المسرى :
تقرير : هناء رياض
قد لايمكن لنا ان نتصور ان نوعاً من البلاستك الشفاف الذي يستخدم على نطاق واسع في تعبئة المياه والاطعمة والمشروبات الغازية هو جزء من مكونات الدم لعينة كبيرة من البشر !!
فقد قام علماء هولنديون مؤخراً بأجراء دراسة تضمنت 22 متطوعاً بالغاً سليماً لتحليل دمهم بغية العثور على المكونات الخفية لدم الانسان , وكانت الصدمة ان 17 شخص من بين ال22 متطوع لديهم جزيئات بلاستيكية دقيقة في دمائهم – وهو اكتشاف وُصف بأنه “مقلق للغاية”.
ووجد الباحثون أن 50% من عينات الدم تحتوي على البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET). وكان هذا أكثر أنواع البلاستيك انتشارا في العينات.
الاكتشاف هو اول مؤشر علمي على وجود جزيئات بوليمر في الدم
وسبق ان عثرت دراسات ماضية على اللدائن الدقيقة في المخ والأمعاء ومشيمة الأطفال الذين لم يولدوا بعد وبراز البالغين والرضع، ولكن لم يحدث ذلك من قبل من عينات الدم.
وقال معد الدراسة البروفيسور ديك فيتاك، في جامعة فريجي بأمستردام في هولندا، لصحيفة الغارديان: “دراستنا هي أول مؤشر على وجود جزيئات بوليمر في دمائنا – إنها نتيجة مذهلة. ولكن علينا توسيع نطاق البحث وزيادة أحجام العينات، وعدد البوليمرات التي تم تقييمها، وما إلى ذلك”.
دم الانسان يحتوي على العديد من المعادن بما فيها الذهب
ويحتوي جسم الانسان على 5 لتر من الدم حيث يشكل الدم حوالى 7 إلى 8 في المائة من إجمالي وزن الجسم.
كما انه يحتوي على ذرات المعادن بما في ذلك الحديد والكروم والمنجنيز والزنك والرصاص والنحاس، ولكن قد تندهش أيضاً إذا عرفت أن الدم يحتوي على كميات صغيرة من الذهب، حيث يحتوي جسم الإنسان على حوالي 0.2 ملليجرام من الذهب توجد في الغالب في الدم.
ويعود اللون الاحمر لدم الانسان لأحتوائه على بسبب بروتين يسمى الهيموجلوبين يوجد في خلايا الدم الحمراء، وفى حين أن لون الدم المميز هو الأحمر إلا إن هناك ألوان أخرى للدم ، فإن الكائنات الحية الأخرى لديها دماء ذات ألوان مختلفة، حيث تحتوي القشريات والعناكب والأخطبوط وبعض المفصليات على دم أزرق، كما أن بعض أنواع الديدان لها دم أخضر أوبنفسجي. والحشرات ، بما في ذلك الخنافس والفراشات، لديها دم عديم اللون أو شاحب اللون
اما المكونات الاساس لدم الانسان فهي اربعة مكونات تشكل البلازما 55% من الدم ، و 40 % من خلايا الدم الحمراء ، و 4% من الصفائح الدموية ، و 1 % من خلايا الدم البيضاء.
قد يحتوي دمك على كل انواع البلاستك
واختُبرت الدراسة، التي نُشرت في مجلة البيئة الدولية، لخمسة أنواع من البلاستيك – وهي بولي ميثيل ميثاكريلات (PMMA)، والبولي بروبيلين (PP)، والبوليسترين (PS)، والبولي إيثيلين (PE)، والبولي إيثيلين تيريفثالات (PET).
وفي الوقت نفسه، احتوى ما يزيد قليلا عن الثلث (36%) على البوليسترين، المستخدم في التعبئة والتغليف والتخزين، بينما احتوى ما يقرب من ربع (23%) على البولي إيثيلين، الذي تُصنع منه أكياس بلاستيكية.
ويوجد لدى شخص واحد فقط (5%) بولي ميثيل ميثاكريلات، ولا عينات دم بها بولي بروبيلين. والمثير للقلق، وجد الباحثون ما يصل إلى ثلاثة أنواع مختلفة من البلاستيك في عينة دم واحدة.
