرراً كبيرا بفئات اجتماعية عديدة، في حين زادت وطأة الضغوط على الفقراء والأغنياء على حد سواءز بحسب المراقبين