المسرى :
تقرير : وفاء غانم
مع استفحال أزمة الجفاف والتصحر العاصفة بالعراق ، بات واقع الزراعة يرثى له في ظل الاحترار المناخي والقضايا الجيوسياسية المرتبطة بتقاسم مياه نهري دجلة والفرات مع الدول الجارة , حيث قلصت المساحات الزراعية الى النصف 50% ماتسبب بنقص حاد للمحاصيل في البلد.
وأعلنت السلطات العراقية، في وقت سابق أن الجفاف وشح المياه سيجبران البلاد على تقليص المساحات المزروعة للموسم الزراعي 2021-2022 بمقدار النصف..
وفي السياق صدر بيان مشترك لمنظمة فاو في العراق وبرنامج الأغذية العالمي في البلاد والصندوق الدولي للتنمية الزراعية ، ” اثر شح المياه في العراق بات واضحًا من خلال انخفاض نسبة إنتاج المحاصيل لعام 2021. ويجب اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة تغير المناخ، والعمل معًا لمعالجة الأسباب الجذرية”.
وتابع البيان: “سيكون إنتاج القمح، بحلول نهاية الموسم، أقل بنسبة 70% وأن إنتاج الشعير سيكون بكميات ضئيلة جدا”. فعلى عكس كل عام حيث كان العراق يحقق انتاجا وفيرا من الحنطة واحيانا كان يعجز عن شرائها من المزارعين بسبب الكميات الكبيرة المنتجة . وفق مصادر اعلامية
وشهدت اسعار مادة الطحين مؤخرا ارتفاعا الى الضعف في الاسواق المحلية وسط تحذيرات من تفاقم الازمة بسبب توقعات تراجع انتاج القمح خلال الموسم الحالي بسبب قلة الواردات المائية والتغيير المناخي وغيرها من المعوقات التي تقف امام الزراعة في العراق.
ووفق تقرير أعدته 13 منظمة غير حكومية في أغسطس بينها المجلس النروجي للاجئين “فأن ازمة المياة تهدد ما لا يقل عن سبعة ملايين عراقي “.
وحذرت وزارة الزراعة من تأثير الموسم الزراعي الشتوي بعد تأكيدات وزارة الموارد المائية ان الخزين المائي في السدود والخزانات يكفي لسد احتياجات مليونين وخمسمئة الف دونم اي بمقدار تخفيض 50% عن المساحات المقرة للعام الماضي.
اما بخصوص قرار وزارة الزراعة والموارد المائية الذي نص على تقليص الاراضي الزراعية الى النصف فقد لاقى امتعاضا وتذمرا لدى المزارعين والفلاحين لانه سيعرضهم الى خسارة كبيرة وربما لخسارة مصدر رزقهم لانهم مجبرون على الانصياع له لعدم وجود بدائل , فكميات المياهه اللازمة للزراعة لايمكن توفيرها من دون موافقة الحكومة ,بحسب ماتحدث به مزارعون لوسائل اعام محلية .
تقليص اراضي مقلصة في الاصل
من جهته قال المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف في تصريح صحفي في وقت سابق ان الخطة المقرة لزراعة الحنطة بلتعاون مع وزارة الموارد المائية خلال الموسم الحالي تتوزع بواقع مليون و900 الق دونم بلاعتماد على الارواء ومليون و600 الف دونم عن طريق الابار الى جانب كميات اضافية تتم زراعتها بلاتماد على مياه الامطار واضاف ان انتاج العراق خلال العام الماضي من الحنطة بلغ خمسة ملايين و500 الف طن بعد ما قام بزراعة مساحات تصل الى تسعة ملايين دونم منها خمسة ملايين دونم بلاعتماد على الارواء .
وبين النايف ان مجموع العجز بالانتاج خلال العام الحالي تبلغ نسبة 50% مايضطر لتعويضه عن طريق الاستراد بينما تتراوح لكميات المتوقع انتاجها خلال العام الحالي بين 12 مليون طن من المحصول . فيما رجح مستشار وزارة الزراعة مهدي القيسي في تصريح لوسائل الاعلام لجوء العراق الى استراد الحنطة خلال الاشهر المقبلة لسد احتياجاته في البطاقة التموينية . مبينا ان موسم الجفاف تسبب في تقليص مساحات زراعية لاكثر من 50% من المساحات الزراعية السابقة والتي هي مقلصة اصلا ,مايعني بقاء مساحات قليلة لاتكفي لسد احتياجات العراق وتلبية متطلباته الرئيسية .
ويرى خبراء ان الزراعة في العراق تتصف بالعشوائية ، إذ إن الـخـطـط المـوضـوعـة من قبل السلطات غير دقـيـقـة وربما قد تكون غير فعالة ، إذ تعتمد مـثـلا الاســتــيــراد عـلـى مـــدى تــوفــر الـسـلـع بقرارات غير مدروسة وفجائية، وهو ما يؤثر في خط عمل الفلاح او المزارع.
