المسرى..
إعداد: كديانو عليكو
تعد القصور الاثرية في العراق من المعالم التي ارتبطت على مدى تاريخ بلاد الرافدين، بالخلافة العباسية، حيث تميزت بتصاميمها المعمارية الجميلة ونقوشها الدقيقة، ادت الكوارث الطبيعية والحروب الى ازالة العديد منها من الوجود.
في هذا التقرير نبذة عن اهم القصور الأثرية في بغداد، رغم ان بعضها لم يعد لها اثر اليوم.
قصر السلام
أحد أكبر القصور الموجودة في العراق، والقصر موجود في المنطقة الخضراء في بغداد وتوجد حوله اسوار كبيرة وأبراج مراقبة .
يحتوي القصر على اعمدة هائلة الحجم وقبة كبيرة جداً، كما بني القصر بشكل معماري دقيق ونقوش دقيقة تظهر براعة الفنان العراقي. وتعرض القصر للقصف بالطائرات بشدة عام 2003، مما أدى إلى انهيار عدد من الغرف العلوية واحتراق قبة القصر ومما حولها إلى هيكل حديدي، إضافة إلى اضرار جسيمة في أنحاء مختلفة من القصر.
وصف القصر
يحتوي القصر على 200 غرفة وبمساحة 93,000 متر مربع، ويتكون من ستة طوابق، ثلاثة منها قابلة للاستخدام (الباقي عبارة عن أرضية مرتفعة)، وقاعتان كبيراتان للاجتماع. أرضية القصر الداخلية من الرخام مع مئات الآلاف من القطع المقطوعة يدويا، وجدران من الغرانيت، والأسقف تحتوي أيضا على مئات الآلاف من الزهور المرسومة يدوياً والمطعمة يدوياً.
منذ نيسان 2009 إلى كانون الثاني 2010، كان القصر مقراً لفريق اللواء القتالي الثاني والثلاثون في الجيش الأمريكي. ومنذ عام 2012 وحتى الان تم اعتماد القصر كقصر جمهوري ومقر لإقامه الرئيس العراقي.
قصر الثريا
أنشأه الخليفة العباسي المعتضد بالله 279-289هـ (892-902م)، بينه وبين قصر التاج ميلان وعمل بينهما سردابا (نفقا) تمشي فيه حظاياه من القصر الجعفري الحسني وهي الان خراب. وقال فيه ابن المعتز :
سلمت امير المؤمنين على الدهر فلا زلت فينا باقيا واسع العمر
حللت الثريا خير دار ومنزل فلا زال معمورا وبورك من قصر
جنان واشجار تلاقت غصونها واورقن بالاثمار والورق الخضر
خراب القصر
وجاء في تجارب الامم، ان الفرسان شغبوا ايام المقتدر بالله العباسي فنهبوا قصر الثريا وذبحوا الحيوانات التي في الحير ( حديقة الحيوانات) وذكر حمزة الاصفهاني في حوادث سنة 315هـ ان الفرسان شغبوا وصاروا من الغد إلى القصر المعروف بالثريا فأحرقوا عامته ونهبوا ما فيه من الخزائن وخربوا القبة والقصر المعروف بالاترجة والكوكب وسلبوا ماكان فيه من الآلة والمتاع والوحش والطير، وظل هذا القصر قائما حتى فاضت دجلة فيضانا شديدا فاحدثت خرابا عظيما في بغداد وكان من جملة ذلك خراب قصر الثريا .
قصر الذهب
أحد أشهر قصور الدولة العباسية، وسميَّ بقصر المنصور نسبة إلى بانيه الخليفة العباسي الثاني ابو جعفر المنصور، ومُشيّد مدينة السلام المدورة، ويقع هذا القصر في وسطها، شيد على شكل مربع بمساحة تزيد على خمسين الف متر مربع.
يعتبر قصر الذهب البلاط الرسمي للخليفة العباسي، ومن أحد اروقته تدار الامور السياسية والحكم، والنظر في أحوال الدولة كافة. كما كان مكاناً للقاء الخليفة مع رؤوس الدولة من قادة عسكريين، ووزراء، وولاة، وقضاة، وكذلك يلتقي بالشعراء، وحتى عامة الناس.
