المسرى :
تقرير : وفاء غانم
منذ عام 2003 لازال العراق يواجه أزمات اقتصادية عسيرة ، الأمر الذي أدى إلى ان يهوي اقتصاده إلى المستويات الدنياعالميا , بدءا من التقلبات بأسعار النفط وصولا إلى التوترات السياسية والامنية, فضلا عن الاضطرابات الاجتماعية التي تتمثل في ضعف الخدمات العامة, وفق ماتظهرته تقارير دولية ومحلية , والتي تشير ايضا الى عدم إحراز اي تقدم في مكافحة الفساد المستشري، الذي أفرز الفقر والبطالة لمعظم أبناء الشعب.
ويشكل الريع النفطي، المصدر الأساسي لاقتصاد البلاد، نحو ثلثي ناتج الدخل القومي، و95 في المائة من الموازنة السنوية ,حيث يمثل النفط 65% من الناتج المحلي الإجمالي، و95% من إجمالي الصادرات، فيما يشكل 90% من الإيرادات الحكومية.
وغالبا ما تواجه الموازنات السنوية عجزا لا يمكن تلافيه دون الديون الخارجية، وتواجه البلاد نظاماجديدا غير مسبوق في تاريخ العراق الحديث، من نهب وسرقات مفضوحة دون محاسبة، فضلا عن اهمال المنشآت الصناعية والبنى التحتية لقطاع الكهرباء والنفط، في ظل غياب المشاريع التنموية، وازدياد أعداد المهاجرين والنازحين إلى عدة ملايين، جنباً إلى جنب زيادة معدلات الفقر والأمية.وفق مراقبين
اسوأ اداء اقتصادي
تقرير لمعهد التمويل الدولي اظهر أن اقتصاد العراق في 2020 شكل أسوأ أداء اقتصادي للبلاد منذ2003 حيث بلغت 11.2%. فيما تشير معلومات “ذي إيكونوميست إنتيلجنس يونت” إلى أن ناتج الدخل القومي قد تقلص 11.2 في المائة في عام 2020, وسط توقعات لعام 2021 على انخفاض إضافي بحدود 1.3 في المائة، مما جعل العراق ,من أكثر الدول المتضررة اقتصادياً في العالم.
وتوقع معهد التمويل نموا بنسبة 3.1% في عام 2022، بدعم تحسن صادرات النفط وانتعاش الاستثمار العام الذي انخفض بأكثر من 50% في 2020 .
نظرة تفائلية للمستقبل الاقتصادي
ومع التحول الإيجابي الاخير في اتجاهات أسواق النفط العالمية، يتوقع أن تتحسن الآفاق المستقبلية للعراق, وفق اخر اصدار للمرصد الاقتصادي للعراق لربيع 2021 بعنوان “التقاط الفرصة للإصلاح وإدارة التقلبات” حيث يتوقع أن يتعافى الاقتصاد العراقي تدريجيا على خلفية ارتفاع أسعار النفط وارتفاع حصص إنتاج مجموعة (أوبك+)، مع توقع النمو في الناتج المحلي الإجمالي تدريجياً بنسبة 1.9% في 2021 و6.3% في المتوسط في عامي 2022-2023.
تحسن حذر
ووجد التقرير أن هذا التحسن الحذر في التوقعات يخفي مخاطر كبيرة يمكن أن تتحقق في أي وقت, ومن شأن الاعتماد على النفط في تحقيق النمو والصادرات والإيرادات إلى جانب تزايد أوجه الجمود في الموازنة، أن يهدد استقرار الاقتصاد الكلي مع دورات الانخفاض في أسعار النفط والإخفاق في تنفيذ الإصلاحات المالية الهيكلية.
ابرزاسباب الاخفاق في التجربة الاقتصادية
وعزا مراقبون إخفاق التجربة الاقتصادية والواقع الاقتصادي الهش خلال العقدين الماضيين إلى استشراء الفساد، وتحكم بعض الجهات والاحزاب المتنفذه بمقدرات البلاد الغنية , اضافة الى انعدام الاستقرارالسياسي، والاضطرابات الاجتماعية المتصاعدة، والفجوة العميقة ما بين الدولة والمواطن. يضاف إليها تراكم تأثيرات السياسات الاقتصادية الضعيفة، وغياب الإصلاحات، والعجز عن معالجة الفساد.
ويرى خبراء اقتصاديون ان لإدارة هذه المخاطر وتجنب تكرار الأداء الاقتصادي السابق، فإن العراق لديه طريق للمضي قدماً ألا وهو طريق الإصلاحات التي حددتها الحكومة العراقية فيما يعرف بـ”الورقة البيضاء”. ويشير المرصد الاقتصادي إلى أن تجربة العراق قد أظهرت مرة بعد الأخرى وجود علاقة عكسية بين أسعار النفط وتوجهات الإصلاح, فالحكومات المتعاقبة كانت تشرّع الإصلاحات تحت وطأة ضغوط انخفاض أسعار النفط وتواصل التصورات الشعبية حيال تفشي الفساد وسوء تقديم الخدمات العامة. وأدى مثل هذا الاقتران الى ظهور توترات اجتماعية وسياسية قوّضت نجاح العديد من معظم مبادرات الإصلاح.
وكان صندوق النقد الدولي، قد ذكر في وقت سابق أن عجلة الانتعاش الاقتصادي في العراق لا تزال تسير بوتيرة بطيئة، ومشروعات إعادة الإعمار محدودة جداً، فيما يعزز الإنفاق الجاري الكبير المخاطر التي تحدق بالاقتصاد العراقي، مما يضع الأموال العامة واحتياطيات البنك المركزي على مسار لا يمكن دعم استمراريته.
ودعا الصندوق الحكومة العراقية إلى إيجاد خطة قوية لإعادة هيكلة مصارف القطاع العام الكبيرة الحجم، وما يقترن بذلك من تعزيز الرقابة على المصارف، والذي قال إنه أصبح ضرورة لتأمين الاستقرار المالي، كما دعا إلى تعزيز التطوير والشمول المالي، ووضع ضوابط أقوى لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز عمليات الإشراف، مما يساعد العراق على منع إساءة استعمال القطاع المالي بالبلاد لأغراض جني العوائد الإجرامية المتأتية من غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.