المسرى :
تقرير : وفاء غانم
محمدجاسم (42 عاما) , وهومن سكنة الموصل الاصليين , يعيش في بلد اخر, يقول محمد الذي عاد الى مدينته الاصلية بعد غياب طويل بزيارة لعدة ايام “لا اشعر بالسعادة وانا في مدينتي, ولا استطيع العيش بصورة طبيعية كما كنت سابقا ، فانا اسكن الان في إقليم كوردستان وهو اكثر أمنا مقارنة بمناطق العراق الأخرى، مضيفا في حديثه للمسرى, “لقد دمروا مدينتي ولم تعد تتوفر إمكانية لحياة طبيعية للبشر فيها, رغم التطور الطفيف الذي حصل في المدينة اخيرا الا ان مظاهر الحرب والخوف الذي زرعه داعش داخل هواجسنا لازالت حاضرة وبقوة, فأصوات الصواريخ والمدافع الحربية فضلا عن الاشلاء التي كانت تتطاير عللى منزلنا لازالت راسخة في مخيلتي وجمجمتي لا استطيع ان انساها ابدا”.
وفي جوابه عن سؤال للمسرى عن عودته الى دياره مستقبلا, قال محمد قائلا ” قطعا لااريد العودة هناك , وانا مثال على كثير من اهالي المدينة الاصليين الذين خرجوا منها ولايريدون العودة اليها .
هل مازالت الموصل تحافظ على الفيسفساء
و تعد الموصل واحدة من المدن العراقية التي تتميز بتركيبة سكانية متعددة الأعراق والأديان والطوائف, حيث تمثل منذ القدم حاضنة لمكونات دينية ومذهبية وعرقية مختلفة، ونموذجا للتعايش السلمي بين مكوناته ,حيث اندمجت فيه الثقافات والعادات الاجتماعية والمشاركات السياسية والتربوية وحتى الدينية لمكونات عرقية أصيلة عبر آلاف السنين. وبعد اجتياح داعش للمدينة , الذي حاول طمس هويتها و تخريب وتفكيك هذه الفسيفساء الجميلة والقضاء عليها, والذي تسبب نوعا ما بخلل فيها, نظرا لهجرة اهلها الاصليين المدينة والتوجه الى اماكن اخرى للعيش هروبا من الاضطهاد الذي كانوا يعيشونه انذاك .
زينب : مخيمات النزوح والبعض الاخر لجأوا الى بلدان ومدن اخرى للعيش فيها
وتقول الاستاذه الجامعية زينب جاسم للمسرى ” شهدت مدينة الموصل خللا في مكوناتها بعدسيطرة داعش عليها , حيث هجرها اهلها الاصليين ومن جميع المكونات والاديان التي كانت تعيش في هذه المدينة بشكل اخوي من العرب والكورد والسميحيين والايزيديين والصايئة ومكونات اخرى ,فلبعض منهم لجأوا الى مخيمات النزوح والبعض الاخر لجأوا الى بلدان ومدن اخرى للعيش فيها ,على الرغم من تكرار الدعوات لعودة المهجرين من اهالى نينوى وخاصوصا الموصل إلى اماكنهم الاصلية من قبل الجهات المعنية ، الاإن جزءاً كبيراً منهم استقر إما في إقليم كردستان، أو غادر البلاد مباشرةً بعد أحداث عام 2014 ولم يعد..
واضافت زينب في حديثها للمسرى ” هجرة اهالي المدينة الى الخارج ادى الى لجوء سكنة القرى والنواحي المحيطة بلمدينة الى مركزها , تاركين خلفهم اراضيهم وممتلكاتهم , الامر الذي ادى الى ارتفاع اسعار العقارات والايجارت في المدينة , فضلا عن ان ذلك كان له اثر سلبي على الواقع الزراعي .
ووفق تقارير ومصادر تاريخية فأن أن سهل نينوى (تلكيف، الحمدانية، بعشيقة) من بين أكثر المناطق تنوعاً في العراق، حيث يعيش فيها طيف واسع من المسيحيين والإيزيديين والشبك والكاكائين إلى جانب أقلية عربية مسلمة.