وقد تكون الاختلافات بين من كان لديهم جزيئات بلاستيكية في دمائهم والذين لم يكن لديهم، بسبب التعرض للبلاستيك قبل أخذ عينات الدم مباشرة.
لذلك، على سبيل المثال، قد يكون أحد المتطوعين الذين ثبتت إصابتهم باللدائن الدقيقة في دمهم شرب مؤخرا من فنجان قهوة مبطن بالبلاستيك. والآثار الصحية لتناول الجسيمات البلاستيكية غير واضحة حاليا، على الرغم من أن دراسة أجريت العام الماضي زعمت أنها يمكن أن تسبب موت الخلايا وردود الفعل التحسسية لدى البشر.
اللدائن قد تكون سبباً للعديد من الامراض
ووفقا لدراسة أخرى عام 2021، يمكن أن تسبب اللدائن الدقيقة التهابا معويا واضطرابات ميكروبيوم الأمعاء ومشاكل أخرى في الحيوانات غير البشرية، وقد تسبب مرض التهاب الأمعاء لدى البشر.
ووجدت دراسة أخرى نُشرت العام الماضي أن اللدائن الدقيقة يمكن أن تشوه أغشية الخلايا البشرية وتؤثر على عملها.
وشدد البروفيسور فيثاك على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث حول ضررها المحتمل.
والسؤال الكبير هو ماذا يحدث في أجسادنا بوجود البلاستك ؟.
يبحث الدارسون اليوم عن اجابات مهمة حول ماذا تفعل تلك الجزيئات من اللدائن في اجسامنا , فهل الجزيئات تبقى محتجزة في الجسم؟ هل يتم نقلها إلى أعضاء معينة، مثل تجاوز الحاجز الدموي الدماغي؟، وهل هذه المستويات عالية بما يكفي لتحفيز المرض؟.
وتبقى تلك الاسئلة وفق الدارسين بحاجة ماسة إلى التمويل للمزيد من الأبحاث حتى يتم التمكن من معرفة ذلك.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة Common Seas، جو رويل: “هذه النتيجة مقلقة للغاية. نحن بالفعل نأكل ونشرب ونستنشق البلاستيك. إنه في أعمق خندق بحري وعلى قمة جبل إيفرست. ومع ذلك، من المقرر أن يتضاعف إنتاج البلاستيك بحلول عام 2040”.
وقال الدكتور فاي كوسيرو، باحث أول في جامعة بورتسموث، إن المحاولات السابقة لقياس اللدائن الدقيقة في الدم من المحتمل أن تلوث العينات من خلال البلاستيك في الهواء أو من المعدات.
وأوضح: “الورقة هي في الواقع منهجية لإظهار أنه من الممكن تحديد البلاستيك في الدم، وكيفية القيام بذلك”.
وألقى هذا البحث نظرة جادة على هذه المشكلة وتناولها بعدة طرق، من خلال أخذ عدد كبير من العينات الفارغة وتضمين بيانات الاسترداد. أما القيود المفروضة فهي أنها مجرد عينة من 22 شخصا ولا توجد بيانات حول مستويات التعرض التي قد يكون لدى هؤلاء الأفراد.
ووصفتها الدكتورة أليس هورتون، الخبيرة في الملوثات في المركز الوطني لعلوم المحيطات والتي لم تشارك أيضا في الدراسة، بأنها “دراسة جديدة للغاية”.
وقالت هورتون: “على الرغم من انخفاض أعداد العينات والتركيزات المنخفضة التي تم اكتشافها، إلا أن الطرق التحليلية المستخدمة قوية للغاية، وبالتالي فإن هذه البيانات تشير بشكل لا لبس فيه إلى وجود جزيئات بلاستيكية و/أو نانو في عينات الدم”.
وومن المعروف أيضا أن اللدائن الدقيقة تتسلل إلى الطعام الذي نتناوله (بما في ذلك المأكولات البحرية الطازجة) ومصادر المياه والهواء وحتى في الثلج على جبل إفرست.
وتشير التقديرات إلى أنه منذ الخمسينيات من القرن الماضي، تم إغراق أكثر من 70 مليون طن من اللدائن الدقيقة في المحيطات بسبب عمليات التصنيع الصناعية.