زوال القصر
عندما نشب الخصام بين المأمون واخيه الأمين، التجأ الأمين من قصر القرار إلى قصر الذهب ووزع حرسه وجنده على اسوار مدينة السلام المدورة، بعد أن هاجمت جيوش المأمون التي يقودها طاهر بن الحسين المدينة بالمناجيق الكبيرة ورشقتها بوابل من الحجارة الضخمة التي سقطت على قصر باب الذهب وهدمت أجزاء منه.
قصر الخلد العباسي
أحد قصور بغداد الشهيرة إبان الخلافة العباسية، والذي أمر بتشييده وتأنق في بنائه وتجميله الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور وشيد على شاطيء نهر دجلة، فوق مصب الصراة بقليل، ووراء باب خراسان، سنة 157ه/773م، وفي سنة 158ه/774م، نزل فيه.
اختيار الاسم له علاقة بالآيات القرآنية التي جاء فيها ذكر لجنة الخلد، ويبدو ان المنصور أطلق هذه التسمية تميناً بما ورد في المصحف من ذكر للتسمية في تلك الآيات، متفائلاً بخلود ملكه وبقاء الخلافة في بنيه.
ان من تولى بناؤه الربيع بن يونس وابان بن صدقة، وذكر المؤرخين، انه عندما اقترن هارون الرشيد بابنة عمه زبيدة بنت جعفر أيام خلافة والده المهدي، أقيم حفل الزواج في هذا القصر، وكان من أحب المنازل إلى هارون. وكان والده قد استعد لهذه المناسبة مالم يستعد لاحد من العباسيين قبله من الآلآت الموسيقية والآنية والفرش والمتاع والقماش والطيب والجوهر والخدم والوصائف.
قصر التاج
أحد أشهر قصور الخلفاء العباسيين ببغداد الشرقية. أول من بناه جعفر البرمكي، ثم صار للخليفة المأمون العباسي وسمي بقصر المأمون، ونزله الحسن بن سهل فسمي بالقصر الحسني، وصار لابنته بوران، فاستنزلها عنه المعتمد وعوّضها، ثم صار للمعتضد بالله، ويعتبر قصر التاج من دور الخلافة العباسية المشهورة في بغداد، وقد أضاف عليه البناء الخليفة المعتضد بالله العباسي عام 279 هـ، وأتمّه إبنه المكتفي عام 295 هـ، وكان مبنيا على خمسة عقود وعشر إسطوانات لكل عقد، وكل إسطوانة خمسة أذرع.
احتراق القصر
تعرض قصر التاج للحريق بعد ان سقطت صاعقة في ايام الخليفة المقتفي لأمر الله على دار الخلافة التي أنشأها وتأججت فيها النار لتسعة أيام فاحترقت هي والقبة.ولما أُطفئت النار ظهرت الدار كالفحم.
قام الخليفة المقتفي باعادة بناء القبة على الصورة الأولى ولكن بالجص والآجر دون الأساطين الرخام، وأهمل إتمامها حتى مات. وبقيت الدار على هذا الشكل حتى سنة 547 هـ/ 1178 م، فأمر الخليفة المستضيء بأمر الله بنقضها وإبراز المسناة التي بين يديها إلى أن يحاذي بها مسناة قصر التاج. وأُدخلت أنقاض قصر التاج وغيرها في إنشاء هذه المسناة. ولم يبقى من التاج إلا إسمه في أواخر الدولة العباسية وكان يطلق على الصحن الذي تجري فيه مبايعة الخلفاء على شاطيء دجلة من دار الخلافة المذكورة.
قصر القرار
قصر القرار أو دار القرار ويسمى كذلك قصر زبيدة، وهو أحد قصور الدولة العباسية، الذي قامت الأميرة زبيدة بنت جعفر العباسية ببنائه وسكنه الخليفة العباسي الأمين.