كانت الأقليات السكانية في سهل نينوى، خصوصاً الإيزيدية منها، تعرضت إلى اضطهاد واسع على يد تنظيم «داعش» الإرهابي الذي قتل وسبى الكثير من رجالها ونسائها عام 2014، وقد غادر معظم من تمكن من السكان إلى إقليم كردستان أو خارج البلاد..
ولعل ما يعمق مشاعر الإحباط لدى أبناء الأقليات العرقية والدينية في سهل نينوى، هو أن الدولة العراقية ما زالت غير قادرة على حمايتهم، أو القيام بأي تحرك يقلل من شعورهم بالخوف والتهديد، وفي هذا الاتجاه يقول النائب الإيزيدي السابق صائب خدر، إن «مناطق الأقليات في سهل نينوى وسنجار تعد الأخ غير الشقيق لمحافظة نينوى من ناحية تعامل إدارة المحافظة معها، لكونها تتجاهل مشكلات هذه المناطق الأمنية والخدمية.وفق مصادر اعلامية .
ويعيش المسيحيون والتركمان والأيزيديون والشبك والصابئة المندائيون والبهائيون والكاكاي والأكراد الفيليون في العراق منذ زمن طويل، بعضهم منذ قرون وآخرون منذ آلاف السنين
ويعيش العديد من هؤلاء في محافظة نينوى الغنية بالتنوع الثقافي.
وبلنسبة للمكون المسيحي فلم يعود سوى 60 عائلة مسيحية الى مناطقها الاصلية ، منذ تحريرها وحتى اليوم، وذلك بحسب ما كشفه مسؤول كنائس السريان الكاثوليك في الموصل، رائد عادل. بدوره، قال الباحث السياسي، علي البيدر إن “مسيحيي الموصل ونينوى يعيشون اليوم أوضاعاً مأساوية بعد ما حصل لهم نتيجة هيمنة تنظيم داعش على المدينة وسط غياب الاهتمام الحكومي.
وكان رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، أكد في وقت سابق، أن “المسيحيين العراقيين، مكون أساس وذو مكانة مهمة في تاريخ العراق
رجل الدين المسيحي خوري قيران وهو من سهل نينوى يؤكد أنه، رغم أن زيارة البابا أعطت أملاً، فان نزيف الهجرة ما يزال يجري، فالوضع في سهل نينوى ما يزال غير مستقر، ولا يطيقه المواطنون المسيحيون، لهذا نحن نشهد حالات هجرة مستمرة.
مبيناً في حديثه للمسرى أن “العراق بلد يسع الجميع، ولكن المشكلة تكمن في أن بعض الجهات المتطرفة لا تريد توحيد الصفوف لبناء جسر لمستقبل جديد للجيل القادم”.
وأضاف أن “الاهتمام الحكومي بأوضاع المسيحيين مايزال محدود جداً، وتوقعنا أن تكون زيارة البابا خطوة نحو لفت الأنظار، وزيادة مستوى الاهتمام والخدمات، وتعويض المتضررين من العمليات الإرهابية، لكن هذا الأمر لم يحدث”.
التعايش السلمي هو أكذوبة ومحاولة لتجميل صورة البلد
النائب السابق في البرلمان العراقي جوزيف صليوا اشار في تصريح للمسرى إلى أن “أوضاع المسيحيين لا تزال سيئة بشكل كبير، حيث لايزال سلب أراضيهم ,مؤكداً أن “مايسمى التعايش السلمي هو أكذوبة ومحاولة لتجميل صورة البلد، فحياة الشعب العراقي جميعا والمكون المسيحي ماتزال خطرة. “.
40 بالمئة من المسيحيين عادوا من الإقليم إلى سهل نينوى
الى ذلك قالت مفوضية حقوق الإنسان العراقية ، إن 250 ألف مسيحي فقط لا يزالون في البلاد من أصل مليون ونصف كانوا متواجدين قبل عام 2003.
وقال عضو المفوضية علي البياتي في بيان إن “عدد المسيحيين في العراق قبل العام 2003 كان مليونا ونصف المليون نسمة، لكن هذا العدد تراجع، حاليا، إلى 250 ألفا، أغلبهم في إقليم كردستان.
وأضاف أن “40 بالمئة من المسيحيين عادوا من الإقليم إلى سهل نينوى بعد تحرير مناطقهم من تنظيم داعش، بالإضافة إلى وجود 80 عائلة فقط في مركز مدينة الموصل..