المسرى
تقرير : هناء رياض
انهيار الواقع التعليمي في العراق ليس وليد الصدفة , وما حدث ويحدث من خروقات داخل القاعات الدراسية او في أروقة المدارس التربوية لم يعد بالشيء الجديد على مسامع العراقيين , فذاكرة مواقع التواصل العراقية حافلة بشتى انواع العنف المدرسي ومن الجانبين الكادرالتدريسي والطلاب عوضاً ان هناك حالات عنف كثيرة يكون بطلها ذوي أحد الطلبة والذين يلجأون غالباً للتهديد والترويع بالسلاح وقوة العشيرة ..
غير ان حمل سلاح الكلاشنكوف من قبل طالب بعمر الثلاثة عشر عاماً واطلاق النار بالقرب من قاعة دراسية ثم التوجه لسيارة الاستاذ واصابتها بأطلاقات نارية بغاية التنفيس عن الغضب والانزعاج وعدم الرضى فهذه سابقة خطيرة تشكل انعطافاً كبيراً في تجاوز كل الخطوط وتضع ذوي الشأن على المحك من ضرورة التصرف السريع والعاجل ..
تفاصيل الحادثة في ذي قار
وعن تفاصيل الحادثة التي جرت وقائعها في محافظة ذي قار يوم الاثنين الماضي , فيذكر شهود عيان بأن أحد طلاب الصف الثاني متوسط في ثانوية العزة بقضاء قلعة سكر (100 كم شمال الناصرية) اقتحم بناية المدرسة وفتح النار من بندقية كلاشنكوف على مدرس مادة الرياضيات (س.ع) اثناء الدرس وامام طلابه”. وأضافوا، أن “الجاني لم يكتف بذلك بل قام بإطلاق النار على مركبة المدرس التي كانت مركونة امام المدرسة واصابها بأضرار”.
واشار الشهود، الى ان “الاعتداء جاء بعد ان وجه المدرس بإرسال الطالب الى ادارة المدرسة كونه لم يؤد واجباته المدرسية”.
وادانت نقابة المعلمين في المحافظة هذا المشهد الارهابي وجاء في بيان النقابة انه “نستنكر وبشدة الاعتداء الذي حصل على مدرسي وطلاب ثانوية العزة في قلعة سكر”، مضيفة انه “اذ قام أحد طلبة الصف الثاني المتوسط بإطلاق النار مستهدفاً أحد المدرسين داخل الصف مما عرض حياة جميع كادر المدرسة للخطر” وتابع البيان، أن “الشخص أوغل بالاعتداء على سيارة المدرس بإطلاقات نارية”.
وشددت نقابة المعلمين على ان “هذا الحادث يمثل منحى خطيراً في سلسلة الاعتداءات المتكررة مما يستوجب الوقوف بكل حزم وقوة للحد من هذا الانحدار الإرهابي غير المسبوق الذي أرعب كل من في المدرسة”، مطالبة “الجهات المسؤولة والسلطات الأمنية في المحافظة بحماية المدارس وإيلاء الموضوع الاهتمام البالغ”.
ودعا البيان السلطة القضائية إلى “تصنيف مثل هذه الاعتداءات بحسب قانون مكافحة الإرهاب”، وناشد “الجميع للحيلولة دون وقوع مثل هذه الحوادث كونها بعيدة عن القيم الإسلامية والتقاليد العربية الأصيلة” على حد قول النقابة.
كاشفة عن ارتفاع مقلق في مظاهر استهداف الملاكات والمؤسسات التعليمية اذ بلغت اكثر من 60 حالة مسجلة خلال النصف الاول من العام الدراسي الحالي، فيما تعالت الدعوات لشمول المدارس بالحماية التي توفرها شرطة حماية المنشآت للمؤسسات الحكومية.
أرقام مقلقة
و قال نائب نقيب المعلمين في المحافظة حسن علي السعيدي ان “الاعتداءات والتجاوزات على المدارس وهيئاتها التعليمية تفاقمت خلال النصف الاول من العام الدراسي الحالي وسجلت رقما قياسيا اذ تم تسجيل أكثر من 60 حالة اعتداء وتجاوز 30 منها يجري التحقيق فيها من قبل القضاء والمحاكم المختصة و30 اخرى قيد التحقيق في الاشراف التربوي”، واضاف “فيما هناك أكثر بكثير من هذه الاعتداءات يجري حلها سلميا بتدخل الخيرين من ابناء المنطقة والهيئات التعليمية”.