جاءت تسمية هذا القصر، القرار، تيمناً بما جاء به القرآن الكريم بالآية 39 من سورة غافر “وأن الآخرة هي دار القرار”. ولا وجاهة لما ذكره لي سترانج من ان معناه المياه المستقرة، أو البُرْكة.
قصر السلام العباسي
أحد قصور الدولة العباسية الذي يرجع تاريخ إنشائه إلى سنة 164ه، وقيل 165ه، أمر ببنائه الخليفة العباسي المهدي بن أبو جعفر المنصور، وسماه قصر السلام.
كان الخليفة المهدي أكثر نزوله من مدينة السلام بعيساباذ أو بعيساباد في أبنية بناها هناك، حيث انه بنى قصر السلام على نهر المهدي، في محلة عيساباد، أي عمارة عيسى، منسوبة إلى عيسى بن المهدي، والتي تقع شرقي بغداد. بلغت النفقة على إنشاء قصر السلام خمسين مليون درهم. وكان المهدي في بادئ الأمر قد شيد له في عيساباد الكبرى قصراً من لبن، إلى أن أنشأ قصر السلام أو السلامة، الذي بناه بالآجر. وكان تأسيسه يوم الأربعاء في آخر ذي القعدة من سنة 165ه، حتى تحول إلى عيساباد ونزل فيها وسكن قصره، ونزل الناس معه، وضرب بها الدنانير والدراهم. ومما ذكره وزير المهدي، يعقوب بن داود: بنى الخليفة المهدي متنزها، يعني قصر السلام في عيساباد، الذي بلغت كلفة بنائه خمسين ألف ألف درهم من أموال المسلمين.
قصر الفردوس
أحد قصور دار الخلافة العباسية ويقع في الجانب الشرقي من بغداد، شيده الخليفة العباسي المعتضد بالله إلى جوار القصر الحسني، في موضع يقع فوقه، حيث يصب نهر المعلى في دجلة، وكان في بساتين هذا القصر بركة، يأتيها الماء من فرع صغير لنهر موسى عند المقسم قرب المخرم، ولقصر الفردوس باب يدعى باب الفردوس، ولعل تسمية القصر بالفردوس معناها الجنة، أو حير الوحش التي كانت متصلة بالدار. وقد غلب اسم هذا القصر على مجموعة القصور التي أنشأها الخلفاء حول دار الخلافة. وكان في خلافة المقتدر بالله سنة 305 ه، زار رسل صاحب الروم قصور دار الخلافة ومنها القصر المعروف بالفردوس، فلما أدخلوا إلى قصر الفردوس كان فيه من الفرش و الآلات ما لا يحصى ولا يحصر كثرة، وفي دهاليز الفردوس عشرة آلاف جوشن مذهبة معلقة، مما راع رسل ملك الروم روعة شديدة. وقصر الفردوس يستقي المياه من نهر المعلى الذي يمر بين الدور إلى باب سوق الثلاثاء، ثم يدخل قصر الخلافة المسمى بالفردوس، فيدور فيه ويصب في دجلة. وقال أبو إسحاق الصابي الكاتب، ان ثابتاً كان يمشي مع المعتضد في الفردوس وهو بستان في دار الخليفة للرياضة .