واضافوا ان الــزراعــة تـواجـه تـحـديـات، لا يمكن ان تـتـجـاوزهـا، إلا فـي حـال تـعـاون جميع الـجـهـات، فـكـثـرة المـحـاصـيـل الـزراعـيـة المـسـتـوردة وارتــفــاع أسـعـار الأسـمـدة والـبـذور بسبب ارتـفـاع سـعـر صـرف الــــدولار، فـضـلا عــن تــراجــع الـتـزويـد بـالـطـاقـة وقـلـة مـيـاه الـسـقـي، والـزحـف عــن ارتــفــاع أجــرة الـسـكـانـي، فـضـلا العمل والنقل، ابرز الاسباب التي تقف امام هجرة الفلاحين والمزارعين لاقدم مهنة عرفها التاريخ والتي توارثوها عن اجدادهم .
عجز بحجم مليونى طن في انتاجه
وكشفت وزارة الزراعة، في وقت سابق ، عن صدور قرار حكومي بصرف جزء من مستحقات المزارعين المتأخرة، محذرة بأن تأخرها أثر مع مشكلة شح المياه بشكل خطير وهدد توفير محاصيل أساسية، ما ينذر بأزمة حقيقية وخاصة بمحصول الحنطة الذي يتوقع حصول عجز بحجم مليوني طن في انتاجه.
وقال وزير الزراعة محمد كريم في تصريح صحفي تابعه المسرى ، إن “موضوع مستحقات الفلاحين أمر مهم وأثر مع مشكلة شح المياه على عملية الزراعة في البلد”.
وأضاف، أن “المزارع يتحمل تكاليف كبيرة بعملية الزراعة، وكلفة زراعة الدونم الواحد لا تقل عن 200 ألف دينار وتنتج 600 كيلوغرام”.
وتابع إن “مستحقات الفلاحين في عام 2020، تأخرت وصرفت من مستحقات موازنة 2021، وحدث نقص تريليون دينار في المستحقات لأن اللجنة المالية النيابية لم تثبت المستحقات في نص الموازنة عند كتابتها”.
وأشار إلى أنه “مشكلة المياه وشحة الأموال قلصت الخطة الزراعية بنسبة 50% وأيضاً لا يوجد دعم للأسمدة في موازنة 2021 وكلفته تصل للمليون ونصف المليون وهذا عبء كبير على المزارع وكذلك ارتفاع أسعار الأعلاف انعكس سلبيا على المنتج المحلي وأصبح لا ينافس المستورد”.
وكشف عن أنه “تم باجتماع مجلس الوزراء رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي بخصوص المستحقات وهو تحدث مع وزير المالية وتم إطلاق 250 مليار دينار من أموال مستحقات المزارعين وسيتم أسبوعياً إطلاق المبلغ ذاته ولمدة شهر”.وفق قوله
وأكد أن “وزارتي المالية والتجارة تتحملان مسؤولية صرف مستحقات المزارعين وهما وضعتا خطة لمعالجة تمويل مستحقات مزارعي الحنطة والشعير والشلب لعام 2020”.
وأشار إلى أن “هناك ضعفا لدى المفاوض العراقي أثر على حصة المياه المتدفقة للعراق، ويجب ربط أي مباحثات اقتصادية مع إيران وتركيا بموضوع المياه”.
وكشف عن أنه “زار السعودية كفريق مفاوض للنقاش حول كيفية صرف قرض بقيمة 500 مليون دولار، هم يطلبون منا استثمارها وتم مفاتحتهم لشراء منظومات ري حديثة واتفقنا لانشاء معمل في العراق بالاتفاق مع شركة الخريف وهي من افضل الشركات وتم الاتفاق واخذنا قرارا من مجلس الوزراء”. وفي السياق قال الوزير أن “هناك 150 مليار دينار مجمدة من اموال المبادرة الزراعية محجوزة في المصرف، يجب أن تطلق، سبب التعطيل هو الفساد، وأن هناك 500 مليار ذهبت ادراج الرياح بفترة سيطرة داعش على بعض المدن”.
وأشار إلى أن “مشكلة شح المياه أثرت كثير على زراعة الحنطة، وأن 60% من مزارعي نينوى هاجروا إلى المدن وسعر الحنطة في الثلاثة أشهر الأخيرة بلغ 560 ألف دينار بعد أن كان 320 ألفا”.
وأكد أن “العراق يحتاج 4 ملايين طن حنطة سنوياً، بسبب قلة التخصيصات في عام 2020 تم انتاج 3.5 ملايين والتجارة أعلنت مناقصة لاستيراد 500 ألف طن”.
وحذر من أنه “في السنة الحالية لن نستطيع تسويق مليوني طن بسبب قلة واردات المياه، خطة الأرواء ستؤمن ما نسبته مليونان ونصف المليون، وبالتالي سيحدث لدينا نقص بطنين على الأقل ما سيضطر وزارة التجارة لاستيرادها بعملة صعبة، وبالمقابل أيضاً سيتضرر 460 ألف مزارع للحنطة وخاصة في واسط ونينوى”.