المسرى :
تقرير : وفاء غانم
اعداد كبيرة من الاطفال العراقيين ولدوا ولم يعرفوا انهم سيكملون مسيرة حياتهم الصعبة لوحدهم دون أي معيل , فالحروب والصراعات المستمرة في بلادهم لم تقتصر أثارها على تدهور الاقتصاد وتفشي الفقروالبطالة في البلاد فقط ,بل خلفت اثارا وجروحا ربما يستغرق شفائها مديات طويلة , بالزامن مع استمرار دوامة العنف في البلاد,تتزايد أعداد الايتام الذين يعيشون بعدما فقدوا المعيل واقعا مأساويا مهمشا ومستقبلا مجهولا وسط قلة واهمال الدور الحكومي لاحتواهم .
حقائق احصاءات مفزعة
وتظهر بيانات مفوضية حقوق الإنسان في العراق، حقائق وإحصاءات “مفزعة” عن واقع الأطفال العراقيين الصعب. حيث أكدت المفوضية وجود 5 ملايين يتيم يمثلون نحو 5 في المئة من إجمالي عدد الأيتام في العالم، الأمر الذي يعكس هول المأساة الإنسانية، التي أفرزتها الحروب المتعاقبة على العراقيين عامة والأطفال منهم على وجه الخصوص. فيما كشفت المفوضية انخراط مليون طفل عراقي في سوق العمل، بالنظر لحالة العوز التي تعاني منها العوائل الفقيرة، كما وأشارت لوجود 4 ملايين ونصف مليون طفل ترزح عوائلهم تحت مستوى خط الفقر.
معاناة الايتام في دور الايواء
لا تنحصر مشاكل الأيتام في العراق في جزئية معينة، بل يتعدى الأمر ذلك إلى مشاكل عدة لا تقل خطورة أحدها عن الأخرى، تتمثل أولى هذه المشاكل بقلة عدد دور الأيتام الحكومية، فضلا عما يواجهه هؤلاء الأيتام من عنف ومآس في دور الرعاية الحكومية التي تُعْنى بشؤونهم، وفي السياق قال معاون مدير الاحتياجات الخاصة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة العبادي عامر الموسوي في تصريح صحفي في وقت سابق إن عدد دور الأيتام في العراق يبلغ 23 دارا في عموم العراق لكلا الجنسين، عدا إقليم كوردستان، وتتوزع هذه الدور على محافظات العراق المختلفة، بواقع أربع دور في بغداد و19 دارا في بقية المحافظات باستثناء محافظة الأنبار التي لا تضم أي دار للأيتام بسبب الطبيعة العشائرية للمحافظة، بحسب عامر الموسوي.
وعن الأيتام الذين يتم قبولهم في دور الأيتام الحكومية قال عامر الموسوي معاون مدير الاحتياجات الخاصة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة العبادي، يقول إن دور الأيتام تستقبل الأيتام من الذين فقدوا أبويهم أو أحدهما ولا قدرة للآخر على تحمل مصاريف معيشته، فضلا عن الأطفال من الأُسَر المفككة وأطفال السجناء والمطلقات وكريمي النسب.فيما تعد العاصمة بغداد أكثر المحافظات العراقية التي تشهد انتهاكات في دور الأيتام الحكومية.
اهمال وغياب اهتمام حكومي
وعن اعداد الايتام يفتقر العراق إلى أعداد رسمية مبنية على دراسة حقيقية وتفاصيل من قبل المؤسسات المعنية، ولكن توجد بيانات تصدر وفق مسح بدائي، وهناك إحصائيات صادرة من وزارة التخطيط تتحدث عما يقارب 700 ألف إلى مليون يتيم في البلاد بحسب ماصرح به عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق الدكتور علي البياتي.
البياتي قال في تصريح صحفي في وقت سابق أن غياب الأرقام الرسمية الدقيقة عن عدد الأيتام في العراق دليل على عدم وجود اهتمام بهم وعدم إعطائهم أولوية من المؤسسات العراقية رغم وجود ما يقارب 22 دار أيتام في البلاد تابعة لوزارة العمل، ولكن الموجودين فيها لا يتجاوزون 100 يتيم، أما بقية الجهود فهي تحسب لمنظمات المجتمع المدني.