دار رشيد عالي الكيلاني
بيت رشيد عالي الكيلاني هو مسكن رئيس الوزراء والضابط والسياسي العراقي رشيد عالي الكيلاني المتوفى سنة 1965م، أقام الكيلاني اجتماعات سياسية في بيته، ثم صار البيت من معالم مدينة بغداد وفي 4 كانون الثاني سنة 1928، اُتخذتْ الدار مقرّاً لمدرسة المفوَّضين وظلتْ هناك 7 أشهر ثم نُقلتْ إلى البتاوين، وفي النصف الثاني من الستينات، جُعلَ البيت مدرسةً بمبادرة من وداد بنت رشيد عالي الكيلاني، وأصبحت هي أولَ مديرة للمدرسة التي سُمّيتْ “مدارس مايس الأهلية الابتدائية المختلطة”، وفي أواخر السبعينات، اشترت أمانة بغداد بيتَ رشيد عالي الكيلاني، وجعلته بنايةً تراثية مشتملة على متحف، سُمّيَ متحف ثورة مايس 1941. اُتخذ في التسعينات روضةً ومدرسة ابتدائية، وظلّ البيت شاغراً مدة طويلة وحينئذٍ كان فيه حارسٌ من دائرة السياحة، وفي شهر آب سنة 2011، اعلنت دائرة التراث عن نيّتها تحويل البيت إلى متحف، وفي 14 تشرين الثاني سنة 2011م، عملت وزارة السياحة على إصلاح البيت تمهيداً لمشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية سنة 2013، ثم اُتخذَ داراً للفرقة السمفونية العراقية ابتداء من 16 تموز سنة 2019م، حتى يوم 14 أيلول سنة 2020، يتبع البيتُ دائرةَ التراث التابعة لوزارة الثقافة العراقية، التي تَعدُّ البيتَ من أشهر معالم بغداد التراثية.
قصر مربع الشكل، مساحته 3675 م2، تحيط به حديقة داخلية من أربع جوانبه، كانت المشاتل والبساتين كثيفة الخضرة عن شرق القصر، وشاطئ دجلة من الغرب مقابلاً لواجهة البيت، وكان بعض تلك البساتين مُلكاً لرشيد عالي الكيلاني، ثم باعها الورثة.
متحف ثورة مايس
كانت الدار ملكاً لمراد بك بن سليمان فائق، أخي حكمت بك سليمان فائق، هدمت هذه الدار بعد زواج رشيد عالي الكيلاني من كبرى بنات مراد بك، وقام مقامها قصر الكيلاني الحالي. بُنيَ الطابق الأرضي من البيت سنة 1343هـ/1925م، وبعد 5 سنوات بُنيَ الطابق الأول سنة 1348هـ/1930م، إذ لم يعد الطابق الأرضي كافياً، ثم أُضيف إلى الطابق الأرضي ملحقٌ خدمي سنة 1353هـ/،1935، ظلّ رشيد وعائلته يسكنون البيت حتى سنة 1941، حين نُفيَ رشيد إلى خارج العراق، فاتخذ البيتَ السفارةُ البريطانية حتى سنة 1377هـ/1958م، حين حدث تغيير الحكم الملكي، وعاد رشيد عالي إلى بيته بضع سنين، ثم في النصف الثاني من الستينات، اتخذته ابنته وِداد رشيد عالي الكيلاني وجعلتهُ روضة ومدرسة أهلية سمتها (مدارس مايس الأهلية)، وبقيت المدرسة حتى عام 1979، وفي أواخر عقد السبعينات، اشترت أمانة بغداد بيتَ رشيد عالي الكيلاني، وجعلته بنايةً تراثية مشتملة على متحف، سُمّيَ متحف ثورة مايس 1941.
قاعة الخلد
قاعة فيصل ثم قاعة الخلد هي بناية للاحتفالات الكبرى والمؤتمرات، ذات مدرجات وشكل مسرحي، ذي 400 مقعد، في غرب بغداد، صَوب الكرخ، منطقة كرادة مريم، في شارع عبد المنعم رياض، كانت تقام فيها الفعّاليات والاحتفالات الكبرى والأسابيع الثقافية والاحتفالات الموسيقية، والأعراس الراقية ونحو ذلك. وكانت أفخم المسارح العراقية وأكبرها، ذات معدّات صوتية جيدة، أنشئت في عهد الملك فيصل الثاني، وتُعدّ بمنزلة مسرح ملكي، كانت القاعة في الخمسينات والستينات في منطقة لا تصل إليها المواصلات العامة، ارتبط بالقاعة حدثٌ مشهور، سُمّيَ مؤتمر قاعة الخلد ومجزرة الرفاق، أزيحت قاعة الخلد بعد أن أصبحت جزءا من أراضٍ رئاسية.