المسرى :
تقرير : وفاء غانم
لاقت القروض المصرفية التي تقدمها بعض المصارف في البلاد رواجاً كبيراً خلال الفترة الأخيرة، نتيجة لتفشي الفقر والبطالة التي يعاني منها البلد ,الامر الذي دفع الحكومة الى دعم هذه المصارف والقطاع الخاص عموما من خلال تقديم القروض الميسرة لها اوما تعرف بالمبادرات المالية لدعم الشباب والمشاريع الصغيرة والمتوسطة رغم قدم وضعف الأنظمة المصرفية.
وفي السياق قال عضو جمعية الاقتصاديين العراقيين، أحمد المندلاوي، في تصريح صحفي ,إن “تدهور الأوضاع المعيشية لأكثر من 60% من العراقيين دفع الكثير إلى تسلّم قروض تشغيلية، تنوعت ما بين قروض سكنية وصناعية وزراعية.
وأضاف أن “العراق شهد في الآونة الأخيرة إقبالاً كبيراً من قبل المواطنين على القروض المصرفية، وخاصة الشخصية والاستهلاكية والاستثمارية لتلبية الاحتياجات الرئيسية”، مشيراً إلى أن “هذا الإقبال ارتفع نتيجة لحاجة الناس إلى القروض، بالإضافة إلى الإغراءات والمنافسة الشديدة بين الوسط المصرفي”.
المندلاوي اشار الى أن “استمرار البنك المركزي والمصارف الأهلية والحكومية بسياسة القروض أسهم بالقضاء على نسبة ليست بالقليلة من البطالة بين أوساط الشباب، وذلك من طريق بعض المشاريع التي نجحت بتشغيل آلاف العراقيين، وكذلك المساهمة في تنمية السوق النقدية، من طريق زيادة العرض من الأوراق التجارية المالية والسندات وتشجيع الأفراد على التعامل مع هذه الأسواق”.
وبعد افراغ البنوك من السيولة بسبب تعرضها الى عمليات نهب واسعة في 2003 تأسس على اثرها اكثر من 70 مصرفا، لكن القطاع في الإجمال لم يتطور.بحسب مصادر اعلامية
وأفاد البنك الدولي عام 2018 أن أكبر ثلاثة مصارف، وهي الرافدين والرشيد والعراقي للتجارة المملوكة للدولة، تستحوذ على نحو 90 بالمئة من أصول القطاع.
مضاعفة دعم المشاريع
وأعلن البنك المركزي العراقي، في وقت سابق مضاعفة مخصصات مبادرته المتعلقة بدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، في خطوة جاءت لتقويض حجم البطالة والفقر في البلاد , وقال البنك المركزي في بيان، إنه زاد حجم مبادرته لإقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة البالغة تريليون دينار، لتصبح تريليونَي دينار، (الدولار = 1456 ديناراً).
اهمال واليات أقراض قديمة
وقال خبراء اقتصاديون في تصريحات صحفية إن “القطاع الخاص منذ عام 2003 ولغاية اللحظة يعاني من الإهمال، رغم حديث الجهات المعنية عن دعم هذا القطاع الحيوي والمهم، لكن للأسف الشديد لا يوجد أي دعم حقيقي للنهوض بواقع القطاع الخاص، بسبب العقليات التي تدير العملية الاقتصادية، لكونها لا تؤمن بشراكة القطاع الخاص، مشيرة إلى أن الدعم اقتصر على المشاريع الاستثمارية التابعة لشخصيات معينة ومتنفذة داخل هذا القطاع المهم”.
وأوضحوا أن “الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي أطلقت الكثير من المبادرات لدعم القطاع الخاص من خلال تقديم القروض بمختلف أنواعها، ولكن في حقيقة الأمر أغلبها تنفق بشكل خاطئ بسبب آليات الإقراض التي ما زالت تدور في ذات الدوامة من الروتين والبيروقراطية وعدم فهم البعد الحقيقي لآليات القرض الصحيح”.
مشيرين إلى أن “العراق ما زال يتبع آليات إقراض قديمة، مؤكدة أنّ جميع هذه القروض والمنح لا تتجاوز الحد المعقول الذي يجعلها تُسهم في النهوض بواقع القطاع الخاص أو تحدث أثراً تنموياً مرجواً”.
ويرى اخرون أن “المحاصصة الطائفية والحزبية في النظام السياسي والفساد الإداري والمالي أمور أثرت على هذه المؤسسة المصرفية” ما حصر دورها تقريبا في إقراض الحكومة.
ويعاني معظم المقترضين بحسب المعنيين من ارتفاع قيمة الفائدة التي تأخذها المصارف، لا سيما في المشاريع الاستثمارية، ورغم ذلك لم تمنع تلك الفوائد الكبيرة التي تضعها المصارف الاهلية والحكومية،الموظفين من الاقبال على القروض, الامر الذي عزاه مختصون الى سوء الاوضاع الاقتصادية فضلا عن تداعيات جائحة كورونا .
مصارف وهمية
ووجه البنك المركزي العراقي، في (18 آذار 2021) وبعض المصارف ، تحذيراً للمواطنين من التعامل مع شركات وهمية تدّعي تسهيل إجراءات استلام القروض من المصارف.
وقال البنك، في بيان تلقى المسرى نسخة منه ، إنه “لم يمنح هكذا تراخيص لاي شركة أو جهة كما انه يحث المصارف على تسهيل اجراءات الاقراض والتواصل المباشر مع المواطنين وفقا للسياقات الرسمية”.
وأضاف البيان، أن “البنك المركزي قد فاتح الجهات الأمنية لاتخاذ الاجراءات القانونية بحق الشركات والجهات المذكورة لما تسببه من اضرار للمتعاملين معها”.
انتعاش مؤقت
خبراء في الشأن الاقتصادي اشاروا في تصريحات صحفية الى ان تلك القروض تمثل “انعاشا مؤقتا”، للاسواق المحلية بعد الانكماش والركود الكبيرين اللذين تعرضت لهما، بسبب تدني أسعار النفط العالمية والاغلاق الاقتصادي الذي رافق اجراءات الوقاية من وباء كورونا.
الى ذلك اطلق البنك المركزي في وقت سابق مبادرات إقراضية متعددة، منها مبادرة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومبادرة المشاريع الكبيرة البالغة خمسة تريليونات دينار لتمويل المصارف المختصة، فضلاً عن ثلاثة تريليونات دينار لدعم القطاع العقاري، وأخيرًا مبادرة تمويل الطاقة النظيفة بمبلغ تريليون دينار ليصبح إجمالي المبالغ المخصصة للمبادرات التنموية أكثر من خمسة عشر تريليون دينار عراقي.