موضحاً انه خلال الايام الاربعة الاولى من الفصل الدراسي الثاني سجلنا أربع اعتداءات من بينها اعتداءات على المعلمين وحرق ادارات مدارس بالتزامن مع توزيع نتائج الفصل الدراسي الاول”، مبينا ان “الاعتداءات كانت في السابق فردية وتحدث في اوقات متباعدة الا انها تحولت الى اعتداءات فردية وجماعية متكررة”. مبينا ان “السنوات السابقة كانت تشهد تسجيل ما بين 10 الى 12 اعتداء سنويا اما الان فقد ارتفعت معدلاتها الى خمسة اضعاف خلال النصف الاول من العام الدراسي الحالي”، مبينا ان “حالات الاعتداء باتت تشترك فيها مجاميع ومناطق او افراد متهورين من ابناء عشائر”. وأرجع السعدي، اسباب ارتفاع معدلات الاعتداء على الهيئات التعليمية الى “طول فترة تعطيل الدوام الحضوري في المدارس لمدة سنتين بسبب جائحة كورونا”، مبينا ان “الانقطاع عن الدوام يجعل الطالب ينقل الكثير من الامراض والسلوكيات الاجتماعية غير المقبولة الى المدرسة ولاسيما في بدايات الدوام اذ يتسبب ذلك بإرباك عام”.
أسباب انتشار العنف داخل المؤسسات التربوية
وفي ندوة للعنف المدرسي عقدت بتاريخ (29 آذار 2022) كشف المشاركون في عن تعرض المؤسسات التعليمية لعنف مزدوج من داخل المؤسسات التعليمية وعنف آخر مجتمعي من خارجها يتمثل باستهداف الملاكات التعليمية وحرق بعض ادارات المدارس، داعين الى تفعيل قانون حماية المعلم ودور المرشد التربوي والحد من التدخلات العشائرية والمجتمعية التي باتت توفر الحماية لأولياء الامور والطلبة المشاكسين الذين يتجاوزون على المعلم وادارات المدارس.
ورأى مستشار محافظ ذي قار لشؤون المواطنين حيدر سعدي ان “العنف الحاصل في المدارس يتمثل بعدة اصناف منها النفسي والبدني والمعنوي وهو يأتي من داخل المؤسسة التعليمية ومن خارجها”.
واوضح سعدي ان “العنف الاخطر هو العنف المتأتي من خارج المؤسسات التعليمية والمتمثل بحالات الاستقواء والتنمر ومظاهر العنف التي تستهدف الملاكات والادارات المدرسية”.
وزاد، أن “أسباب العنف عديدة منها ضعف سلطة القانون والتدخلات العشائرية والمجتمعية غير القانونية في تسوية حالات العنف من خلال الضغط على الضحية وارغامه على التنازل عن الجاني”.
ونوه، إلى أن هذه التدخلات السلبية اسهمت الى حد كبير في استفحال العنف ضد المؤسسات التعليمية واخذت تؤثر حتى على سير الاجراءات القضائية وبالتالي تحمي الجاني من العقاب الذي يستحقه”. وشدد سعدي على “ضرورة تفعيل القوانين والتشريعات والحد من التدخلات في سير عمل المؤسسات التعليمية”، داعيا الى “استحداث قوة خاصة من حماية المنشآت لتأمين الحماية اللازمة للمدارس وملاكاتها من التدخلات الخارجية التي يقوم بها البعض من اولياء الامور”.
وكان التهديد العشائري الذي تعرضت له ادارة مدرسة منار الهدى في قضاء كرمة بني سعيد جنوب الناصرية يوم الاربعاء (23 شباط 2022) قد اثار استياء الاوساط التعليمية والمجتمعية اذ وصفته نقابة المعلمين بالاعتداء الآثم والسلوك الخطير الذي يقود المجتمع الى الهاوية.