دعوات لتعديل قانون الايتام
الى ذلك دعا مشرعون ومسؤولون الى تعديل قانون رعاية الأيتام وحمايتهم من التشرد ،فيما شددوا على أهمية إعادة النظر ببعض مواد القانون.
وفي السياق قالت عضو اللجنة القانونية النائبة بسمة محمد بسيم في تصريح صحفي : إن” لجنة رعاية الشؤون الاجتماعية واجهت مشكلة بخصوص الأيتام الذين يبلغ أعمارهم السن القانونية الثامنة عشرة”،لافتة الى أنه “لم يكن هنالك إجراء عادل بسبب هذه الفقرة القانونية التي تنص على مغادرة اليتيم دار الإيواء بعد تجاوزه السن القانونية, مشددة على ضرورة إيجاد عمل للأيتام بعد تجاوزهم السن الثامنة عشرة أو عقود أو أجور يومية أو العمل كمتطوع مجاني لخدمة كبار السن والدور الأخرى مقابل السكن والمأكل”، داعية الى “ضرورة العمل على تشريع قانوني وتدخل برلماني لتغيير هذه الفقرة التي تضر بالأيتام “.
مستقبل خطير ومهلك
من جانبهم أكد باحثون نفسيون واجتماعيون, أن مسارات خطيرة ومهلكة تنتظر اليتيم إذا لم يحظ بالاهتمام المناسب سواء على المستوى الاجتماعي أو الصحي أو الاقتصادي أو التربوي وغير ذلك, مشددين على ضرورة تقديم الدعم النفسي والمساندة الاجتماعية لليتيم ومتابعته حتى لا يتجه نحو أصدقاء السوء وينحرف إلى سلوكات سلبية وضارّة من قبيل التدخين أو حتى تعاطي المخدرات أو السرقة والجريمة والإرهاب وغيرها.
تحذيرات من استغلال الايتام لاغراض شخصية
ناشطون في منظمات المجتمع المدني وفي مجال حقوق الانسان ,حذروا في وقت سابق من قيام بعض الجهات باستخدام الأيتام لوسائل إعلامية وعروض لأغراض شخصية لاستدرار تعاطف الناس وكسب مبالغ طائلة باسمهم مقابل مساعدتهم، لكن ما يحصلون عليه أقل من القليل المتعارف عليه.
دور المنظمات
وتحاول بعض منظمات المجتمع المدني احتواء شريحة الأيتام وسط قلة الدور الحكومي التي تحتويهم بلا إيواء
بدوره، وفي السياق يقول سفير الاتحاد الدولي للدفاع عن حقوق الطفل في العراق، حيدر آل دهش، إن العراق يضم فقط 22 دارا خاصة لرعاية الأيتام، رغم أن نسبة أيتام العراق قد تبلغ 5% من الأيتام على مستوى العالم وفقا لإحصائيات خاصة باليوينيسيف.
مبادرات انسانية
وفي مبادرة انسانية أعلن الناشط في مجال حقوق الإنسان هشام الذهبي اخيرا عن قرب افتتاح أول منزل، من نوعه، خاص بالأطفال في العراق.
وقال الذهبي في تدوينة تابعها المسرى (15 شباط 2022)، “الحلم يتحقق.. ترقبوا الافتتاح الكبير لأول بيت ملك لكل أطفال العراق والذي ساهم فيه الجميع من زاخو الى الفاو,موضحا أن “المنزل يتسع لـ 120 إلى 150 طفلاً، ونتوقع دخول نحو ألف شخص له سنوياً”، مبيناً “المنزل سيكون عبارة عن مركز للتأهيل النفسي والصحي حيث سيحتوي على مركز استشاري نفسي، وصحي، وصف إلكتروني تفاعلي متكامل، وصف ورقي، ويعتبر مشروعاً لتهيئة الأطفال على الإلكترونيات”.