المسرى ..
تقرير : وفاء غانم
يبدو ان ازمة جديدة تلوح في الافق في بلد النفط والخيرات الاوهي الارتفاع الكبير بأعداد السكان والتي وصفها المراقبون “بالانفجار السكاني ” , وسط غياب خطة تنموية اقتصادية وبشرية موازية, ويأتي هذا الارتفاع بالتزامن مع ارتفاع نسبة الفقر في العراق والتي بلغت 25% وفقاً لوزارة التخطيط ، فيما تحدثت بيانات وتقارير عراقية مختصة بالتنمية والاستراتيجيات في وقت سابق عن اقتراب النسبة من 30%.
وسجل العراق خلال الأعوام الـ10 الأخيرة زيادة سكانية بلغت نحو 9 ملايين فرد، في وقت تعاني فيه البلاد من مشاكل كبيرة ومعقدة على مستوى توفر الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والسكن.
وكانت وزارة التخطيط العراقية قد أعلنت مؤخّرًا أنّ ” عدد سكان العراق سيبلغ بنهاية العام الحالي (2021) 41 مليون و190 ألف و658 نسمة موزّعون بواقع 50.50% للرجال و49.5% للنساء. ووفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة عام 2020، يأتي العراق في المرتبة الـ36 على مستوى العالم من حيث التعداد السكاني، والرابع بين الدول العربية.
تحذيرات من قنبلة بشرية
وبين الحين والاخر تصدر الجهات المعنية تحذيرات من التداعيات المستقبلية الخطيرة التي من الممكن ان يولدها هذا الارتفاع في ظل تدني مستويات المعيشية وتجذر الاقتصاد الريعي والاضطراب الامني اللذين يعيشهما العراق على مدى عقود .
وحذّر تقرير استقصائي نشره مركز “نوفيلد” للصحة والتنمية الدولية، التابع لجامعة ليذر البريطانية مزيداً من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على الأحوال العامة في العراق خلال السنوات المقبلة، بفعل الزيادة السكانية عدها “بالانفجارية” التي يشهدها البلد منذ سنوات.
كيف اثرت كورونا على عدد العراقيين ؟
الباحث الاجتماعي منتظر عبد الزهرة أكد ، في حديث للمسرى في وقت سابق ، أن” سبب الزيادة الحاصلة في العراق والعالم خصوصا في هذه السنة 2021، يعود الى مايتعلق بالحجر المنزلي الذي فرضه فايروس كورونا”، مبينا، أن الامر لم يقتصر على العراق فقط، بل تسبب ذلك بزيادة بنسب السكانية على عدد من الدول العالمية الاخرى حيث قفز العالم من 7 مليار الى 8 مليار نسمه حسب اخر احصاء، بعد الحظر الوقائي”.
“زيادة الاعداد تحدث في الدول الفاشلة “
واضاف عبد الزهرة، أن” الزيادة عادة تحصل في العالم الثالث الفقير والذي يزداد فقراً، مبينا ان، الزيادات دائماً تجدها عند الدول الفاشلة وغير المنتجة. مشيرا الى ان زيادات بشرية هائلة لعناصر عاطلة عن العمل تحصل دائما لكثير من البلدان التي تشهد فقرا كبيرا ، وهذا الامر ينطبق على العراق الذي يرضخ حوالي نصف سكانه تحت خط الفقر”.
اسباب التعقيد
ويعزوا المراقبون و الخبراء في الشأن الاقتصادي ، أسباب هذا التعقيد في حياة العراقيين إلى سوء التخطيط وغياب الرؤية الاقتصادية التي عاشها العراق ما بعد 2003,وإن بوجود الفقر والبطالة لا يمكن تحقيق استقرار حقيقي وبالتالي إن البنى الاجتماعية وليس الاقتصادية فقط مهددة بالمخاطر جراء فقدان فرص العمل وغياب أبسط الظروف الملائمة التي من شأنها توفير حياة كريمة”.
خطة تنمية مستدامة
وفي سياق متصل اطلقت الوزارة اول ستراتيجية في عام 2010 لغاية 2014، بينما تستمر الثانية للعام 2022، وتهدف الوزارة من خلال تلك الستراتجيات إلى التخفيف من معدلات الفقر في البلاد الى نسب مقبولة.
ويقول المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي في تصريح صحفي ، إن “الوزارة اطلقت منذ حوالي عامين خطة التنمية المستدامة لغاية العام 2030”. ويضيف الهنداوي، ان “خطة التنمية المستدامة تتضمن العمل على تحقيق مجموعة من الاهداف وفي مقدمتها محاربة الفقر، فضلا عن مجموعة من الاهداف الاخرى التي تم وضع سياسات وخطط لكل واحدة منها”.
وأشار الى، ان “الوزارة ما زالت تعمل ضمن ستراتيجية خفض الفقر للمدة من 2018 – 2022 وتمت المباشرة بالاستعدادات لوضع ستراتيجية جديدة لمكافحة الفقر في البلاد من 2023 – 2027 اضافة الى سياسات اخرى وصولا الى تحقيق التنمية المستدامة لعام 2030”.
وبحسب الاحصائية الأخيرة قبل الجائحة والتي نشرت في شباط 2020، كانت نسبة الفقر قد بلغت 20% أي ما يعادل 8 ملايين عراقي كان تحت خط الفقر، إلا أنها عادت للتراجع بعد إجراءات رفع حظر التجوال وعودة العمل والأنشطة لوضعها الطبيعي.
