المسرى.. تقرير: فؤاد عبد الله
يتواصل احتجاج المواطنين تنديداً بارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرة بعضها في الأسواق في بلد كالعراق الذي يعتبر من البلدان الغنية بالنفط، في وقت أصدر مجلس الوزراء جملة من القرارات في آخر جلسه له للحد من ارتفاعها أكثر، وتخفيف وطأة تأثيرها على المواطنين والسوق المحلية .
حزمة معالجات
الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور قصي صفوان يقول لـ( المسرى) إن “الحكومة تحاول حالياً إطلاق حزمة من المعالجات لتقليل آثار ارتفاع الأسعار على الطبقات ذات الدخل المحدود وكذلك دعم الانتاج المحلي الزراعي بصيغ إعادة النظر في سعر شراء الحنطة، لكي تكون بمستوى السعر العالمي، إلى جانب فتح نافذة التمويل لشراء المستلزمات والمكائن الزراعية من خلال قروض ميسرة وبفائدة صفرية وعمولة محددة”، مشيراً إلى أن “هذه الخطوة تعمل على معالجة الكثير من الأمور، وأيضاً معالجة مفردات البطاقة التموينية وزيادة كمياتها وتوزيعها على المواطنين بانتظام، كلها معاً ستساهم في الحد من تلاعب التجار بالأسعار”.
خزين استراتيجي
وبين صفوان أنه “يجب على الحكومة أن تكون قادرة على إجبار وزارة التجارة على تجميع خزين استراتيجي من المواد الغذائية، يساهم في كسر الأسعار عندما يحاول التجار التلاعب والمضاربة بالأسعار”، لافتاً إلى أن “زيادة الاستثمار الزراعي وخاصة في إقليم كوردستان، على اعتبار أن الإقليم بإمكانه أن يكون السلة الغذائية للعراق، وتصديرالفائض منه إلى دول الخليج، وبالتالي ستساهم تلك الخطوة بالسيطرة على الأسعار، لذلك البلاد تحتاج إلى إقامة علاقة شراكة طويلة الأجل لخطة زراعية محكمة مع إقليم كوردستان، لكي نوفر الأمن الغذائي من الداخل، وايضاً إبرام عقود طويلة الأجل مع مناشيء رصينة من مختلف دول العالم لاستيراد المواد التي لا يستطيع العراق انتاجها”.
تضخم كبير
أما أستاذ الاقتصاد بجامعة البصرة الأستاذ الدكتور نبيل المرسومي فيقول لـ( المسرى) إن “هناك ارتفاع كبير في مستوى التضخم وأسعار السلع الأساسية في السوق العراقي، وخاصة مع قرب شهر رمضان، وهذا الأمر مرتبط بعدة أسباب، منها تخفيض سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار، إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط التي أدت إلى ارتفاع تكاليف الانتاج والسلع المستوردة، وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية التي رفعت من أسعار المواد الغذائية في العالم وتحديداً القمح”، مضيفاً أن “المتضرر الوحيد من هذا الارتفاع في الأسعار، هم الشرائح الهشة والفقيرة التي حجمها في العراق كبير جداً ويمثلون ثلث الشعب أي ما يعادل 31% يعيشون تحت خط الفقر المتعدد الأبعاد”.
اجراء غير صحيح
وأكد المرسومي أن “منحة الـ 100 ألف دينار التي أعلنت عنها الحكومة العراقية لشرائح معينة من المجتمع، هي لشهر واحد فقط، وبالتالي ليست إجراء صحيحاً ومناسباً، لأنها لا تؤدي إلى مواجهة فعالة لأزمة الغلاء التي عانى منها الفقراء والتقليل منها”، منوهاً إلى أن ” الإجراءات التي كان يجب أن تتخذها الحكومة للحد من ارتفاع الاسعار او التقليل منها، ولو أنها تنطوي على آثار جانبية سلبية، منها على سبيل المثال، تعويض الغلاء، أي التعويض المادي وليس عن طريق منحة لمرة واحدة، حيث تقوم الحكومة بدعم الشرائح الهشة للمجتمع من خلال رفع مستوى الحد الأدنى لرواتب صغارالموظفين والمتقاعدين ودعم البطاقة التموينية وتوسيع قاعدة شبكة الحماية الاجتماعية وزيادة رواتبهم، وكذلك على الحكومة إعفاء السلع الغذائية المستوردة من الرسوم الجمركية، وإعفاء مدخلات الانتاج المستخدمة في انتاج السلع الغذائية المحلية”.
محاسبة المتلاعبين
وفي وقت سابق وجه مجلس القضاء الاعلى، بالتنسيق مع الجهات الامنية المختصة، لاتخاذ الاجراءات القانونية بحق المتلاعبين بأسعار السلع الغذائية ومعالجة ظاهرة احتكار البضائع ومحاسبة المتلاعبين بقوت المواطنين بالتزامن مع حلول شهر رمضان.