المسرى… تقرير: فؤاد عبد الله
مرَّ أكثر من عام وتحديداً في 19 من كانون الأول 2020 على قرار البنك المركزي العراقي بتخفيض قيمة الدينار العراقي من 1200 دينارلكل دولار إلى 1450 دينار للدولار الواحد، أي بما يعادل 22%.
تعويض الإيرادات
وعزا البنك في بيان سبب رفع سعر بيع الدولار إلى 1450 دينار لتعويض حجم الإيرادات النفطية التي تدهورت بسبب انخفاض سعر النفط وإنتشار جائحة كورونا في العام 2020 وسد فجوة التضخم في ميزانية العام 2021 بعد إنهيار اسعار النفط في الأسواق العالمية، كونها المورد الرئيسي للمالية العراقية.
قرار تحت الضغط
وعن أهمية هذا القراروإنقاذ العراق من شبح الإفلاس أو الانهيار الاقتصادي، يقول الخبير الاقتصادي الدكتورهمام الشماع لـ( المسرى) إن “وزير المالية في وقته بدأ بالحديث عن عدم وجود أموال للدولة تمكنها من دفع رواتب الموظفين، مما أثار ضجة في المجتمع العراقي، وكان القصد منها القبول بكل مايُطرح، فأعلن الورقة البيضاء بناء على طلب من البرلمان، الذي دعاه لإعطاء إيضاحات حول طلبه من البنك المركزي لقرض بقيمة 15 تريليون دينار، لذا أعلن الورقة البيضاء كورقة إصلاحية، علماً أن الورقة الإصلاحية تحتاج عمراً ولا تتناسب وعمر الوزارة التي جاءت مؤقتة أساساً لحين إجراء الانتخابات المبكرة”.
عدم الأخذ بالحلول
مضيفاً أن ” الحكومة العراقية لم تأخذ بأي حل من الحلول التي طرحت وما طرحه المختصون لمعالجة تلك الأزمة المالية، ومنها تخفيض الرواتب العليا وقطع الرواتب التي تدفع بغير استحقاق لبعض الشرائح، وإزالة الضغوط المتأتية من الفضائيين وإزالة الهدر من الإنفاق والبحث عن موارد جديدة، وعلى العكس الحكومة لم تأخذ بمقترحاتنا”، لافتاً أن “الحكومة كانت بشكل مستمر تضغط على البنك المركزي من أجل خفض السندات، وبالنهاية قرر أن يبيع الدولار الذي يأتي لوزارة المالية من مبيعات النفط إلى البنك المركزي بـ(1450) دينار، وفي المقابل البنك المركزي لا يستطيع أن يبيعه بالسعر السابق، لذلك وافق البنك المركزي تحت الضغط أن يخفض سعر الصرف”.
تضخم وانخفاض القوة الشرائية
وبين الشماع أن ” سعر الصرف المخفض أدى إلى حدوث تضخم وتقليل القوة الشرائية للدينار وخاصة لشريحة الموظفين الذي يشكل إنفاقهم حوالي 50% من الإنفاق الفعال الذي ينشط الحركة والدورة الاقتصادية، وبالتالي أثر على مجمل النشاط الاقتصادي إضافة إلى تداعيات فايروس كورونا وانخفاض الدخول المتأتية من القطاع الخاص ودخول الموظفين، وظهور نوع من الركود الاقتصادي وإزدياد العاطلين، وبالمقابل لم يحصد المجتمع العراقي أي فائدة من هذا التخفيض باستثناء زيادة الأموال في خزينة الدولة والتي لم تنفقها لحد الآن و حتى أنها لم تسدد القروض التي عليها لصالح البنك المركزي”.
سياسية نقدية
أما الخبير الاقتصادي والمالي علاء الفهد فيقول لـ( المسرى) في هذا السياق إن “سعر الصرف من أدوات السياسية النقدية التي عن طريقها يمكن للحكومة أن تحقق أهدافاً اقتصادية، منها حماية المنتوج الوطني أو الحفاظ على إحتياطه النقدي، ولكن في العراق وبعد عام من تخفيض سعر صرف الدينار أمام الدولار، تحققت للحكومة أهداف ولم تتحقق أخرى، بسبب عدم مرونة جهاز إنتاجه أو عدم وجود جهاز انتاج في العراق قادر على أن يحل محل الإستيراد، الذي قائماً وبقوة، خاصة استيراد المواد الغذائية والأساسية، والتي بدورها ارتفع أسعارها بشكل مباشر يفوق القوة الشرائية لشريحة الموظفين وخصوصاً الطبقات الفقيرة، ما انعكس سلباً على ارتفاع مستويات الفقر وانخفاض مستوى المعيشة”.
ارتفاع الإحتياطي النقدي
كما وأشار الفهد إلى أن “من ايجابيات تخفيض سعر الدينار مقابل الدولار تمثل بارتفاع الاحتياطي النقدي، نتيجة ارتفاع سعر النفط خلال هذا العام، وفي المقابل هذا الارتفاع لا يعود إلى رفع سعر الصرف، لأن مزاد العملة مستمر، والطلب على الدولار يسير بنفس الوتيرة السابقة وربما أحيانا بوتيرة أعلى”، منوهاً أنه “كان من المؤمل أن يتم انخفاض الطلب على الدولار من جهة لكي يعوض الناتج المحلي أوالمنتج الوطني جزءا من الخسائر الحاصلة، ويكون هناك دور للصناعات الوطنية للازهار ولكي تنافس في اسعارها السلع المستوردة وتكون حماية للسلع الوطنية، ولكن في العراق مع الأسف الناتج الوطني متواضع جداً ولا يلبي الغرض”.
خطوة استباقية
وجاء قرار خفض قيمة العملة الوطنية كخطوة استباقية حرصا من البنك على تفادي استنزاف احتياطياته الأجنبية، ولمساعدة الحكومة على تأمين رواتب الموظفين العموميين حسبما ذكره البنك المركزي العراقي في بيانه.