وبين المتحدث باسم وزارة التخطيط ان “خطة التنمية المستدامة تصنف ضمن الخطط التنموية الخمسية والخطط الستراتيجية القصيرة والمتوسطة والطويلة المدى”.
لايوجد قانون لتحديد النسل
وتابع، “لا يوجد حتى الآن توجه باصدار او تشريع قانون لتحديد النسل، وإنما العمل يجري على اشاعة الثقافة الاجتماعية والتوعوية بضرورة تنظيم الاسرة من خلال المباعدة بين الولادات وتنظيمها بشكل يؤدي الى تقليل الولادات”.
ولفت الهنداوي الى ان “حجم الاسرة في العراق شهد انخفاضا خلال الـ 10 سنوات الاخيرة، وهذا يعود الى تفهم الاسر بضرورة التنظيم الاسري وتقليل عدد الولادات بشكل عام”.
ماذا سيحدث بعد 6عقود ؟
ولفت الهنداوي الى انه “وفق المعدلات الحالية للنمو السكاني في العراق، فسنويا يرتفع عدد السكان بما يقارب المليون نسمة، وبواقع 10 ملايين نسمة خلال 10 سنوات والوصول الى 100 مليون نسمة بعد 6 عقود”، مستدركا ان “استمرار النمو على الوضع الحالي وبنسبة 6/2 فإنه من المتوقع ان تشهد معدلات النمو انخفاضا في السنوات المقبلة”.
وعن البطالة في البلاد اشار الهنداوي، الى ان “مسألة البطالة ترتبط بالجوانب التنموية والاقتصادية، وبحسب الاحصاءات فان نسبة البطالة بلغت 14 بالمئة في عموم البلاد”.
وتابع بالقول، ان “خطة الوزارة التنموية الخمسية فضلا عن خطة العراق للتنمية المستدامة لعام 2030، وستراتيجية تطوير القطاع الخاص، جميعها مخرجات تؤدي الى توفير فرص عمل جديدة تستوعب الزيادة السكانية والخريجين الذين يدخلون الى سوق العمل”.وفق قوله
حكومة غير قادرة على تنفيذ الخطط
مختصون في الشأن الاقتصادي قالوا في تصريحات صحفية ، إن “الأدوات التي بواسطتها يتم تخفيض نسبة الفقر ومعالجة الاقتصاد موجودة، لكن سوء التخطيط الحكومي والتلكؤ في التنفيذ يحول دون النهوض بالوضع الاقتصادي”.
واضافوا ان “الحكومة غير قادرة على تنفيذ الخطط التي تطرحها والدليل على ذلك ما قامت به من تغيير بسعر الصرف أضر بشرائح كبيرة من المجتمع، زاد من نسبة الفقر وارتفاع التضخم”.
موعد اول تعداد سكاني
واعلنت وزارة التخطيط عن موعد إجراء أول تعداد شامل للسكان في البلاد منذ ثلاثة عقود وبدء تجارب في محافظات للوقوف على الإستعدادات الفنية والإلكترونية لإجرائه فيما طلبت وزارة التخطيط مبلغ 18 مليون دولار لتنفيذه.
وشرعت وزارة التخطيط فعلًا بإجراء تجارب التعداد السكاني العام استعداداً لإجرائه في موعد أقصاه تشرين الثاني/ نوفمبر من العام المقبل 2022 مطالبة بتخصيصات ماليَّة تصل إلى 120 مليار دينار عراقي (حوالى 80 مليون دولار) في موازنة العام المقبل.
زيادة في عدد سكان الدول النامية
وفي 29 تموز/يوليو 2015, توقع تقرير صادر عن إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية,أن يرتفع عدد سكان العالم من سبعة مليارات نسمة إلى ثمانية مليارات ونصف المليون نسمة بحلول عام 2030.
وتوقع التقريروالذي كان بأسم ” التوقعات السكانية العالمية 2015″، أن يصل عدد سكان الأرض بحلول عام 2050 إلى 9.7 مليار نسمة، و11.2 مليار نسمة بحلول عام 2100، حيث إن معظم الزيادة ستكون في المناطق النامية خاصة أفريقيا.
ارتفاع الجياع في العالم العربي
تقرير لمنظمة الامم المتحدة كشف عن ارتفاع الجوع في العالم العربي بأكثر من 90% في غضون 20 عاما
وبيّن التقرير الصادر بعنوان “نظرة إقليمية عامة حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2021” أن عدد الجياع في المنطقة بلغ 69 مليون شخص في عام 2020.
وبحسب تقرير منظمة الفاو، يستمر الجوع في العالم العربي بالارتفاع، مع زيادة بنسبة 91.1 في المائة منذ عام 2000.
وفقا للتقرير، عانى ما يقرب من ثلث سكان المنطقة، أي 141 مليون شخص، من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد في عام 2020، بزيادة قدرها 10 ملايين عن العام الذي سبقه.
السبب في ذلك يعود إلى الأزمات الممتدة والاضطرابات الاجتماعية والتعرّض لصدمات وضغوط متعددة مثل النزاعات والفقر وعدم المساواة وتغيّر المناخ وندرة الموارد الطبيعية والتداعيات الاقتصادية المرتبطة بجائحة كـوفيد-19. بحسب التقرير