المسرى :
تقرير : وفاء غانم
من ابرز الاثار في العراق هي اثار الحروب والصراعات التي عصفت به على مدى العقود الماضية,والتي تمثلت بلالغام والمخلفات العسكرية.
فبحسب الإحصاءات والتقارير الدولية والمحلية المعنية، فأن العراق أكثر دول العالم بحجم الألغام ومخلفات الحروب غير المتفجرة ,ولايزال مصير هذه المخلفات مجهولا وسط تلكؤ حكومي اتجاه هذا الملف.
ويقدر ضحايا المتفجرات خلال العقدين الماضيين بنحو 10 آلاف قتيل ونحو 24 ألف جريح , وبحسب منظمة الأمم المتحدة فإن نحو 100 طفل لقوا حتفهم أو أصيبوا خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، جراء انفجار ألغام ومتفجرات بهم من مخلفات الحروب في العراق. فيما تؤكد الإحصاءات التقريبية وجود ثلاثة ملايين لغم غير منفجر، في الشريط الحدودي العراقي مع إيران.
لا ارقام محددة
وبخصوص العدد الفعلي للألغام في العراق، أكد مدير قسم التخطيط والمعلومات في دائرة شؤون الألغام أحمد عبد الرزاق فليح الجاسم أنه “لا يوجد رقم صحيح لعدد الألغام، ومن يقول ان هنالك ارقاماً محددة فهذا الأمر غير دقيق، لأن الالغام توجد تحت الارض، ولا توجد جهة معينة تخصصية اكثر منا تستطيع ان تقدم معلومات بهذا الصدد”، مردفاً: “أننا لا نتعامل بعدد الالغام، بل بالمساحات”.
مشكلة معقدة
وفي هذا السياق قال وزير البيئة العراقي، جاسم الفلاحي في تصريح صحفي : “يؤسفنا أن نقول نتيجة عقود من الحروب وعدم الاستقرار ومواجهة التحديات الإرهابية، إن العراق يعتبر الأول في مجال التلوث في الألغام والعبوات الناسفة والمخلفات الحربية” .
الفلاحي اشار في حديثه الى أن العراق سيكون خاليا من الألغام والعبوات الناسفة والقذائف الحربية غير المتفجرة بحلول العام 2028، ما يكشف أن معالجة هذه المشكلة المعقدة لا زالت تحتاج لسنوات طوال، خاصة وأن تنظيم داعش الإرهابي، خلال احتلاله مناطق واسعة من البلاد من العام 2014 ولغاية العام 2017 ، أقدم على تفخيخ مساحات كبيرة وزرعها بالمتفجرات والألغام المختلفة، ما تسبب بتأخير السقف الزمني المحدد سابقا لإعلان العراق خاليا من الألغام لعقد كامل، والذي كان مقررا بداية في العام 2018.
وكانت دائرة شؤون الالغام العراقية، قد اعلنت في وقت سابق أن حجم التلوث الكلي في العراق يبلغ نحو 5994 كم مربع، تم تنظيف نحو 50% منه، مشيرة الى أن غالبية الالغام مزروعة على الحدود الشرقية للعراق.
مواقع انتشار الالغام
بشأن أماكن انتشار الألغام في العراق، ذكر مدير قسم التخطيط والمعلومات في دائرة شؤون الألغام أحمد عبد الرزاق فليح الجاسم في تصريح صحفي أن “حقول الالغام تنتشر على الشريط الحدودي مع ايران، في محافظات ديالى وواسط وميسان ووصولاً الى البصرة، جراء الحرب العراقية الايرانية في ثمانينيات القرن الماضي، حيث تم وقتها زرع المناطق الحدودية بالالغام بمساحات كبيرة جداً”.
صعوبات ومعوقات
ويواجه الجهات المعنية والعاملون على رفع هذه المخلفات من منظمات مختصة في هذا المجال ابرزها منظمة “هالو ترست” من صعوبات ومعوقات تقف امام عملهم ففي بعض الحاويات التي يتم رفعها يوجد نحو 20 لترا من المتفجرات، وهي شحنة كافية لقتل عدة أشخاص، أو تحطيم عربة مدرعة.
وفي السياق قال رئيس فريق المنظمة عمر حسام أنهم أزالوا 700 قنبلة من هذا النوع من حقل زراعي واحد في بيجي، وهو موقع من بين العديد من المواقع المشابهة في العراق.
مضيفا ان داعش ، الذي سيطر على مناطق واسعة من البلاد لعدة سنوات خبأ “مئات الآلاف من العبوات الناسفة” في كل مكان تقريبا تحت سيطرته، لكن رفع 700 منها فقط احتاج فريق المنظمة إلى العمل لعشرة أشهر.
وتقول مصادر اعلامية إن الكثير من الأسلحة المعدة للتفجير في هجمات لا تزال ربما مدفونة على الطرقات، مهددة بالانفجار في أي لحظة في المناطق الكثيفة السكان. ونقلا عن مدير برنامج هالو ترست في العراق قوله إن الحجم الحقيقي للمشكلة يفوق بكثير “الموارد الموجودة” لحلها.
السلطات العراقية لم تفي بعهدها
ورغم الحجم الهائل لهذه الأزمة، فإن الدعم الدولي آخذ في الانحسار ، في حين تقوم العواصم الغربية بإعادة ترتيب علاقاتها مع بغداد ويشعر الدبلوماسيون بإحباط متزايد من فشل السلطات العراقية في الوفاء بوعود الإصلاح، بحسب المصادر الاعلامية والأثر غير المباشر لذلك هو أن مجموعات إزالة الألغام تواجه قدرا من الدعم يتضاءل باستمرار.
وتأمل الولايات المتحدة أيضا في تسليم العصا إلى بغداد، لكنها تعهدت في الوقت الراهن بالحفاظ على المستويات الحالية لدعمها إزالة الألغام في العراق.
العاملون في المجال الإنساني بإزالة آلاف المتفجرات كل عام , يقدرون أن تطهير العراق سيستغرق عقودا. وإذا انخفض الدعم، فإن هذا الإطار الزمني سيكون أطول.
وتعد محافظة البصرة أكثر محافظات العراق تلوثاً نظراً لوجود حقول ألغام من حروب سابقة على مساحة 883 مليون متر مربع، ناتجة عن الحرب العراقية الإيرانية، وحرب الخليج عام 1991 , فضلا عن احداث عام 2003.